ورم حميد

منبر 24-10-2025 | 12:38

ورم حميد

للأسف! نحن نعيش بوجهين: وجه نُظهره أمام النّاس، ووجه نغسله قبل النّوم ونعتذر منه. لم يعد الجمال طبيعيًا... كلّ شيء صناعي بامتياز: الشّفاه تُنفخ، الأنف يُنحت، الفكّ يُقص، الحاجب يُرفع!
ورم حميد
تعبيرية (مواقع تواصل)
Smaller Bigger

احلام محسن زلزلة 

 

 

للأسف! نحن نعيش بوجهين: وجه نُظهره أمام النّاس، ووجه نغسله قبل النّوم ونعتذر منه. 
لم يعد الجمال طبيعيًا... كلّ شيء صناعي بامتياز: الشّفاه تُنفخ، الأنف يُنحت، الفكّ يُقص، الحاجب يُرفع!
قد تحتاج شهادة ميلاد أو بصمة إصبع لتتأكّد من هويّة من أمامك!
ثمّة فوضى حقيقيّة! 
في المناسبات، لم نعد نميّز بين الحاضرات، جميعهنّ يملكن حاجبين مرسومين، شفاه البطّة، الذّقن المروّسة. 
 بات التّجميل اليوم طريقة للضّحك على تجاعيد الحياة، والالتفاف على أوزار الزّمن الّذي نحمله على وجوهنا أو جسر عبور إلزاميّ نحو الحياة العصريّة
ناهيك عن مراكز التّجميل غير المشروعة تخرج المتجمّلة بشفاه منفوخة تعيق النّطق، وأنف منحوت يعطّل التّنفس، ووجه مشدود يكبت المشاعر. وإلا تُعتبر "دقّة قديمة"، خارج الذّوق العام! 

 لقد باتت المرأة كقطعة من البرونز، أو مومياء محنّطة من عهد الفراعنة لكن بمكياج مقاوم للزّمن.
هل هو هوس؟ غيرة؟ ضغوط؟ أم أنّ الموضة تتطلّب بعض التّكسير والتّلحيم؟
هل بات هاجس المرأة أن يكون وجهها شبيهًا بوجه فلانة التي تقدّمت في العمر وتظنّ في قرارة خيالها أنّها تبدو أصغر سنّا؟!
ثم تشرح لك صاحبة الوجه المتخشّب أنها قامت فقط بتعديل بسيط، ناعم، طبيعي جدًا!.
حتى الطّالبات دخلن على الخطّ، فأصبح الكُحل والرّوج والكونتور من أدوات القرطاسيّة.
 ولخبيرات التّجميل شأن آخر، فهنّ مثل فرق الطّوارئ يصلن خلال دقائق، تُجري الإسعافات الأوليّة للبشرة، وتُطمئن المريضة أنّ الخدّ المنتفخ طبيعيّ؛ لأنّه ورم حميد بفعل إبر الحقن النّاعمة.
لا أحد يعارض التّجميل، لكن الكارثة حين يتحوّل من تحسين اختياري… إلى شرط للقبول الاجتماعي، ومؤهّل للزّواج، والوظيفة، وحتّى للمشاركة في مباريات ملكات التّجميل!
وعندما نرى إحداهن على طبيعتها نشكّ بأنّنا نعاني قصوراً في النّظر! 
أمّا الأتعس والأتعس؟ فالفاتورة! 
 أصبحت تُقسّط على دفعات وتكلفتها كفيلة بإعادة إعمار البلد مرّتين.
هذه الفاتورة تجعلك تعقدين مصالحة عاجلة مع الله، والعمر، والمرآة!
عزيزتي! الزّمن ليس عدوًا… ولا يمكن تأخير تقدّمه بالفيلر.
فيا حبذا لو نعمل على تحسين الجوهر المسقط من حساباتنا… لا تحسين وجوه خلقها الله في أحسن تقويم. 
واعلمي أنّ الجميلة تزداد جمالًا بالبساطة، أما القبيحة… فكل ما تفعله، تزداد فاتورتها دون تحقيق النّتيجة المرجوّة!
فالجمال الحقيقي لا يحتاج إلى عيادة… بل إلى قناعة.
إنها محاولة بائسة للهرب من الوقت، من الشّيخوخة.
فهل تصلح مراكز التّجميل ما أفسده الزّمن؟
























  
العلامات الدالة