ريمون مرهج             

إن كنت تتحلى بالبراءة فلا تُمطِر بها على أحد بل أتركها في داخلك وأنثر منها بعض القطرات على من يستحق. حينما تظهر براءتك بشكل كبير مع أشخاص ارتاحت روحك لرفقتهم وأحبهم قلبك بصدق ولم يبادلوك نفس الاهتمام والمحبة فمن الممكن أن يضربوا بعرض الحائط كل ما تفعله لأجلهم وأن يجرحوك في الصميم حينما يتخلون عنك ويعتبرونك قصة عابرة في حياتهم ومجرد شخص عادي لا بل مريض نفسياً أحياناً  ولديه نقص في العواطف، لذلك يكثر من اهتمامه وأسئلته عنهم وهذا أمر لا يريدونه، لأنه في الأساس ليس هو الأهم في حياتهم وليس من أولوياتهم. وإن غافلتهم فأدرت ظهرك لهم وأظهرت اللامبالاة تجاههم أحياناً وأريتهم أن هناك العديد من الناس يهتمون لهم ولست مخلصاً في علاقاتك بل سائحاً سارحاً في الليالي والأماكن، عندها من الممكن أن يُعجبوا بك ويكترثوا لك أكثر من أن تكون صادقاً وبريئاً ومخلصاً في علاقتك بهم. للأسف هذا حال معظم البشر في مجتمعاتنا. هل لأن القيم غدت حملاً ثقيلاً على أنفسهم والمال والمتطلبات المادية في حياتهم أضحت هي الهدف الأساسي فقط؟ فلم يعد يعنيهم أي من أسس الروح ولم يعودوا يبالون بالإنسانية ولا بما يختلج في القلوب من المحبة والإيمان والرحمة والأخلاق، فهذه أمور اضمحلت من أعماقهم وسقطت من بصيرتهم. للأسف سيطر الشر بشهواته ومادياته على ذواتهم وانتزع منهم كل إدراك للخالق ومشاعر نبيلة تجاه الآخر وجفّت أفئدتهم من معاني الرأفة والبِر وخفت عزيمتهم في تقدير القيم والأدب والجمال في هذه الأرض. لقد تاهوا عن نور الخالق وخيره وغدوا في مستنقع عصر السرعة والملذات المبهجة للجسد وكل مظاهر الإغراء الرخيصة. 
أنت إنسان إذاً أنت خلوق، بريء، رحيم، مثقف، مبدع، مؤمن بالخالق بعطاياه ورسولاً للخير في هذا العالم. فلا تخجل من صفات هي من قلب الله ولا تدوس على مشاعر روحك الطيبة بل كن فخوراً قوياً لا ينحني ولا ينكسر بل ينظر إلى السماء ويكمل دربه مردداً: "أنا الصواب". فيحقق مبادئه وأحلامه وينثر في أعماق البشر اليمن والحب والمعرفة.