في قلب الهاوية

منبر 06-06-2025 | 10:56

في قلب الهاوية

في لبنان، حيث واجبات الدولة الطبيعية والبديهية وحقوق الشعب الشرعية حلم اللبنانيين وطموحهم، تعاني كل القطاعات من مشاكل وأزمات
في قلب الهاوية
أن المباني غير مجهزة بأجهزة تدفئة ولا تبريد ولا حتى بأقل ما يمكن من أجهزة تكنولوجيا كالـ "active board" أو "online books" أو حتى كومبيوتر.
Smaller Bigger

 

لمى شاتيلا

 

 

في لبنان، حيث واجبات الدولة الطبيعية والبديهية وحقوق الشعب الشرعية حلم اللبنانيين وطموحهم، تعاني كل القطاعات من مشاكل وأزمات. ومع بدء عهد جديد وحكومة جديدة، وأمل الكثير من الدول في إصلاح وتغيير في المؤسسات، نسمع عن تحسين قطاعات عدة كالكهرباء والمياه والطرق إلخ... لكن نادراً ما نسمع أو ربما لا نسمع نهائياً عن قطاع يعاني ويموت ببطئ هو قطاع التعليم الرسمي.
هذا القطاع منسي، في الوقت الذي يجب أن يكون الاستثمار الأول والأهم فيه للدولة اللبنانية. لماذا؟ لأن هذا القطاع هو مستقبل لبنان الفكري والثقافي، فالاقتصادي. لا يمكن لشعب أن يؤسس دولة بمطعم أو حفلة أو مهرجان أو معلم أثري. نعم، تاريخ لبنان والسياحة فيه ومناخه، كلها عناصر مهمة، لكنها لا تصنع دولة ولا تؤسس فكراً حراً منفتحاً يستوعب الأفكار الجديدة أو مبدعاً. العلم هو الذي يبني دولة، هو الذي يبني شعباً، وهو الذي يعطي وقتاً للشعب للتفكير والإبداع، وليس للهموم أو التفكير بالهجرة وانتظار الفرصة.
ولكن كيف؟ كيف سيكون الجيل الجديد متطوراً وغير (مرتهن) للطائفية والأحزاب الفاسدة إذا لم يكن في مدارسه نظام وقانون؟ كيف سيتعلم المهنية والقيم الاجتماعية إن لم يكن بعض أساتذة القطاع الرسمي مؤهلاً للتعليم؟ كيف سيتطور إذا كانت المناهج لم تتطور منذ عام 1997؟ فضلاً عن عدم وجود أجهزة تدفئة، عدم وجود أماكن تستوعب جميع الطلاب، عدم وجود فعلي وجدي للتكنولوجيا، ووجود لاجئين أكثر من المواطنين في الصف. من حق كل طفل أن يتعلم بغض النظر عن جنسيته وعرقه ودينه، ولكن إذا كانت المدارس تعاني من إهمال وفساد، فالأفضلية للمواطن.
في المدارس الرسمية، لا توجد مساحة مخصصة للفنون. فالفنون، رياضة وموسيقى ومسرح ورقص وشعر ورسم ونحت تصنع من فكر الإنسان إبداعاً وحرية وانفتاحاً. تجعل التلميذ يعبر عن أفكاره ومشاكله بطريقة حضارية. فطريقة التعبير في لبنان عن المشاكل والقضايا ليست دوماً حضارية، بل تفتقر إلى القيم والمبادئ الاجتماعية. إذا اكتسب التلميذ موهبة أو عمل على تنميتها، فسيتعلم عندما يكبر كيف يتعامل مع الآخرين في المجتمع باحترام وتقبل الاختلاف. الصحافة فن أيضاً، وينبغي أن تُدَرّس في المدارس. تخصيص وقت لمواد الفنون وتدريسها بشكل إجباري وإلزامي يصنع مجتمعاً منفتحاً ومتطوراً في المستقبل.
أما الجامعة اللبنانية، فهذه الكارثة الحقيقية في لبنان. أولاً، ليست هناك مناهج مدروسة وموحدة بين سائر الفروع، وليست هناك رقابة على الدوام والتدريس. أساساً، ليست هناك فروع في كل المناطق اللبنانية، ما يجعل التعلم صعباً. مثلاً، في محافظة بعلبك - الهرمل، لا توجد حتى كلية واحدة تابعة للجامعة اللبنانية. وفي كل البقاع، لا يوجد اختصاص الطب أو الصحافة أو كلية فنون. ولو كان قطاع المواصلات يراعي ظروف الطلاب كبلدان العالم المتطورة، لكان تم حل نصف المشكلة. عدا أن المباني غير مجهزة بأجهزة تدفئة ولا تبريد ولا حتى بأقل ما يمكن من أجهزة تكنولوجيا كالـ "active board" أو "online books" أو حتى كومبيوتر.
إن قطاع التعليم الرسمي في لبنان ليس على حافة الهاوية، بل هو في قلب الهاوية. المطلوب ليست ميزانية مخصصة ولا تبرعات. الطلب الحقيقي هو إرادة وطنية من الدولة أولا للتفكير بالجيل الجديد الذي سيشكل مستقبل لبنان. كفى محاصرة الإصلاحات بالوقت الراهن، يجب التفكير بالمستقبل، بعد 10 سنوات و20 سنة. فلا يتم تأسيس دولة قبل تأسيس شعب.


العلامات الدالة

الأكثر قراءة

العالم العربي 12/3/2025 12:22:00 PM
لا بد من تفكيك شبكات التمكين الإسلامية داخل الجيش السوداني، وعزل قادته الموالين للإخوان... فهذا شرط أساسي لأي دعم دولي لعملية السلام.
المشرق-العربي 12/3/2025 12:18:00 PM
ياكواف كاتس، وهو أحد مؤسسي منتدى السياسة MEAD، والباحث البارز في JPPI، ورئيس تحرير السابق لصحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية، يجيب عن هذه الأسئلة في مقال له، ويشير إلى الفوارق بين الماضي والحاضر.
المشرق-العربي 12/3/2025 2:17:00 AM
يطالب القرار إسرائيل بالانسحاب الكامل من الجولان
اقتصاد وأعمال 12/4/2025 3:38:00 PM
تشير مصادر مصرفية لـ"النهار"  إلى أن "مصرف لبنان أصدر التعميم يوم الجمعة الماضي، تلته عطلة زيارة البابا لاون الرابع عشر الى لبنان، ما أخر إنجاز فتح الحسابات للمستفيدين من التعميمين