من التراب إلى أيلول!

نعمت كريدلي
ابتُلَّ تراب أيلول بالأنين،
فتهجّر عطره بين صخبٍ وسكون؛
صخبُ التمرّد على الوتين
وسكون فوّهة حنينٍ مجنون.
أيّها الأيلول جنوبي لا تلوم!
وهل يلام الزّهر إن تساقط الليمون ؟
هذه الأرض رغم الطوفان صمدت
في وجه آكلي الحضارة والقانون.
قل لهم إنّ الأوطان لا تُسرق،
بل تنبت كالجذور من الغصون.
قل لهم إنّ قمرهم سيغرق،
سيُطفأ كشمعٍ طاردته السجون!
مهما وسوسوا وحربسوا التاريخ،
فلبناني متجذّر في العيون.
أيتام الهويّة وطني يريدون،
وأنا جنوبية أغمّس الثورة بالزيتون!
أخبرهم أنّ الحداثة لا تدوم،
ألم يسمعوا عن هرم ابن خلدون؟
نحن في قعره، هم في ذروته،
وبعد الترف للإنهيار سيخضعون.
كأوراق تشرين كلنا ذاهبون،
والحقيقة ستُعرّي شتات صهيون.
من فتح شهيتكم على أرضي؟
أأساطير بابل؟ أم سومر مدفون؟
وكيف حوّلتم معتقداً عرضياً
لوحشٍ يلتهم التراث بالطاعون.
أيا أيلول لا تجفّف وردي،
فحكام بلدي سلبوا المطر من كانون،
أولئك كالوباء يتكاثرون
كأورام النزاع، كأفاعي فرعون.
زرعوا الجحيم في مرقدي،
وفي موطني سلاماً مرهون!
أيلول مشوارنا فيه سيول،
وسفينة إنتمائنا لن تنجو بالأفيون!
أيها الأيلول أبرِقْ وطنية المسؤول،
فشعبي مصاب بتبعية الديون؛
أيقظه من غفوته، من هفوته؛
علّمه أنّ الدولة علم وفنون.
أيا أيلول! شذّبه حضارة لاتزول
أثمِرْه منتجِاً، بالحرية مشحون!