بين السلام والإخضاع: قراءة في معادلة الإعمار المشروط

منبر 16-10-2025 | 10:56

بين السلام والإخضاع: قراءة في معادلة الإعمار المشروط

أطلّت علينا في الآونة الأخيرة معالم استراتيجية أميركية جديدة للمنطقة، تتجلّى — وفقاً لكلمات الرئيس دونالد ترامب في خُطبتَيه أمام الكنيست الإسرائيلي وفي قمة شرم الشيخ الأخيرة
بين السلام والإخضاع: قراءة في معادلة الإعمار المشروط
عدد من القادة خلال قمة شرم الشيخ (أ ف ب)
Smaller Bigger

بتول الحاج الحسن 



أطلّت علينا في الآونة الأخيرة معالم استراتيجية أميركية جديدة للمنطقة، تتجلّى — وفقاً لكلمات الرئيس دونالد ترامب في خُطبتَيه أمام الكنيست الإسرائيلي وفي قمة شرم الشيخ الأخيرة — برؤية تقوم على الجمع بين القوة السياسية والدبلوماسية والهيمنة الاقتصادية. هذه الرؤية يعاد تغليفها اليوم بعباراتٍ براقة عن «السلام» و«الإعمار» و«الازدهار»، لكن السؤال العميق يبقى: من يملك مفاتيح السلام؟ ومن يضع شروط الإعمار؟

إنّ المتأمّل في مسار الأحداث يلحظ أن المنطقة تتّجه نحو مرحلة أكثر تصعيداً، لا سيما في الساحة اللبنانية التي ستشهد، عاجلاً أم آجلاً، تشابكاً بين الضغط الداخلي والرسائل الخارجية. فالتحركات الأميركية تُدار عبر أدوات داخلية لبنانية وأخرى إقليمية، يُضاف إليها تصعيدٌ إسرائيلي متعمَّد يحمل طابع الردع أكثر مما هو حرب مباشرة. ومع عودة الموفدين الأميركيين والغربيين إلى بيروت، يبدو المشهد وكأنه تحريك مدروس للملف اللبناني في توقيت يخدم معادلة جديدة: "الفوضى المضبوطة" التي تبقي البلاد على حافة الانفجار من دون أن تسمح لها بالاستقرار الكامل.
اللافت أنّ التحركات الأخيرة تظهر الدور المركزي للولايات المتحدة في رسم مسارات "السلام الاقتصادي" في المنطقة، بما يشمل التمويل العربي والإشراف الخارجي على تنفيذ المشاريع. هذا الخطاب يعكس فلسفة "السلام مقابل الازدهار"، حيث يبقى القرار الاقتصادي مرتبطاً بالسياسة الإقليمية، ويُشترط لتحقيق الإعمار توافق معين مع المعايير الدولية والسياسات المعلنة. ومن هنا، يلاحظ أنّ تحقيق الإعمار مرتبط بتنفيذ شروط محددة، فيما تُستعمل الأزمة الاقتصادية وسيلة ضغط غير مباشرة لتوجيه الدول نحو خيارات استراتيجية معينة.
وحين نذكر قمة شرم الشيخ، نستذكر تلقائياً عام 1996، تلك المحطة التي جاءت بعد تصاعد المواجهات في الجنوب اللبناني وغزة، وأعقبتها مباشرةً عمليات عسكرية إسرائيلية جديدة، أبرزها "عناقيد الغضب"، التي خلّفت مجازر مؤلمة أبرزها مجزرة قانا. كان الهدف يومها تثبيت "سلام أمني" لا أكثر، سلام مؤقت هش سقط أمام أول اختبار ميداني. واليوم، يبدو المشهد وكأنه إعادة إنتاج لذلك السيناريو: تفاهمات تُسوَّق بغطاء السلام بينما تحمل في باطنها معادلة القوة والإخضاع.
في المحصلة، ما يجري لا يقتصر على مفهوم السلام أو الإعمار بمفهومهما التقليدي، بل هو عملية إعادة ترتيب للمنطقة وفق خطوط النفوذ الإقليمي. الاستقرار هنا مرتبط بهندسة سياسية واقتصادية محددة تتحكم بمسارات الإعمار وتوجّه التمويل، وتنسّق السياسات المحلية بما يتوافق مع التوازنات الإقليمية والدولية.

 

المقاربة الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة رأي مجموعة "النهار" الاعلامية

 

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

النهار تتحقق 10/15/2025 10:36:00 AM
"الرهائن الإسرائيليون بالبيجامات الكاستور المصرية". ضجة في وسائل التواصل بسبب مشاهد تقصّت "النّهار" صحّتها. 
لبنان 10/15/2025 7:13:00 AM
التفجير استهدف مجدداً حي المساير الذي تعرض سابقاً لأكثر من عملية مماثلة
سياسة 10/15/2025 6:09:00 PM
غارة من مسيرة تستهدف رابيد على طريق صديقين وأنباء عن إصابات
سياسة 10/15/2025 10:23:00 PM
 طارق متري يستنكر تسريب جوازات السفر الخاصة بالوفد السوري الذي زار لبنان أخيراً، واصفاً هذا التصرف بأنه غير مقبول.