ذكاء بلا قلب
ريمي الحويك
لم تكن الفضيحة التي طالت "أندي بايرون" مجرّد مشهد عاطفيّ خاص تسلّل إلى العلن، بل كانت لحظةً فاصلة، كشفت عن هشاشة الإنسان أمام عدسات لا ترمش، وعقول لا تغفر، و"ذكاء اصطناعي" يُعيد تدوير العار بلا رحمة.
نعم، أندي خان، أو هكذا قالت عدسة الفيديو. لكن هل كان ذلك خطأه وحده؟ أم أن الخيانة الحقيقية حدثت عندما قرّر الذكاء الاصطناعي أن يحوّل لحظةً إنسانية إلى ترندٍ عالمي؟
في زمن مضى، كانت الخيانة تُكتشف برسالة، بدمعة، برائحة غريبة على قميص.
اليوم، تُكشف بتحليل بصريّ فوريّ، بتعقّب نبرة الصوت، بخوارزمية تفرّق بين عناق بريء وعناق مدبّر.
ويا لسخرية الزمن، لم يُفسد حياة أندي إنسان، بل آلة، آلة لم تشعر بخجل، ولم تسأل عن السياق، ولم تتردد قبل أن تنشر وتسخر وتعلّق وتعدّل وتقلّب المشهد على كل زاوية.
أندي لم يكن سوى أوّل ضحايا عصرٍ لا مكان فيه للهفوات. فكل خطأ يُرصد، يُحلّل، يُضخّم، ويُعاد تصنيعه بألف شكل.

حتى اعتذاره، ذاك النص الذي حاول فيه استرداد شيء من كرامته، خضع للتحليل بدوره.
هل كان صادقًا فعلاً، أم ذكياً بما يكفي ليبدو صادقاً؟
وهنا أصل المأساة.
لم نعد نميّز بين الذكاء الحقيقي والذكاء المُصمَّم، بين ندم إنسانيّ وبيان مكتوب بعناية روبوتي، بين خائن حقيقي وخيانة نُسخت من الواقع ولُفّقت في العالم الرقمي.
أندي لم ينهزم أمام امرأة، بل أمام منظومة. منظومة تفترس الإنسان إذا تخلّى عن إنسانيّته وتفضحه حتى لو تراجع، وتراقبه حتى وهو يحاول الهرب، كالأرنب أو السلحفاة، لا فرق.
وفي المشهد الأخير، لا يظهر أندي وحده ضائعًا، بل الإنسان كلّه!
ذاك الذي اخترع الخوارزمية، ثم وقع في فخها.
ذاك الذي بنى الأداة، ثم صارت تُحدّد له مصيره، وتُهندس سمعته، وتختار متى ينهار.
هي لم تكتفِ بأن تفضحه.
بل اقتربت منه بوجهٍ بارد لا ملامح فيه، ولوت الذراع التي برمجتها، ثم همست في أذنه:
أنت الآن المُتّهم.
وليس لك حق الاستئناف.
نبض