حصار الفاكهة والخضار

سعد نسيب عطاالله
عندما يسافر المرء حول العالم، ويجول في أسواق خضارها وفاكهتها، يشاهد بأم عينيه عطاءات الطبيعة اللامتناهية، ويندهش لطرق عروضها الخلاقة امام المستهلكين والمشتهين.
تربى كل شعب على طعمها وتذوقها منذ نعومة أظفاره، وترسخ ميله الدائم إلى تناولها والعيش عليها حتى أصبحت من صلب هويته ووجوده.
أنعم الله علينا في لبنان بمناخ متوسطي منح مواسم الفاكهة والخضار فيه، ألواناً، ونكهات تسلب الأنظار، وتسحر الأذواق والطعم والشهية، لا تجدها في شبيهاتها على كوكب الأرض.
أعطى الخالق جميع هذه الخيرات والبركات حتى تكون في متناول كل المخلوقات، فقيرها وغنيها، في حدود الحاجة والضرورة، وليس لتكون محرمات على الفقراء ومتوسطي الحال، وحلالاً لمن يستطيع الحصول عليها بأثمان خيالية، بعيدة كل البعد عن كلفة إنتاجها، أي الثمن البخس الذي يتقاضاه المزارع بعد جهد كبير وعمل شاق، مقارنة مع الثمن الذي يتقاضاه التاجر "الفاجر" خلال زمن وجيز، دون عناء وتعب.
تقوم أنظمة الدول العادلة على التقليل من هذا الفارق في الثمن بإيجاد أسواق وتعاونيات تسمح للمنتجين بتسويق إنتاجهم إلى المستهلك مباشرة، من أجل دعم المنتجين، وتخفيف الأكلاف عن المستهلكين.
إن النظام الغذائي في لبنان "الفاحش في التسويق" يشكل خطراً أمنياً ووجودياً على صحة المستهلكين المستغلين، ويضاعف من أمراضهم، وجوعهم، وحرمانهم من أبسط عطاءات الطبيعة الخيرة.
هل تتحقق دولة العدالة الغذائية في بلد مافيات الفاكهة والخضار، قبل أن تنهض دولة القانون والقضاء والعدالة، حتى يستطيع المستهلك اختراق حصار الأسعار الجائر؟