ماذا يُعطي ٱلإِنسانُ فِداءً عَن نَفسِهِ؟

منبر 22-09-2025 | 10:24

ماذا يُعطي ٱلإِنسانُ فِداءً عَن نَفسِهِ؟

بهذه الكلمات نفهم مَن هو "المسيح" المَوعود به: "أَحبَبتَ ٱلبِرَّ وَأَبغَضتَ ٱلإِثم، لِذَلِكَ مَسَحَكَ ٱللهُ إِلَهُكَ بِدُهنِ ٱلبَهجَةِ أَفضَلَ مِن شُرَكائِكَ"، فـ"ٱملِك في سَبيلِ ٱلحَقِّ وَٱلدَّعَةِ وَٱلبِرّ.. يسوع هو الـ"بارُّ"، "وأنّ كلَّ مَن يصنع البِرّ مولودٌ منه" و"هو بارٌّ" مِثله. 
ماذا يُعطي ٱلإِنسانُ فِداءً عَن نَفسِهِ؟
تعبيرية
Smaller Bigger

الاب ايلي قنبر 

 

 

 

1. "أَحبَبتَ ٱلبِرَّ وَأَبغَضتَ ٱلإِثم"
بهذه الكلمات نفهم مَن هو "المسيح" المَوعود به: "أَحبَبتَ ٱلبِرَّ وَأَبغَضتَ ٱلإِثم، لِذَلِكَ مَسَحَكَ ٱللهُ إِلَهُكَ بِدُهنِ ٱلبَهجَةِ أَفضَلَ مِن شُرَكائِكَ"، فـ"ٱملِك في سَبيلِ ٱلحَقِّ وَٱلدَّعَةِ وَٱلبِرّ.. يسوع هو الـ"بارُّ"، "وأنّ كلَّ مَن يصنع البِرّ مولودٌ منه" و"هو بارٌّ" مِثله. 
أمّا في ما خصّ التزام يسوع حُبّ البِرّ ونَشره ورَفض الإثم، فأمرٌ جوهريّ يجعلُه يتقدَّم على البشَر ببَذله حياته "بِرِضاه" في سبيل الأحبّة. وقد جاء في مَهمَّةٍ "تاريخيّة" حقًّا وارتبط عاطفيًّا بأحبَّته - "خرافه" و"بخرافٍ أُخَر ليست من هذه الحظيرة". لهذا يُحبُّني الآب، لأنّي ابذل نفسي لآتي بها أيضًا".

 

 

 

أمّا القائل "إنني في مَهمَّة تاريخيّة وروحانيّة ومرتبط عاطفيًّا برُؤية إسرائيل الكبرى"، فهو ميّالٌ إلى الإثْم لأنّه بِلَا روحانيّة وبِلَا دين. لا عاطفةَ لدَيه ولا رحمة ويرتكب الشُرور بِلَا هَوادة وبِلَا توقُّف كي لا يدخل السِجن هو وزوجته "في قضية فساد تتعلّق بتلقّي هدايا فاخرة من رجال أعمال في مقابل امتيازات". ولقد أدانت المحكمة الجنائيّة الدُوَليّة نتِن-ياهُو وعددًا من وزرائه وعسكره بارتكاب "جريمة الحرب المتمثِّلة في التَجويع كوسيلة حرب، بالإضافة إلى جرائم ضدّ الإنسانية منها القتل العَمْد والاضطهاد وأفعال لاإنسانية أخرى". هو يرى اعداءه  ويُعاملهم كما وزير حربه يُوآف غالانت: "لن تكون هناك كهرباء، ولا طعام، ولا وقود... إننا نحارب حيوانات بشريّة وسنتصرّف على هذا الأساس". 
أمّا حديثه عن "إسرائيل الكبرى"، فيَعني الاعتداء على كَيانات أو دُوَل والاستيلاء عليها. إذ لا يعترف الكَيان الصهيونيّ بحدودٍ له موثَّقة في الأُمم المتَّحدة. لا بل حكى نتِن-ياهو عن "شرق أوسط جديد" ينوي حُكمه. فالصهيونيّة تريد السيطرة على العالم وإقامة "حكومة العالم الواحدة" كما جاء في "بروتوكولات حُكماء صهيون" ومطبوعات "شُهود يَهوَه". 
2. "مَن أَرادَ أَن يُخَلِّصَ نَفسَهُ يُهلِكُها"
كنتُ أتصفّح قبل يومَين منصّة فيسبوك، فوَجدتُ هذا النصّ: "سوف اخجل يوماً. بيوم قَتل الاطفال وحرقهم نفسه وتهجير الالاف في غزة، كنت في الكنيسة اصّلي للفقرا ء والمساكين. وذهبت الى مطعم فخم لتناول الغداء مع الاصدقاء. على امل ان اكون مسيحياً حقيقيًا يوما ما". هل يكون الشخص في النصّ السابق فهِم معنى كلام يسوع: "مَن أَرادَ أَن يُخَلِّصَ نَفسَهُ يُهلِكُها، وَمَن أَهلَكَ نَفسَهُ مِن أَجلي وَمِن أَجلِ ٱلإِنجيلِ فَذاكَ يُخَلِّصُها"؟ علّم الإكليروس - الغربيّ الهوَى - الناس أن يجب أن يُخلِّص المرء نفسه بالصلاة وإماتة النفس وبِقَمعها. وما هو أدهى، فقَبل أن نتناول طعامنا نُصلّي لكي يرزق الله الفقراء والمساكين طعامًا، ونرفع صلاتنا هذه من أماكن فخمة فاحشة التكلفة. هنا نتذكَّر موقف يسوع من تلاميذه (يوم قالوا له أن يُرسل الناس الذين تابعوه طوال اليوم ليبتاعوا طعامًا) كما أدرجه مرقس، إذ اجابهم: "أعطوهم أنتم ليأكلوا". كان يسوع يُدرِك حقًّا أنّ الناس "كانوا (ولمّا يزالوا) كخِرافٍ لا راعيَ لها".
وبالكلام على الإبادة الجَماعيّة التي تطاول الفلسطينيِّين، فقد ضربَ الوَعيُ باقةً من الأساقفة والكهنة في روما (عَ قبال عِنّا) إذ قامت مبادَرة تحتَ مُسَمَّى شبكة "كهنة ضد الإبادة الجماعيّة". وهي بمثابة "ضميرٍ جَماعيٍّ يُعبّر عن موقف تاريخيّ". أصدرَوا بيانًا  يُعيدون فيه "مأساة الشعب الفلسطيني ... إلى جذورها الممتدة منذ عام 1948، تاريخ قيام الكيان الصهيونيّ الاستيطانيّ". قراءةٌ تتأكَّد أكثر حين يُطالب البيان بـ"تحقيقات مستقلّة وعادلة في حوادث 7 أكتوبر 2023، وما جرى قبلها وبعدها". وتجرّأوا على الدعوة إلى "نزع سلاح إسرائيل" منعًا لمزيد من قتل الأبرياء. وزادوا جرعة شجاعتهم إذ وجَدوا أنّ الاحتلال "منظومةُ عنفٍ مُمَنهَجَة لا يُمكن أن تُقابل سِوى بالمطالبة بتَفكيك أدواتها". يا لَروعة صرخة الحقّ المُدَوِّية! وهكذا نُحقِّق كلام يسوع: "َمَن أَهلَكَ نَفسَهُ مِن أَجلي - أنا المُتَماهي مع المظلوم - وَمِن أَجلِ ٱلإِنجيلِ فَذاكَ يُخَلِّصُها". على أن يَتبع - عندنا وعندهم - تلك الصرخة التشبيك مع المجتمع الأوسع (نقابات وأحزاب وتيّارات سياسيّة وهيئات مجتمع مدَنيّ) ووَضع خططٍ ملموسة للتحرّك القانونياإلذى يشجيع المؤمنات والمؤمنين على الالتزام بالمُقاطعة الاقتصاديّة لمُنتَجات الكَيان الغاصِب ومقاطعة المناسَبات (أنشطة رياضيّة وثقافيّة وفنِّيَّة وسِواها) التي يمكن أن يشترك فيها ذاك الكَيان العنصريّ والمُجرِم.
3. "بالناموس مُتُّ للناموس، لكي أحيا للّه"
الشرائع الدينيّة وُضِعَت لتصويب بوصلة الإنسان نحو الحقّ والعدالة، خدمةً جُلَّى للمُستَضعفين والمظلومين والمغدورين من الناس. ومَن ينتمي إلى يسوع ويتتلمذ عليه، يَسمو على تلك الشرائع لأنّه "يحيَا لِلَّه". هو حُرٌّ يسير بهَديِ الحبّ نفسه إذ "هو أحبَّنا أوّلًا: "إن سلَكنا في النّور كما هو في النّور، فلَنا شرِكة بعضُنا مع بعض". ولا يُبغِض أحدُنا الآخَر. بل "يُحِبُّ" الإخوة "ولا يُغلِق احشاءه عن المحتاج منهم" بل"يبذل نفسه لأجلهم. ويستطيع أن يُعلِن: "وَما أَحياهُ ٱلآنَ في ٱلجَسَدِ إِنَّما أَحياهُ في ٱلإيمانِ بِٱبنِ ٱللهِ، ٱلَّذي أَحَبَّني وَبَذَلَ نَفسَهُ عَنّي"، أليسَ كذلك؟

العلامات الدالة

مواضيع ذات صلة

9/25/2025 10:49:00 AM

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 10/8/2025 3:44:00 AM
أقدم شقيق النائب الأردني السابق قصي الدميسي على إطلاق النار من سلاح رشاش تجاه شقيقه عبد الكريم داخل مكتبه، ما أدى إلى وفاته على الفور.
اقتصاد وأعمال 10/7/2025 5:24:00 AM
سترتفع كلفة تسديد مفاعيل التعميمين من نحو 208 إلى 260 مليون دولار شهريا، بزيادة نحو 52 مليون دولار شهريا
لبنان 10/6/2025 11:37:00 PM
افادت معلومات أن الإشكال بدأ على خلفية تتعلق بـ "نزيل في فندق قيد الإنشاء تحت السن القانوني في المنطقة".
لبنان 10/7/2025 1:21:00 PM
 النائب رازي الحاج: ابتزاز علني لأهل المتن وكسروان وبيروت