لاريجاني في بيروت: الميليشيات خط نووي أحمر!

د. عاصم عبد الرحمن
لم يأتِ حضور علي لاريجاني إلى بيروت من فراغ، بل في لحظة إقليمية ودولية مشحونة. فبينما ينشغل العالم بمصير المفاوضات النووية مع طهران، اختارت القيادة الإيرانية أن تبعث برسالة مباشرة: من يتوهم أنّ إيران قد تساوم على نفوذها في لبنان كما تفعل في ملف تقني، فهو واهم.
لاريجاني سفير الولي الفقيه
لا يمكن النظر إلى لاريجاني كمجرد مسؤول سابق أو مبعوث عابر، بل هو حامل رسالة صريحة من خامنئي نفسه: سلاح حزب الله خط أحمر. فالميليشيات، في نظر طهران، ليست ورقة ثانوية بل امتداد استراتيجي للمشروع النووي، والتخلي عنها يساوي التخلي عن أجهزة الطرد المركزي في نطنز.
الزيارة والحزب
عمليًا، جاءت الزيارة بمثابة "شهادة ولاء" جديدة للحزب. إنها طمأنة واضحة بأن الدعم المالي والعسكري والسياسي مستمر، وأن إيران لن تفرّط بذراعها الأقوى في المشرق. بالنسبة لطهران، أي تراجع في جبهة الضاحية يساوي خسارة في ميدان التفاوض مع الغرب.
رسالة إلى الغرب
لاريجاني لم يخاطب بيروت وحدها، بل أيضاً واشنطن وباريس وبروكسل. المعادلة التي طرحها واضحة: من يريد تفاهمًا مع إيران حول النووي، عليه أن يتعايش مع حزب الله وسائر أذرعها. إنها صيغة ابتزاز جديدة: اليورانيوم المخصب مقابل صواريخ الضاحية.
الشظايا في لبنان
في الداخل اللبناني، الزيارة عمّقت الانقسام. القوى الموالية لطهران اعتبرتها دعماً للأصدقاء، فيما رآها كثير من اللبنانيين دليلاً إضافياً على أن بلادهم تُدار كملحق لمشروع ولاية الفقيه. بالنسبة لهؤلاء، سلاح حزب الله هو العقبة الأولى أمام قيام دولة سيدة ومستقلة.
الدلالات الاستراتيجية
إيران توحّد بين النووي وميليشياتها وترفض الفصل بينهما.
حزب الله أداة تفاوض لا تقل أهمية عن أجهزة الطرد المركزي.
مستقبل لبنان يُقرَّر في طهران لا في بيروت.
المطلوب من القوى الرافضة
أمام هذه الوقائع، يقف اللبنانيون والعرب أمام خيار مصيري:
كسر رواية "المقاومة" وكشف الحزب كميليشيا تابعة لطهران.
بناء جبهة وطنية عابرة للطوائف، أولويتها السيادة ونزع السلاح.
تحريك الرأي العام العربي والدولي لرفض تحويل لبنان إلى ورقة مساومة.
دعم البدائل الديمقراطية والسيادية التي تُمكّن اللبنانيين من تقرير مصيرهم.
زيارة لاريجاني لم تغيّر المعادلة بل ثبّتتها: لا تنازل عن النووي ولا عن الميليشيات. لكن في المقابل، فإن القوى الوطنية والشعوب الحرة مدعوة أكثر من أي وقت مضى إلى رفع الصوت: لبنان ليس محافظة إيرانية، والمستقبل لا يمكن أن يُكتب بمداد الحرس الثوري.
المقاربة الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة رأي مجموعة "النهار" الاعلامية