أَطلُبُ إِلَيكَ أَلاَّ تُعَذِّبَني!؟

منبر 27-10-2025 | 12:52

أَطلُبُ إِلَيكَ أَلاَّ تُعَذِّبَني!؟

"ٱستَحوَذَ الروحُ النَجِس"[  هو نفسه الشيطان أو العدوّ. راجع أيضًا: لوقا 39-27:.]  بطريقةٍ تصاعُديّة على قسم لا بأس به من البشريّة مِن زمانٍ طويل، لأنّ "الإنسان عدُوّ نفسه. 
أَطلُبُ إِلَيكَ أَلاَّ تُعَذِّبَني!؟
تعبيرية (مواقع تواصل)
Smaller Bigger

 الاب ايلي قنبر


 

1. «ما ٱسمُكَ؟» فَقال: «جَوقَة»
"ٱستَحوَذَ الروحُ النَجِس"[  هو نفسه الشيطان أو العدوّ. راجع أيضًا: لوقا 39-27:.]  بطريقةٍ تصاعُديّة على قسم لا بأس به من البشريّة مِن زمانٍ طويل، لأنّ "الإنسان عدُوّ نفسه. يُقال فلسفيًّا أنّ "الشرّ هو فُقدان الخير"[  القدّيس أوغسطينُوس (354 - 430)، أسقف هيبّونا (إفريقيا الشماليّة) وملفان الكنيسة، من كتاب: إنجيلك نور لحياتي.]. نعم، عندما لا نفعل الخير، نكون قد فعَلنا شرًّا[  يوضخ القدّيس أغوسطينوس: "ما يُسمّى شرًّا، لا يوجَد إن لم يوجَد خَير. والخَير الخالي من كلّ شرٍّ هو خيرٌ كامل. أمّا ما يتضمَّن بعض الشرّ فهو خيرٌ فاسد".]. لكن ما هو شرٌّ أكبر و"مُرعِب هو لامُبالاة الأخيار تُجاه قمع الأشرار للضعفاء" على ما أعلَن يومًا مارتن لوثِر كِنغ.


جاء في روايةٍ إنجيليّة[  لوقا  39-27:8؛ ] *"أنّه فيما كان يسوع  "يَأمُرُ ٱلرّوحَ ٱلنَّجِسَ أَن يَخرُجَ مِنَ ٱلإِنسانِ، إِذ كانَ قَد ٱستَحوَذَ عَلَيهِ مِن زمانٍ طويل"، إذ برجلٍ "صاحَ وَخَرَّ لَهُ، وَقالَ بِصَوتٍ عَظيم: *ما لي وَلَكَ يا يَسوعُ ٱبنَ ٱللهِ ٱلعَليّ؟ أَطلُبُ إِلَيكَ أَلاَّ تُعَذِّبَنيلم ينتظر "ابن العليّ" أن يطلب المُعنَرى تحريره، بل بادر  يسوع تِلقائِيًّا إلى ذلك.  لقد لعب الناصريّ دَورًا مِحوَريًّا في تحرير "الإنسان" - كلّ إنسان وكلّ الإنسان - من رِبْق الشرِّير[  لوقا 4: 16-22.]. الرجُل الذي جاءه كان غير موجود بالنسبة إلى مجتمعه، إذ انتُبِذ وعاش بين القُبور. لا بل  "كانَ يُربَطُ بِسَلاسِلَ وَقُيودٍ وَيُحرَسُ، فَيَقطَعُ ٱلرُّبُطَ وَيَسوقُهُ ٱلشَّيطانُ إِلى ٱلبَراري". لِمَ كان مُجتمعه يرى فيه خطَرًا مُحدِقًا بينما أحبَّه يسوع وقام بتَحريره من سَطوة المجتمع عليه؟ "أَطلُبُ إِلَيكَ أَلاَّ تُعَذِّبَني" كما يفعل مُواطِنيَّ:" بِهِ شَياطينُ مِن زَمانٍ طويل. وَلَم يَكُن يَلبَسُ ثَوبًا، وَلا يَأوي إِلى بَيتٍ، بَل إِلى ٱلقُبور". يستَمرِئ الأشرار إزاحة مَن يقِف في وَجهِ ما يُفعلونه، ومُحاصَرته بشَتّى الوسائل غير المشروعة ومن خلال الأشخاص المُرتَبِطين بِهم لإتمام ما يَرَونَه:"«ما ٱسمُكَ؟» فَقال: «جَوقَة» لِأَنَّ شَياطينَ كَثيرينَ قَد دَخَلوا فيهِ". بادَر الناصريُّ دومًا إلى مواجَهة الأشرار عبر تحرير مَن كانوا في قبضَتِهم. في حين نتباطأ نحن في المُبادَرة والمواجَهة أو نتخاذل لنَقصٍ في الرؤية والتحطيط أو لجُبنٍ نُغلِّفه بألفِ عُذرٍ وعُذر.

2. "لا كيان للفَساد يؤهِّله للبقاء"
يَجزم القدِّيس أغوسطينوس أنّ "جميع الكائنات طيّبة، لأنّ خالقها جميعًا بلا استثناء، هو نهاية الطيْبَة"[  القدّيس أوغسطينُوس (354 - 430)، أسقف هيبّونا (إفريقيا الشماليّة) وملفان الكنيسة، من كتاب: إنجيلك نور لحياتي.]. ويَخلص إلى أن "كلّ كائن إذن خير، خيرٌ عظيم، إن لم يمكن فساده".  
يطال الفساد شرائح عدّة من المجتمع، وسيِّئاته وأضراره لا حدَّ لها. فتقاضي الرِشَى والمحسوبيّات في التعيينات الحكوميّة وكشف المواطنات والمواطنين وتعريتهم لصالح سفارتَين غربيّتَين تحديدًا و"ستارلينك"، إلى إخضاعهم للرأسمال المتوحِّش الذي يُملي ما يُريده على حكوماتٍ مزعومة تُنفِّذ بشكلٍ أعمى وفَوريّ الأوامر  لَدليل ساطع على ما يُمكن للفساد فِعله من سوء للمصلحة العامّة.
 على صعيد العالم، يضرب الفساد رؤساء وحكومات وأعضاء مجالس تشريعيّة، إلى أعداد من الأطبّاء والعُلماء والباحثين ولمُختَصِّين بالخوارزميّات الحاسوبيّة والذكاء الاصطناعيّ. فدَورهم لا يوصَف في تمرير ما يُمكن أن يُسيء إلى مصالح العامّة في صحّتها العقليّة والنفسيّة والبدَنيّة والجَندريّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة.
 أمام ما نبتلي من فساد على غير صعيد ومن جهاتٍ عدّة، نعود إلى اغوسطينوس الذي صرَّح: "أمّا إنكار كون (الإنسان) خيرًا، فمستحيلٌ مطلقًا، إلّا عند أحمق أو جاهل. وإن أبادَهُ الفسادُ، فالفسادُ لا يدوم، لأنّ لا كيان له يؤهِّله للبقاء". مفهوم؟
بالعَودة إلى الرواية الإنجيليّة السابق ذِكرها،  نجِد أنّ مَن اساؤوا إلى "المُعتَرى" لم تُدُم سَطوتهم (فسلدهم) عليه: إذ "طَلَبوا إِلَي (يسوع) أَن لا يَأمُرَهُم بِٱلذِّهابِ إِلى ٱلهاوِيَة.[  الهاوية (الشِيُول أو الهاديس): في الأصل إلى العالم السفلي أو القبر كمكان للموتى، وغالبًا ما ترتبط بالمياه البدائية والفوضى التي خرج منها العالم. مع مرور الوقت، وفي بعض النصوص، أصبحت كلمة "الهاوية" مرتبطة بمصير غير مرغوب فيه] وَكانَ هُناكَ قَطيعُ خَنازيرَ كَثيرَةٍ تَرعى في ٱلجَبَل، فَطَلَبوا إِلَيهِ أَن يَأذَنَ لَهُم بِٱلدُّخولِ فيها، فَأَذِنَ لَهُم. فَخَرَجَ ٱلشَّياطينُ مِنَ ٱلإِنسانِ وَدَخَلوا في ٱلخَنازير، فَوَثَبَ ٱلقَطيعُ عَنِ ٱلجُرُفِ إِلى ٱلبُحَيرَةِ فَٱختَنَق". وجاء "مَن في ٱلمَدينَةِ وَفي ٱلحُقول.. لِيَرَوا ما حَدَث. وَأَتَوا إِلى يَسوعَ فَوَجَدوا ٱلإِنسانَ ٱلَّذي خَرَجَت مِنهُ ٱلشَّياطينُ جالِسًا عِندَ قدَمَي يَسوعَ، لابِسًا صَحيحَ ٱلعَقل، فَخافوا. وَأَخبَرَهُمُ ٱلنّاظِرونَ كيفَ أُبرِئَ ٱلمُعتَرى. (...) فَسَأَلَهُ جَميعُ جُمهورِ بُقعَةِ ٱلغَدَريّينَ أَن يَنصرِفَ عَنهُم، لِأَنَّهُ ٱستَحوَذَ عَلَيهِم خَوفٌ عَظيم". أمّا المُعتَرى، فالتفَت يسوع إليه وقال:"*إِرجِع إِلى بَيتِكَ وَحَدِّث بِما صَنَعَ ٱللهُ إِلَيكَ*. فَذَهَبَ وَهُوَ يُنادي في ٱلمَدينَةِ كُلِّها بِما صَنَعَ إِلَيهِ يَسوع".
ختامًا، هل فهمنا أنّ الفساد لا كَيان له وبالتالي لا بقاء؟ هلَّا بادَرنا إلى مُواجَهة الفساد والشرّ تحريرًا لأنفُسنا ولبعضنا بعضًا ليسلم عالمنا وأجيالنا من بعدنا ؟
بولس الرسول توجَّه إلى تيموثاوُس[  2 تيموتاوس 10-1:2
]:"تَقَوَّ في ٱلنِّعمَةِ ٱلَّتي في ٱلمَسيحِ يَسوع". ونحن، هلَّا استَفدنا مِثل القائل والمُستفيد:"أستطيع كلَّ شيء بالذي يُقَوِّيني"؟ لا بل يذهب بولس إلى أبعد في قَوله لتيموثاوُس:"وَما سَمِعتَهُ مِنّي لَدى شُهودٍ كَثيرينَ، إِستَودِعهُ أُناسًا أُمَناءَ، يَكونونَ كُفاةً لِأَن يُعَلِّموا ٱلآخَرينَ أَيضًاً". يجب أن تكبُر كُرة الثلج، أليسَ كذلك؟ 
تذكّروا هذه:"إِن كانَ أَحَدٌ يُجاهِدُ، فَلا يَنالُ ٱلإِكليلَ ما لَم يُجاهِد جِهادًا شَرعِيًّا".




العلامات الدالة

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 11/2/2025 7:34:00 PM
أفادت شبكة "سي أن أن" الأميركية، استناداً إلى مصادر استخباراتية أوروبية، بأن هناك دلائل إضافية على جهود الجمهورية الإسلامية لإعادة تأهيل قدرات وكلائها، وعلى رأسهم "حزب الله"
كتاب النهار 11/3/2025 5:40:00 AM
يكفي الفلسطينيين إساءة الى لبنان الذي حضنهم، وإساءة الى اللبنانيين على مختالف فئاتهم ومكوناتهم
ثقافة 11/1/2025 8:45:00 PM
بصمة لبنانية في مصر تمثّلت بتصميم طارق عتريسي للهوية البصرية للمتحف المصري الكبير.
ثقافة 11/2/2025 10:46:00 AM
"والدي هو السبب في اكتشاف المقبرة، وكان عمره وقتها 12 عاماً فقط سنة 1922."