"البلد بيشبه ناسه... خلّونا نرجّعه إلنا" الانتخابات البلديّة...

أدهم ريدان
في الأمس القريب، انتهت الانتخابات البلديّة بعد انقطاع دام تسع سنوات؛ تسع سنوات من الجمود في بلدٍ تتغيّر أحداثه ويتحوّل واقعه عشرات المرّات في الشهر. فهل حقًّا اعتقد البعض أنّ نفس الأسلوب الذي كان يُتّبع في الماضي، ما زال يمكن اعتماده اليوم؟ هنيئًا للبنان واللبنانيّين قطار التغيير الذي انطلق.
الثابت الوحيد عبر التاريخ هو التغيير. لا حُكم فرعوني دام إلى الأبد، ولا سلطنة عثمانيّة، ولا حُكم شيوعي، ولا... ولا... فهل فعلاً اعتقدت الأحزاب وأنظمة الحُكم أنّهم خالدون؟ وأنّهم قادرون على الاستمرار بنفس الأسلوب الذي كان سائدًا من قبل؟ هل حقًّا ظنّوا أنّهم أكبر من بلدهم وأكبر من شعبهم؟
إذا لم تُقدِم كلّ الأحزاب على مراجعة دقيقة، ونقد ذاتي حقيقي، لمواكبة الشباب الصاعد، فلن تدوم لهم هذه الثقة من الآن فصاعدًا.
نحن شعبٌ جُبِل بتراب هذا الوطن، عاشقون للحرّية، للتحرّر، وللفكر النورانيّ التقدّمي. نحن شعبٌ شغوف بمستقبلٍ يحقّق أحلامه وأحلام أولاده وأحفاده، فلا تستهينوا بالانتخابات البلديّة، ولا تستخفّوا بقدرة هذا الشعب على تقرير مصيره.
إلى المجالس البلديّة الجديدة:
كونوا قدوة لأهل بلداتكم. كونوا قدوةً لجيلٍ يُقاتل من أجل مستقبلٍ أفضل. اجعلوا من بلداتكم تشبه بيوتكم، تشبه البيوت التي تربّيتم فيها وكبرتم في أحضانها. اجعلوا بلداتكم تُحاكي أحلامكم، تذكّروا أحلامكم الكبيرة عندما كنتم صغارًا، تذكّروا البلدة التي كنتم تحلمون بها، واعملوا على تحويلها إلى حقيقة، إلى شيء حيّ، ملموس، وخالد وتأكّدوا أن أحلامكم تُشبه كثيرًا أحلام من انتخبكم، من صوّت لكم، ومن منحكم هذه الثقة.
التغيير قادم لا محالة، لا تصدّوه، لا تجعلوا بلداتكم تفوّت قطار التطوّر والتقدّم..
أنا أكتب اليوم لأقول لكم: لا تستخفّوا بموقعكم. أنتم قادرون على إحداث فرق جوهريّ بيّن بمستقبل الجيل الجديد، وقادرون على تمهيد الطريق لأحلام هذا الشعب.
الدولة اليوم، وبعد أن غاب مفهوم الدولة لعقود، تنهض وتحاول قدر المستطاع إثبات قدرتها على إدارة هذا البلد. وهذا ما نتمناه جميعًا. فالدولة التي نجحت بإنجاز هذا الاستحقاق بهذا القدر من المسؤوليّة، تملك القدرة على نيل ثقة الناس. وأنتم اليوم، تمثّلون هذه الدولة في بلداتكم. كونوا نموذجًا صالحًا، طَموحًا، واقعيًّا. اعملوا من أجل الشأن العام والمصلحة العامة، بعيدًا عن الحسابات الضيّقة والمبهمة. كونوا واضحين، صادقين، وعادلين في مقاربة القضايا المتعلّقة في بلداتكم.
أمّا لأبناء البلدات وأبناء الوطن جميعاً، من هم خارج المواقع والمناصب، أصحاب الصوت الحر والصوت الأقوى، هيّا معًا نَبني البلد الذي حلمنا به يومًا، أن يكون ملجأً لنا ولأولادنا، هيّا لنعمل سويًّا على تحمّل المسؤوليّة الوطنيّة والشخصيّة، لنجعل من مسألة بناء الوطن قضيّة فرديّة وشخصيّة ومشتركة، ولنَمضِ نحو بلدٍ مستقلّ، حرّ، خالٍ من القيود التي كبّلته يومًا. لنذهب نحو انتخابات نيابيّة حرّة ونزيهة، ولنفرض تشريعات تُشبهنا وتُشبه مستقبلنا، لنَحمِ البيئة، نحترم قوانين السير، نُعيد الثقة بالمؤسّسات، و... و... و
البوصلة اليوم في الاتجاه الصحيح، وما علينا سوى أن نسير بثقة نحو هذا التغيير الآتي، ومهما واجهنا من تحدّيات أو صعوبات في المرحلة المقبلة، تَبقى الكلمة الأخيرة، " لا تكونوا إلّا أحرارًا ".
المقاربة الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة رأي مجموعة "النهار" الاعلامية