بين الوفاء والمستحيل
ريمون مرهج
انا صادق سأفي بعهدي، لكن روحي تنازع، تطلبك.
في لحظات الحزن أحتاجك، في لحظات الفرح أود لقياك.
أنا صادق سأبتعد كما وعدتك ولكن كياني وأنفاسي تهددني بالرحيل.
ماذا أفعل لأبقى على العهد؟ هل من طريقة لتبقى مهجتي حية؟ لأتنفس الوجود؟.
أقسمت لك أنني سأهجر ولكن كيف لجسدي وحده أن يفي بإلتزاماته معك وأن يبقى حياً أيضاً من دون الروح؟
لقائي بك عيش ووجود، فكيف لي أن أطبق ميثاق رسمته لروحي من دون أن تهوى وتسقط وتزول؟
يقولون لنا في الكتب الفلسفية والعلمية أن المشاعر تذوب ثم تندثر مع مرور الزمن، لكن رابطنا تخطى الوقت والأمد وغداً خارج هذه الأرض وروزنامتها الزمنية. فيا سيدتي قلت لك أفعل أمراً لأجل سلامك وأمانك ولكني سأخسر نفسي. وهل ستدركين أنني إستشهدت لأجلك؟ هل ستعلمين أنني كي أبقى على وعدي لك قبلت لروحي أن ترحل من جسدي؟
طلبتِ مني الرحيل فترة ولكنك لن تجديني إن رضيت قضاء تلك الفترة، لأنني ضعيف من دونك، فأنتِ نقطة قوتي وجاذبية الحياة في أعماقي.
هل يستطيع السمك أن يحيا بلا ماء؟ وهل تستطيع مروج الزهور أن تستمر بلا مطر؟ كيف للنسر أن يحلق وجناحاه مكسوران، وفي هذه الحال لا معنى لحياته ولا لكيانه فهو من يطاول الغيوم ويحلق فوق الجبال ويرى بعينيه العالم تحت أقدامه.
نعم يا ملاكي، أنا صادق في كل كلمة وكل أمر طلبته، لكن أن أبتعد وأهجرك؟ فأنا كاذب رغماً عني، وهذا يعني إعدام روحي ونهايتي، ولو أن إعدامي من البشر جميعاً سيكون بقربك لقبلت ولما ترددت قيد أنملة لانني في قربك لا موت بل حياة لروحنا معاً وللأبد وما بعد هذا العالم.
انا صادق في كل امر تطلبينه إلا هجرانك فأنا كاذب، كاذب، كاذب...
نبض