في عشق الفن القديم
ماغي ابراهيم أبوساري
في عشق الفن القديم، تاهت روحي كطائر مهاجر يبحث عن وطني في سماء من زمنٍ غابر، فهربت من صخب الكتب المبيعَة التي تتهادى كأوراق خريف تذبل تحت أقدام العابرين، ومن أصداء الأغاني التي تتكرر كأصداف البحر على شواطئ الزمان، ومن وجوه تقلّ متابعتها كنجوم باهتة في سماء موحشة.

أنا، بين الجموع، أرى ما تغمض العيون عنه، جمالًا مستترًا كسرٍ دفين في أحشاء الليل، وأبعادًا نادرة كألوان قوس قزح حين ترقص قطرات المطر على أوراق الأشجار.
أهوى الطبيعة، فهي مرآة روحي التي تنعكس فيها ألوان الحياة، حيث تهمس النسائم بألحان سرمدية، وتنساب الألوان كالأنهار الذهبية التي لا تعرف النهاية، فتسكن القلب كما تسكن النجوم صمت الليل.
لا أرتضي الاختلاط، بل أجد ملجئي في العزلة المختارة، حيث يختبئ القدر ليُعانقني في غرفة صغيرة محاطة بكتب تفوح منها رائحة الزمن، ودفء كوب شاي يُداعب يدي كلمسة حب رقيقة، وقطعة خبز تواري في طياتها أمان السمر وأحاديث الروح.
في هذه الوحدة التي أزهو بها كزهرة برية لا تُقطف، أستنشق نسيم الصفاء، وأغوص في أعماق ذاتي، لألتقي بمرآتي الحقيقية، بعيدة عن ضجيج العالم وزيفه، حيث يهمس الهدوء بحكايات العشق الأبدي.
نبض