منبر 16-09-2025 | 13:33

القمة الإسلامية والعربية في الدوحة: من الإدانة إلى صناعة القرار العربي الصلب!

لم تعد القمم العربية والإسلامية مجرد منصات لإلقاء الخطب وتكرار بيانات الإدانة والاستنكار. القمة التي احتضنتها الدوحة هذه المرة جاءت مختلفة بكل المقاييس
القمة الإسلامية والعربية في الدوحة: من الإدانة إلى صناعة القرار العربي الصلب!
أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وهو يترأس القمة العربية الإسلامية الطارئة لعام 2025 في الدوحة (أ ف ب)
Smaller Bigger

محمد عبدالله 

 

لم تعد القمم العربية والإسلامية مجرد منصات لإلقاء الخطب وتكرار بيانات الإدانة والاستنكار. القمة التي احتضنتها الدوحة هذه المرة جاءت مختلفة بكل المقاييس، إذ سبقها حادث خطير حين استهدفت إسرائيل في التاسع من أيلول\سبتمبر العاصمة القطرية بهجوم عدواني طال ما زعمت أنها مقار للمفاوضين الفلسطينيين وقيادات من حركة "حماس"، في محاولة لإرباك الوفد المفاوض وكسر إرادة المقاومة. الهجوم فشل، لكنه فجّر غضباً عربياً وإسلامياً واسعاً، ما جعل القمة تتحول إلى نقطة تحول تاريخية يتطلع اليها البعض من مجرد منصة بيانات إلى غرفة عمليات لصناعة القرار العربي الصلب.
اجتمعت الدول هذه المرة لا لتبادل المجاملات، بل لوضع خارطة طريق حقيقية تعيد الى الأمة صوتها وهيبتها، وتؤسس لمرحلة جديدة من العمل العربي والإسلامي المشترك القائم على الفعل وليس على رد الفعل، مع قرارات واضحة وخطوات عملية تهدف الى حماية الأمن القومي العربي والإسلامي والدفاع عن القضية الفلسطينية في مواجهة التحديات غير المسبوقة.

 

 

انها لحظة مفصلية أعادت رسم خريطة التضامن العربي والإسلامي. 
 القمة الإسلامية في قطر بدورتها الخامسة عشرة لم تكن  كسابقاتها من القمم التي اعتادت الاكتفاء ببيانات الإستنكار والإدانة.
هذه المرة كان السياق مختلفاً، والحدث استثنائياً بكل المقاييس. 
هذا الاعتداء شكّل نقطة تحوّل كبرى في المواقف الإقليمية، إذ دفع الإعتداء نحو وحدة غير مسبوقة بين 57 دولة عربية وإسلامية أعلنت تضامنها مع قطر، وأكدت أن أي اعتداء على دولة عضو في منظمة التعاون الإسلامي هو اعتداء على المنظومة كلها.
لقد أعادت هذه اللحظة الأمل في إحياء اللحمة العربية والإسلامية بعد سنوات من الانقسام، وأثبتت أن الأمن الجماعي العربي – الإسلامي لا يزال ممكناً إذا توافرت له الإرادة السياسية.
خلال السنوات الماضية، انشغل الخطاب العربي بموجة التطبيع مع إسرائيل، وشهدنا انفتاحاً غير مسبوق من بعض الدول الخليجية على تل أبيب. لكن الغارة الإسرائيلية على قطر قلبت الطاولة على إسرائيل نفسها، وكشفت هشاشة مشروعها الإقليمي الذي بنت عليه الكثير من رهاناتها. بل وضعت حلفاءها الجدد أمام ضغوط شعبية متصاعدة لوقف مسار التطبيع، وإعادة النظر في حساباتهم السياسية.
الأخطر أن استهداف قطر - الدولة التي تمثل الوسيط الأهم في أي عملية تفاوضية تخص القضية الفلسطينية - يشي بنية إسرائيلية لنسف العملية السياسية من جذورها، وجرّ المنطقة إلى حافة الانفجار. وقد كان لافتاً أن مجلس الأمن الدولي دان الهجوم، وأن واشنطن، بما في ذلك الرئيس ترامب، أعلنت دعمها للدوحة ورفضها أي خطوات تقوّض مسار المفاوضات، في مؤشر إلى أن إسرائيل تخسر حتى غطائها التقليدي من بعض القوى الكبرى.
قطر بدورها خرجت من الأزمة أكثر قوة وصلابة، وأثبتت أنها لاعب لا يمكن تجاوزه. واللافت أنها تعرضت في العام نفسه لهجومين متناقضين من إيران وإسرائيل، ما يعكس حجم تأثيرها في المعادلات الإقليمية.
إن قمة الدوحة لم تكن مجرد اجتماع بروتوكولي، بل أشبه باستفتاء سياسي على دور قطر الإقليمي ومركزية القضية الفلسطينية. الحضور الرفيع والمواقف الواضحة التي صدرت عن القادة العرب والمسلمين بعثت برسالة أن العالم الإسلامي قادر على توحيد كلمته متى تعلق الأمر بقضايا تمس الأمن الجماعي والكرامة الوطنية، رغم كل الخلافات السابقة.
ورغم التوترات الميدانية التي افتعلتها إسرائيل في سوريا ولبنان وغزة حتى عشية القمة، فإن أجواء القمة فتحت الباب أمام مرحلة جديدة عنوانها استراتيجية عربية - إسلامية موحدة تقوم على ركائز واضحة:
1-
تعزيز الديبلوماسية المشتركة: إنشاء لجنة دائمة منبثقة عن منظمة التعاون الإسلامي لمتابعة أي اعتداءات على الدول الأعضاء وتنسيق الردود السياسية والإعلامية.
2-
إعادة الاعتبار الى القضية الفلسطينية: تحويل الدعم السياسي إلى خطوات عملية في المحافل الدولية، ودعم الدعاوى القانونية ضد الاحتلال.
3-
إحياء العمل العربي المشترك: بناء منظومة اقتصادية وأمنية تقلل الاعتماد على القوى الخارجية.
4-
تثبيت دور قطر كوسيط رئيسي: دعم جهودها في الوساطة وتوسيع دورها في الملفات الإقليمية بما يعزز الاستقرار ويمنع الانفجار الشامل.
إن اللحظة التي صنعتها قمة الدوحة فرصة تاريخية، وإذا ما أحسن استثمارها فقد تكون بداية إعادة رسم توازن القوى في المنطقة، وفتح الباب أمام سلام عادل حقيقي، لا مجرد شعار يرفع في البيانات الختامية.

 

 

المقاربة الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة رأي مجموعة "النهار" الاعلامية

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

العالم العربي 9/15/2025 8:43:00 PM
 خلف الحبتور: في موقف يعكس غطرسة لا حدود لها، يخرج رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو ليأمر سكان غزة بإخلاء مدينتهم، وكأنها ملك له يوزع أهلها كما يشاء
المشرق-العربي 9/12/2025 12:25:00 PM
إقفال منتجع "إكس بيتش" في منطقة وادي قنديل في محافظة اللاذقية.
شمال إفريقيا 9/15/2025 11:56:00 AM
محاكمة سيدة متهمة بقتل زوجها وأطفاله الستة في قرية دلجا التابعة لمركز ديرمواس بمحافظة المنيا
لبنان 9/14/2025 2:53:00 PM
 تغيير مسار طائرة تابعة لشركة طيران الشرق الأوسط المتجهة من بيروت إلى مطار هيثرو في لندن بسبب عارض صحي أصاب أحد الأطفال