خمسون عاماً من العزلة
المحامي علي محيدله*
بين حربي 1973 و2023 تغيرت معالم الشرق الأوسط وتبدلت موازين القوى وتعدلت الخرائط كما معطيات كثيرة، منها ما له علاقة بطريقة جمع المعلومات السرية وكشفها، حيث إن حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973 تم تسريب أسرارها وكشفها قبل اندلاعها، كما حال حرب حزيران/يونيو 1967 حيث تحرك الإسرائيلي قبل شنها بسبب تمكنه من اكتشاف خطط التحضير لها، أما حرب عام 2023 فإن تفاصيل التقنيات التكنولوجية المستعملة (الغيبية في بعض زواياها) تدفعنا إلى الاستهجان حول معرفة الإسرائيلي بها قبل وقوعها، إذ إنه كان يستبيح البر والبحر والهواء والترددات كما المعطيات الميدانية عبر مراقبة المعابر الحدودية على مدار الساعة، إذ يرى بعضهم أنه سمح وغض الطرف عن تنفيذها بسبب حاجته إلى 11 أيلول/سبتمبر جديد على أرضه - وذلك بمعزل عن تضحيات الفلسطينيين وإيمانهم بقضيتهم - من أجل استغلاله تمهيداً لتغيير واقع المنطقة عبر الحرب التي شُنت، والتي كانت حرباً دولية الدعم والإشراف من أجل تنفيذ الخطة المرسومة، كما حال حرب 1973 التي سُمح للمصري بأن يسجل بعض النقاط تمهيداً لتوقيع اتفاقية سلام وسحبه من منظومة العداء لإسرائيل.

لا يتم شيء في منطقتنا إلا يكون صنيعة الأميركي، منذ اتفاقية كامب دافيد، وعدم موافقته على توقيع لبنان لاتفاقية 17 أيار/ مايو، كما تدخل الأميركي لإيقاف الحرب الأخيرة على لبنان والذي كان سبباً لتوقفها، بالإضافة إلى مخاوف الإسرائيلي من تكبد خسائر بشرية كبيرة من جراء التدخل البري وعدم توقعه المفاجآت التي قد تنتظره، فالأميركي منذ خمسينيات القرن الماضي شريك فاعل وأساسي في النظام اللبناني، إذ تقاسم وتبادل الأدوار والمغانم على الساحة اللبنانية، بداية مع عبد الناصر ثم مع حافظ الأسد، وأخيراً مع الإيراني، حتى استفاد من تداعيات الحرب الأخيرة حيث استغل وطالب بتسييل نتائجها، إذ استأثر وتفرد بالقرار فلعبها "صولد وصولو". وما علينا كلبنانيين إلا انتهاز هذه المرحلة واعتبارها فرصة لبناء مستقبل أفضل وفقاً للوعود الأميركية...
ونلاحظ صمت الروسي والصيني وتقبلهما بهذه المستجدات، ولم يظهر بعد أين سيعود ذلك عليهما من فائدة في رقعة أخرى. كل المعطيات والتطورات والمواقف الدولية بالاعتراف بدولة فلسطين تشير إلى تطور في هذه المواقف وتنفيذ ما هو مرسوم من مخطط سلام دون أي عوائق...
- المقاربة الواردة لا تعكس بالضرورة رأي مجموعة "النهار" الإعلامية.
نبض