أنا سيلين حيدر… عدتُ إلى الحياة أقوى

"أنا سيلين حيدر… عدتُ إلى الحياة أقوى".
بهذه الكلمات تختصر لاعبة كرة القدم اللبنانية قصّتها الاستثنائية، بعدما تحوّلت من نجمة واعدة على المستطيل الأخضر إلى ضحية شظيّة أصابتها جرّاء قصف إسرائيلي طال الضاحية الجنوبية لبيروت في 16 تشرين الثاني/نوفمبر 2024، فأدخلها في غيبوبة طويلة بين الحياة والموت. لكن سيلين التي لم تتجاوز العشرين عاما، خاضت أصعب مباراة في حياتها لتعود بعدها أكثر صلابة وإصرارا على التمسك بالحياة وحلمها الكروي.
تستعيد لحظة استيقاظها الأولى من الغيبوبة، فتتذكر التفاصيل الدقيقة التي عاشتها خلالها: "كنت في الغيبوبة أسمع فيروز مع والدي صباحا، كأنني في البيت. وعندما فتحت عيني بعد فترة، بدأت أستعيد هذه اللحظات. سألته: هل كنت تُسمعني فيروز في الصباح؟" كانت اللحظة الأولى صادمة، لكنها حملت معها بوادر العودة إلى الوعي والحياة.
بعد فترة قصيرة، واجهت سيلين الحقيقة الصعبة: "أخبروني أنني كنت مصابة، وأن يدي ورجلي لا تتحركان. لم أستوعب الأمر في البداية، حتى أروني الفيديو الذي وثّق إصابتي". ومع ذلك، لم يثنها الألم عن الإيمان بالحياة: "ما إن فتحت عيني حتى شعرت بالصدمة، وقلت في نفسي: "يلا، كنت استشهدت".
في اللحظات الأولى للوعي، كتبت على لوح أفكارها كلمات موجعة: "أحلامي احترقت". لكنها سرعان ما وجدت القوة لتستمر: "رغم شعوري بأن أحلامي احترقت، اليوم أرى الأمور بروية، وأنا قريبة من العودة إلى كرة القدم".
تشدّد سيلين على أهمية دور عائلتها في تجاوز المحنة: "الإنسان في النهاية لا يملك سوى أهله. رغم وجود الزوار والداعمين في المستشفى، أدركت أن عائلتي هي الأساس. أعتذر من والدتي لأنها تحملت كل هذا العذاب، وأقول لها: سامحيني. أما والدي، فهو مصدر قوتي، وهو أسير محرر من فلسطين، ومنه ورثت هذه الصلابة".
لا تنسى اللاعبة الشابة فضل دعوات من أحبّوها وتابعوا حالتها: "أشكر كل من دعا لي، فدعاؤكم كان سبب بقائي على قيد الحياة. لولاكم ولولا استجابة الله، لما كنت هنا اليوم". وتوجّه رسالة مؤثرة لكل من أصيب أو جُرح مثلها: "تمسّكوا بإيمانكم بالله، فهو وحده قادر أن يعيدكم مهما كان حجم الألم".
من قلب المأساة، تحوّلت سيلين حيدر إلى رمز أمل وإصرار. فهي الفتاة التي سقطت ضحية قصف دموي، لكنها نهضت من الغيبوبة أكثر قوة لتؤكد أن الإرادة تتفوق على الضعف، وأن الحلم لا يحترق مهما حاولت الحرب أن تطفئه.