القرار القاتل

منبر 17-10-2025 | 09:08

القرار القاتل

- لماذا تحاربين روحك؟ ‏- أود أن ألقى السلام. لقد تعبت وأنا بحاجة إلى الهدوء والأمان.‏- وهل ستدركين الراحة والطمأنينة إن اتخذت هذا القرار وأقفلت كل درب تصلك بي؟ هل سترتاح الروح فعلاً؟
القرار القاتل
تعبيرية (مواقع تواصل)
Smaller Bigger

‏ريمون مرهج  

 

 

 

- لماذا تحاربين روحك؟ 
‏- أود أن ألقى السلام. لقد تعبت وأنا بحاجة إلى الهدوء والأمان.
‏- وهل ستدركين الراحة والطمأنينة إن اتخذت هذا القرار وأقفلت كل درب تصلك بي؟ هل سترتاح الروح فعلاً؟
‏- لا أدري ولكن علي أن أحاول، علي أن أجرب هذا الأمر. نعم أحبك وأحترمك وأقدرك ولكن لأجل السلام في ربوعي وبين أحبائي يجب أن أتخذ هذا القرار وأنفذه.

 

‏- ملاكي أنت تعلمين أن أي أمر يجلب لك السكينة وراحة البال أنا جاهز لأقوم به ولو كلفني حياتي. المهم أن تبقي بخير وتشعري بالأمان والهدوء وانت تفهمين جيداً ما أقول يا سبب وجودي، فبدون سعادتك لا معنى ولا قيمة لروحي في هذا العالم. ولكن عديني بأنك لن تتهاوني في الاتصال بي ومحادثتي إن لم يتحقق هدفك ولم تشعري بالأمان والراحة من دوني. أنا بالانتظار دوماً فلا تترددي قيد إنملة لأن روحي تحيا في قلبك وإن كنت مضطربة  فأيضاً سأكون على هذا الحال وإن كنت سعيدة ولو كنت أحتسي كأس الألم والحنين فسأشعر بالطمأنينة والفرح الممزوج بدموع حبي الكبير لك.
‏- أعدك يا حارسي الأمين ولن أتراجع عن القسم الذي قطعته لك.
‏إغرورقت عيناه بالدموع وخنقته الغصة الحارقة التي كادت أن تخنقه ثم أحنى رأسه قائلاً: منذ أن التقينا، منذ عشرات السنين وأنا أحترمك يا أميرتي وأحبك حباً طاهراً وجدانياً لم تدركه أفئدة البشر في هذا الزمن.
‏- لماذا هذه الدموع على خدك؟ سوف تبقى الصدف تجمعنا ولو من البعيد وتلمحني ولو لبرهة فتطمئن على ملاكك. 
‏- حسناً أصبت فيما تقولين. ستبقى مقلتاي تريانك في الشوارع حيثما أسير، سأبقى أتنفسك مع كل نسيم يلفح وجهي، سأسمع همسك مع تغاريد الطيور في الطبيعة ولكن كل هذا لا يكفيني كي تبقى روحي حية واشعر بوجود كياني إلا إن عاد ملاك الروح إلى ربوع قلبي وتصافحت يدي بيده ورأيت من بريق عينيه شعاع حبه لي. 
‏حدث غروب عظيم في لحظة الفراق وهبت رياح محملة برمال الألم وبدأت ساعة العذاب تطول بتكاتها وتطرق أنفاسه ببطء عقاربها. مرت أيام من الظلمة المرعبة أقلقته وأرهبت روحه ولكنه كان يتحمل كل هذا لأجلها وكم تعرض لنوبات شجى واكتآب قاس جعله لمرات عديدة يتمنى الموت ليرتاح. كم من المرات سار وحيداً في الدروب الخالية وفي الحقول يصرخ بصمت في أعماقه وتنهمر دموعه فتفضح أوجاعه. في أحد الأيام إنتفض نسر كيانه المجروح ورفرف نحو شفق المنطق والفكر وتنشق بعضاً من شعاعه فسأل نفسه قائلاً: لمَ هذه الهجرة الطوعية؟ لمَ اتخذت قراراً هو خنجر التوجع والحزن لروحها  قبل روحه فهي تحبه وتحترمه في اعماقها ويحيا برابط مقدس جبار يتخطى كل أفكار هذا العالم وبشره فهو ممزوج بنور الطهارة ولمسات الملائكة وبعطر مبادئ وقيم مرصعة ببصمات قلبيهما معاً. اتخذ القرار الجريء الصائب وهو كسر حواجز الغربة القاتلة ورفض هذه القيود التي تخنق روحهما الواحدة شيئاً فشيئاً ومهما كان وعده لها قاطعاً إنما هذا الأمر سيؤدي إلى نهاية الإنسان القاطن في فكرهما ووجدانهما وستسبب باغتيال القوة والبراءة، العنفوان والكرامة المجبولين بمهجتهما وحياتهما.
‏وكالبرق اتصل بها وذهب بروحه كالريح إليها فحدسه نحوها لا يخطئ أبداً لأنه يشعر بها في أنفاسه ونبضات فؤاده فإن فرحت كان يشعر بالسعادة وإن حزنت كان يائساً وحينما وصلت روحه إليها كانت هي بانتظاره وكانت تعلم أن حبيبها لن يقبل ولن يسكت على قرار سيحطمها ولو زعمت أنها ستحظى بالسلام فهو أدرك أنها مخطئة تماماً. ضحكتها كانت أنغاماً تشنّف آذانه وتراقص روحه. 
‏مسك بيدها ورفرفا بجانحي طائر حبهما في فضاء البعيد فوق هذا العالم وتحت أعينهما البشرية جمعاء.



العلامات الدالة

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 11/2/2025 7:34:00 PM
أفادت شبكة "سي أن أن" الأميركية، استناداً إلى مصادر استخباراتية أوروبية، بأن هناك دلائل إضافية على جهود الجمهورية الإسلامية لإعادة تأهيل قدرات وكلائها، وعلى رأسهم "حزب الله"
كتاب النهار 11/3/2025 5:40:00 AM
يكفي الفلسطينيين إساءة الى لبنان الذي حضنهم، وإساءة الى اللبنانيين على مختالف فئاتهم ومكوناتهم
ثقافة 11/1/2025 8:45:00 PM
بصمة لبنانية في مصر تمثّلت بتصميم طارق عتريسي للهوية البصرية للمتحف المصري الكبير.
ثقافة 11/2/2025 10:46:00 AM
"والدي هو السبب في اكتشاف المقبرة، وكان عمره وقتها 12 عاماً فقط سنة 1922."