آراء
12-12-2025 | 08:13
السودان المنسي على حافة المجاعة: مأساة تتضخم في ظل صمت العالم
التحدي لم يعد محصوراً بتأمين الغذاء، بل في قدرة المنظمات الإنسانية على الوصول إلى من يحتاجه وسط بيئة تتشابك فيها خطوط النار مع تراجع البنية التحتية.
نازحون سودانيون فراراً من الحرب
يشهد السودان اليوم واحدة من أحلك لحظات تاريخه الحديث؛ حربٌ تشق البلاد من أطرافها، وتعيد تشكيل الحياة اليومية للسكان على إيقاع الخوف والجوع والنزوح. فوفقاً لأحدث تقارير برنامج الأغذية العالمي، يجد نحو 21.2 مليون سوداني أنفسهم في دائرة انعدام الأمن الغذائي الحاد، في مؤشر لا يكشف فقط نقص الإمدادات الغذائية، بل انهياراً عميقاً في منظومات الصحة والرعاية والحماية الاجتماعية. إنها لحظة تقترب فيها البلاد بخطوات متسارعة من شفا مجاعة واسعة النطاق، بينما يصبح انتظار المساعدات أشبه بمحاولة لالتقاط الأنفاس وسط إعصار لا يهدأ.
ورغم وصول المساعدات شهرياً إلى نحو أربعة ملايين شخص، فإن الهوة بين الاحتياجات المتفاقمة والاستجابة الممكنة لا تزال تتسع. فالتحدّي لم يعد محصوراً بتأمين الغذاء، بل في قدرة المنظمات الإنسانية على الوصول إلى من يحتاجه وسط بيئة تتشابك فيها خطوط النار مع تراجع البنية التحتية. ويؤكد خبراء الإغاثة أن السودان بات اليوم واحداً من أصعب ميادين العمل الإنساني في العالم، حيث تتحول كل رحلة إغاثة إلى مغامرة محفوفة بالمخاطر.
وفي ولايات دارفور وكردفان، تعيق الغارات الجوية بالطائرات والمسيّرات حركة القوافل الإنسانية، فيما يُسهم تبدّل السيطرة على المدن والطرق في زيادة مستوى الأخطار. يضاف إلى ذلك شحّ التمويل الدولي، ما يحدّ من قدرة برنامج الأغذية العالمي والمنظمات الشريكة على توسيع شبكات النقل والتوزيع والتحويلات النقدية التي تمثل شريان حياة أساسياً لملايين النازحين والأسر المنهَكة. ويُحذّر مسؤولون أمميون من أن فجوة التمويل الحالية قد تُخرج ملايين المدنيين من دائرة المساعدات خلال الأشهر المقبلة، وهو ما ينذر باشتداد احتمالات المجاعة في مناطق شاسعة من البلاد.
مع ذلك، فإن أزمة الغذاء ليست سوى وجه من وجوه المأساة. فالنزوح الجماعي يتسع على نحو مقلق، وسط مخاوف من موجات أكبر إذا امتدت رقعة المواجهات إلى مناطق مثل جبال النوبة. ومع تجاوز عدد النازحين داخلياً وخارجياً 12 مليون إنسان منذ اندلاع الحرب، يتضح أن السودان يعيش واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، في مشهد يعكس تآكلاً متسارعاً لنسيجه الاجتماعي وقدرته على الصمود.
إن الوقائع المتراكمة على الأرض تشكّل إنذاراً أخيراً للجميع: غياب ممرات إنسانية آمنة سيقود بلا شك إلى تفاقم الكارثة، وإلى ارتفاع أكبر في معدلات الوفيات، وإلى تدمير ما تبقى من البنية الاجتماعية الهشّة. لذلك، يصبح وقف القتال - ولو بشكل موقت - أو فرض هدنة إنسانية ملزمة، ضرورة لا تحتمل التأجيل. فالجوع لا ينتظر الاتفاقات السياسية، والموت لا يعرف حسابات التفاوض.
كما أن حماية المدنيين ليست شعاراً يُرفع عند اشتداد الأزمات، بل التزام أخلاقي وقانوني تتشاركه الأطراف المتحاربة والقوى الإقليمية والدولية. وهذا يفرض تحركاً منظماً لفتح ممرات آمنة، وتأمين وصول المساعدات من دون عوائق، وتوفير تمويل طارئ يضمن بقاء المنظومات الإنسانية فاعلة، إضافة إلى إدارة شفافة للمساعدات تضع حياة الإنسان فوق الحسابات والولاءات.
إن كل يوم يمرّ من دون استجابة دولية فعّالة يضاعف حجم المأساة، ويُغرق مزيداً من الأسر في دائرة الخوف والجوع وانعدام اليقين. فحينما يغدو الخبز ترفاً، والماء مخاطرة، ويصبح الأمان حلماً بعيداً، لا يعود الحديث عن حلول طويلة المدى ذا معنى. المطلوب الآن هو تحرك عاجل ومسؤول يوقف الانهيار ويمنح ملايين السودانيين فرصة للبقاء.
السودان، اليوم، يقف بالفعل على حافة الهاوية. لكن يد الإنقاذ لا تزال ممكنة إذا توافرت الإرادة. فالأزمات ليست قدراً محتوماً، وما يتعرض له السودان ليس سوى حصيلة اختيارات بشرية يمكن تعديل مسارها. وفي عالم تتزاحم فيه الكوارث، سيبقى اختبار السودان معياراً لمدى قدرة المجتمع الدولي على صون إنسانية الإنسان حينما تتحول الحياة اليومية ذاتها إلى معركة من أجل النجاة.
ورغم وصول المساعدات شهرياً إلى نحو أربعة ملايين شخص، فإن الهوة بين الاحتياجات المتفاقمة والاستجابة الممكنة لا تزال تتسع. فالتحدّي لم يعد محصوراً بتأمين الغذاء، بل في قدرة المنظمات الإنسانية على الوصول إلى من يحتاجه وسط بيئة تتشابك فيها خطوط النار مع تراجع البنية التحتية. ويؤكد خبراء الإغاثة أن السودان بات اليوم واحداً من أصعب ميادين العمل الإنساني في العالم، حيث تتحول كل رحلة إغاثة إلى مغامرة محفوفة بالمخاطر.
وفي ولايات دارفور وكردفان، تعيق الغارات الجوية بالطائرات والمسيّرات حركة القوافل الإنسانية، فيما يُسهم تبدّل السيطرة على المدن والطرق في زيادة مستوى الأخطار. يضاف إلى ذلك شحّ التمويل الدولي، ما يحدّ من قدرة برنامج الأغذية العالمي والمنظمات الشريكة على توسيع شبكات النقل والتوزيع والتحويلات النقدية التي تمثل شريان حياة أساسياً لملايين النازحين والأسر المنهَكة. ويُحذّر مسؤولون أمميون من أن فجوة التمويل الحالية قد تُخرج ملايين المدنيين من دائرة المساعدات خلال الأشهر المقبلة، وهو ما ينذر باشتداد احتمالات المجاعة في مناطق شاسعة من البلاد.
مع ذلك، فإن أزمة الغذاء ليست سوى وجه من وجوه المأساة. فالنزوح الجماعي يتسع على نحو مقلق، وسط مخاوف من موجات أكبر إذا امتدت رقعة المواجهات إلى مناطق مثل جبال النوبة. ومع تجاوز عدد النازحين داخلياً وخارجياً 12 مليون إنسان منذ اندلاع الحرب، يتضح أن السودان يعيش واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، في مشهد يعكس تآكلاً متسارعاً لنسيجه الاجتماعي وقدرته على الصمود.
إن الوقائع المتراكمة على الأرض تشكّل إنذاراً أخيراً للجميع: غياب ممرات إنسانية آمنة سيقود بلا شك إلى تفاقم الكارثة، وإلى ارتفاع أكبر في معدلات الوفيات، وإلى تدمير ما تبقى من البنية الاجتماعية الهشّة. لذلك، يصبح وقف القتال - ولو بشكل موقت - أو فرض هدنة إنسانية ملزمة، ضرورة لا تحتمل التأجيل. فالجوع لا ينتظر الاتفاقات السياسية، والموت لا يعرف حسابات التفاوض.
كما أن حماية المدنيين ليست شعاراً يُرفع عند اشتداد الأزمات، بل التزام أخلاقي وقانوني تتشاركه الأطراف المتحاربة والقوى الإقليمية والدولية. وهذا يفرض تحركاً منظماً لفتح ممرات آمنة، وتأمين وصول المساعدات من دون عوائق، وتوفير تمويل طارئ يضمن بقاء المنظومات الإنسانية فاعلة، إضافة إلى إدارة شفافة للمساعدات تضع حياة الإنسان فوق الحسابات والولاءات.
إن كل يوم يمرّ من دون استجابة دولية فعّالة يضاعف حجم المأساة، ويُغرق مزيداً من الأسر في دائرة الخوف والجوع وانعدام اليقين. فحينما يغدو الخبز ترفاً، والماء مخاطرة، ويصبح الأمان حلماً بعيداً، لا يعود الحديث عن حلول طويلة المدى ذا معنى. المطلوب الآن هو تحرك عاجل ومسؤول يوقف الانهيار ويمنح ملايين السودانيين فرصة للبقاء.
السودان، اليوم، يقف بالفعل على حافة الهاوية. لكن يد الإنقاذ لا تزال ممكنة إذا توافرت الإرادة. فالأزمات ليست قدراً محتوماً، وما يتعرض له السودان ليس سوى حصيلة اختيارات بشرية يمكن تعديل مسارها. وفي عالم تتزاحم فيه الكوارث، سيبقى اختبار السودان معياراً لمدى قدرة المجتمع الدولي على صون إنسانية الإنسان حينما تتحول الحياة اليومية ذاتها إلى معركة من أجل النجاة.
العلامات الدالة
الأكثر قراءة
المشرق-العربي
12/10/2025 6:25:00 AM
تحاول الولايات المتحدة تذويب الجليد في العلاقات بين إسرائيل والدول العربية من خلال "الديبلوماسية الاقتصادية"
المشرق-العربي
12/11/2025 6:15:00 AM
قذائف المزّة والعمليتان اللتان لم يفصل بينهما شهر تحمل رسائل تحذيرية إلى الشرع وحكومته، والرسالة الأبرز مفادها أن القصر الرئاسي تحت مرمى الصواريخ.
المشرق-العربي
12/11/2025 2:25:00 AM
إنّها المرة الأولى التي تتهم المنظمة "حماس" وفصائل أخرى بارتكاب جرائم ضد الانسانية.
المشرق-العربي
12/11/2025 2:10:00 PM
شدد على ضرورة منح المحافظة حكماً ذاتياً داخلياً أو نوعاً من الإدارة الذاتية ضمن سوريا كوسيلة لحماية الأقليات وحقوقها.
نبض