"التيك توك" يمضي نحو امتلاك مكانته الرقمية الباحث عبد الحميد الملا: كنت واثقاً بأنه سيكون في الطليعة
علي العزير
من الواضح أن تطبيق "تيك توك" يشهد، في مساره الراهن، مخاض تحول من طابع مفصلي. الأرجح أن الزمن الذي كرّس هذا التطبيق بوصفه مصدراً سرياً، وسحرياً، للأموال المشبوهة قد ولّى إلى غير رجعة، كما أن المرحلة التي صنفت مدّعي الطرافة بوصفهم نجوماَ يعترضهم المارة لالتقاط الصور التذكارية معهم قد صارت من الماضي. أغلب الظن أن الفترة المقبلة ستكشف الكثير من التفاصيل المضيئة لحقيقة ما شهدته القنوات والكواليس السرية المرتبطة بالتطبيق الغامض.
المرجح أيضاً أن انكشاف المخبوء والمستور لن تقتصر مهمته على تجريم وإدانة مستغلي الـ "تيك توك" لأهداف ملتبسة. هي ستنصف أيضاً من أحسنوا توظيفه في تقديم الفائدة لمتابعيه. وقد كان لعملية الانسحاب العشوائي التي مارسها الواقعون تحت مدار الشبهة أن أفسحت المجال لظهور أصحاب النوايا الطيبة، والجهود المخلصة، ممن كانوا حريصين على استثمار الجانب الإيجابي من المنصة التي أسيء استغلالها، مع أن التجربة أثبتت احتواءها وانطواءها على الكثير من قابلية المنفعة.

المؤثر عبد الحميد الملا، المقيم في مدينة جنيف السويسرية، هو أحد قلة خاضت تجرية الـ "تيك توك" من جانبها الإيجابي، حيث استثمر موسوعيته المعرفية الهائلة في منح العدد الهائل من متابعية، الذين يقارب عددهم المليون ونصف مليون متابع، فرصة نادرة لاستيعاب الوقائع الغامضة، متّكئاً في سعيه على جهد استثنائي ساعده على استدراج المعطيات العلمية وتثميرها، حيث شكلت بثوثه وفيديواته وسيلة مضمونة لسبر أعماق الحقائق المستترة في أحشاء التاريخ والجغرافيا والتكنولوجيا والتقنيات الحديثة، لم يكن الفلك بمنأى عن تداعيات التجربة.
بكثير من التواضع والموضوعية يروي الملا تجربته التي يشعر حيالها بالقبول والرضى:
"منذ بداية معرفتي به تعاملت مع "تيك توك" بوصفه فرصة نادرة لتصدير ما اختزنته من معلومات على امتداد عمري بأكمله. وسرعان ما لمست تجاوباً مشجّعاً من المتابعين التائقين إلى المعرفة. هم تلقفوا التجربة بكثير من الترحيب، ليمنحوني بذلك حافزية العطاء. هكذا اكتملت الدائرة جامعة بين متحمّس للأخذ وراغب في العطاء. ولا تزال تدور في سياق من الإنجاز المتراكم المحرض على المزيد منه".
وحول ما إذا كانت علامات الاستفهام، التي أحاطت بـ "تيك توك"، قد دفعته إلى التعامل معه بشيء من الحذر. يقول الباحث الملا: "منذ البدء كنت موقنا بأنه اكتشاف مبهر يساعد، إذا أحسن استغلاله، على الارتقاء بالذات المعرفية نحو ذرى شاهقة. كما كنت، ولا أزال، على يقين مقيم بأنه سيأخذ مكانه ومكانته بعيداً عن كلّ ما يحيط به من شوائب والتباسات".
عن توقعاته المستقبلية يؤكّد الملا واثقاً: "سيكون الـ "تيك توك" وسيلة طليعية في عالم "السوشيل ميديا"، متخطّياً سائر الوسائل الرديفة، لما يمتلكه من أدوات تمثل قيماً مضافة في عالم التواصل الافتراضي، بل أكاد أجزم أنه إذا لم تبادر المنصات الموازية إلى رأب الصدع القائم بينها وبينه فإن استمرارها سيكون موضع شك. ولنتذكر أن الـ "تيك توك" وحده بين مختلف مكونات العالم الرقمي قد استدرج مواجهة بين الصين والولايات المتحدة الأميركية. ولا بدّ لهذا أن يعني الكثير".
نبض