منبر 20-08-2025 | 10:08

النفط والغاز في لبنان، نعمة أم نقمة؟

 أدت احتياطيات النفط والغاز البحرية المحتملة في لبنان إلى نقاش حاد حيال ما إذا كان هذا سيكون نعمة تساعد الأمة على الهروب من أزمتها الاقتصادية الطويلة الأمد، أو لعنة تجعل عدم الاستقرار السياسي والفساد أسوأ.
النفط والغاز في لبنان، نعمة أم نقمة؟
من الارشيف
Smaller Bigger

د. خلدون عبد الصمد

 

 

 

 أدت احتياطيات النفط والغاز البحرية المحتملة في لبنان إلى نقاش حاد حيال ما إذا كان هذا سيكون نعمة تساعد الأمة على الهروب من أزمتها الاقتصادية الطويلة الأمد، أو لعنة تجعل عدم الاستقرار السياسي والفساد أسوأ. ويشير تاريخ البلاد من الانقسام السياسي وسوء الإدارة إلى أن الطريق إلى الثروة خطير، على رغم الوعد الجذاب بالاستقلال في مجال الطاقة والإيرادات الكبيرة.

 

 

 

 

في ظاهر الأمر، فإن إمكان وجود احتياطيات هائلة من النفط والغاز يقدم الى لبنان فرصة لتغيير قواعد اللعبة، ويعتقد المؤيدون أن الأموال المكتسبة من هذه الموارد لديها القدرة على إحداث ثورة في السوق، ومن الممكن استخدام مصدر جديد للدخل للاستثمار في البنية الأساسية، وسداد الدين الوطني الهائل، ودفع أكلاف الخدمات العامة الأساسية مثل المياه والكهرباء،.لقد كان اقتصاد البلاد في حالة سقوط حر لسنوات، ويمكن لقطاع الطاقة أيضاً أن يخلق آلاف فرص العمل، بدءاً بالأدوار الهندسية التي تتطلب مهارات عالية وحتى دعم الموظفين، وتحفيز النمو الاقتصادي والحد من البطالة.
علاوة على ذلك، فإن استخدام هذه الموارد المحلية قد يقلل بشكل كبير من حاجة لبنان إلى الوقود المستورد الباهظ الثمن، والذي يشكل استنزافاً كبيراً لاحتياطياته من العملات الأجنبية، وبالإضافة إلى استقرار الاقتصاد، فإن هذا التحول نحو الاكتفاء الذاتي من الطاقة سيعزز مكانة لبنان في قطاع الطاقة الإقليمي.
لكن العديد من المحللين والاقتصاديين يحذرون من أن لبنان قد يعاني من "لعنة الموارد"  في غياب مؤسسات متينة وإرادة سياسية موحدة. وتحدث هذه الظاهرة، التي نراها في العديد من الدول الغنية بالموارد، عندما تتسبب ثروة بلد ما من الموارد الطبيعية بعدم المساواة الاقتصادية والفساد السياسي والصراع بدلاً من التنمية.
ويشكل النظام السياسي في لبنان، الذي يقوم على تقاسم السلطة الطائفية، مصدر قلق رئيسياً. ويخشى المنتقدون من أن تتحول إدارة عائدات النفط والغاز إلى ساحة أخرى للصراع بين الأحزاب السياسية، مما يؤدي إلى نوع جديد من المحسوبية والفساد. إن افتقار البرامج الحكومية السابقة إلى المساءلة والشفافية يثير احتمال قيام النخبة بسرقة الإيرادات، الأمر الذي يترك عموم الناس في وضع أسوأ.
علاوة على ذلك، فإن احتمال وجود الغاز والنفط قد يؤدي إلى تكثيف التوترات في المنطقة، ويتجلى التعقيد الجيو-سياسي في الصراع مع إسرائيل على المناطق الاقتصادية الخالصة والحدود البحرية، وعلى رغم التوصل إلى اتفاق بوساطة الولايات المتحدة، لا تزال هناك فرصة لاندلاع أعمال عدائية في المستقبل، خصوصا بالنظر إلى تاريخ العداء في المنطقة. 
لا توجد إجابة لا جدال فيها على سؤال ما إذا كان النفط والغاز سيفيدان لبنان أم يضرانه،ف ذلك يعتمد على ما تفعله الأمة اليوم. ويتعين على لبنان أن يعطي أولوية عالية للمساءلة والشفافية والحكم الرشيد من أجل تعظيم المزايا المحتملة وتجنب الجوانب السلبية، ويستلزم ذلك إنشاء صندوق ثروة سيادي لإدارة الإيرادات بطريقة شفافة، وإنشاء هيئة تنظيمية مستقلة خالية من النفوذ السياسي، والتأكد من أن النظام القانوني قوي بما يكفي لمنع الفساد.
وفي الختام، فإن النفط والغاز في لبنان يشكلان سلاحاً ذا حدين، فهما يوفران فرصة فريدة للانتعاش الاقتصادي، ولكنهما يشكلان أيضاً خطراً كبيراً (لإمكان) التدهور السياسي والاقتصادي، وهناك حاجة إلى تغيير جذري في الثقافة السياسية لتحقيق المنفعة الكاملة للأمة.

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

العالم العربي 9/29/2025 5:14:00 PM
"نحن أمام مشروع ضخم بحجم الطموح وبحجم الإيمان بالطاقات"
اقتصاد وأعمال 9/29/2025 10:48:00 AM
في عام 1980، وصل الذهب إلى ذروته عند 850 دولارًا للأونصة، وسط تضخم جامح وأزمات جيوسياسية. وعند تعديل هذا السعر لمستويات اليوم، يعادل حوالي 3,670 دولارًا.
اقتصاد وأعمال 9/30/2025 9:12:00 AM
كيف أصبحت أسعار المحروقات في لبنان اليوم؟ 
النهار تتحقق 9/30/2025 9:34:00 AM
العماد رودولف هيكل ووفيق صفا جالسين معاً. صورة قيد التداول، وتبيّن "النّهار" حقيقتها.