الاجتماع الثّلاثي في طهران: الصّين رافعة للحوار الإقليمي وأداة لاستقرار الشّرق الأوسط

آراء 12-12-2025 | 04:50

الاجتماع الثّلاثي في طهران: الصّين رافعة للحوار الإقليمي وأداة لاستقرار الشّرق الأوسط

الاجتماع الثلاثي في طهران يؤكد أن الديبلوماسية الفعالة والوساطة الدولية يمكن أن تحققا نتائج ملموسة، حتى في منطقة معقدة مثل الشرق الأوسط، كما يُبرز دور الصين كلاعب عالمي يسعى لتعزيز السلام والاستقرار...
الاجتماع الثّلاثي في طهران: الصّين رافعة للحوار الإقليمي وأداة لاستقرار الشّرق الأوسط
من اجتماع اللجنة الثلاثية السعودية الصينية الإيرانية المشتركة لمتابعة اتفاق بكين في طهران (الخارجية السعودية)
Smaller Bigger

وارف قميحة*

في 9 أيلول/سبتمبر 2025، انعقد الاجتماع الثالث للجنة الثلاثية بين الصين، إيران والسعودية في طهران، لمتابعة تنفيذ اتفاق بكين الذي تم التوصل إليه عام 2023 بين طهران والرياض بوساطة صينية. هذا الاجتماع ليس مجرد لقاء ديبلوماسي، بل يمثل رسالة قوية حول قدرة الحوار على تهدئة التوترات الإقليمية وتعزيز السلام في منطقة شديدة التعقيد.

 

يحمل الاجتماع أهمية مزدوجة: أولًا، يأتي بعد أكثر من عامين على توقيع اتفاق بكين، لتأكيد استمرار تطبيق الاتفاق ونجاح مسارات الحوار بين إيران والسعودية. ثانياً، يتزامن الاجتماع مع تصاعد التوترات الإقليمية، خصوصاً في فلسطين ولبنان وسوريا، بالإضافة إلى استمرار الصراع في اليمن. هذا التوقيت يجعل من البيان الصادر عن الاجتماع أداة سياسية وديبلوماسية لتهدئة التوترات قبل انزلاق المنطقة إلى مزيد من الصراعات.

 

أكد البيان المشترك التزام إيران والسعودية الكامل بأحكام اتفاق بكين، مع التشديد على احترام السيادة، سلامة الأراضي، والاستقلال وفق ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي. كما دعا البيان إلى وقف فوري للأعمال الإسرائيلية ضد فلسطين ولبنان وسوريا، وأدان أي تعدٍ على سيادة إيران، مؤكداً أن الحلول السياسية هي الطريق الأمثل لمعالجة القضايا الإقليمية.

 

وأشار البيان أيضاً إلى التقدم في التعاون بين إيران والسعودية في المجالات القنصلية والثقافية والتعليمية والإعلامية والفكرية، بما في ذلك تسهيل أداء أكثر من 85 ألف حاج إيراني لمناسك الحج، وأكثر من 210 آلاف حاج لأداء العمرة في 2025، في خطوة تعكس تعزيز العلاقات الثنائية على المستوى الشعبي والمؤسساتي.

 

 يبرز دور الصين كلاعب عالمي يسعى لتعزيز السلام والاستقرار (أ ف ب)
يبرز دور الصين كلاعب عالمي يسعى لتعزيز السلام والاستقرار (أ ف ب)

 

كما جدّد البيان دعمه للحل السياسي للقضية اليمنية تحت رعاية الأمم المتحدة، مؤكداً أهمية توسيع التعاون الاقتصادي والسياسي والثقافي بين الدول الإقليمية لتعزيز الأمن والاستقرار والازدهار.

 

تلعب الصين في هذا السياق دور وسيط دولي محايد وفعّال، إذ تدعم خطوات إيران والسعودية نحو تطوير علاقاتهما في مختلف المجالات، وتشجع الحوار المباشر بين الطرفين. من خلال هذه الوساطة، تُظهر الصين قدرتها على ممارسة ديبلوماسية متعددة الطرف تسعى للحل السلمي للنزاعات من دون استخدام القوة، وهو ما يعزز موقعها كقوة فاعلة في الحفاظ على السلام والاستقرار العالمي.

 

يحمل البيان رسائل متعددة: إلى الغرب، بأنه يوجد لاعب إقليمي ودولي قادر على المساهمة في حل الأزمات بعيداً من التصعيد العسكري. كما يعزز هذا الحوار من استقرار أسواق الطاقة والأمن الإقليمي، ويشكل ضغطاً ديبلوماسياً على الأطراف التي تسعى لتصعيد النزاعات. وفي المجمل، يوضح الاجتماع أن الحوار والتفاهم هما أساس الاستقرار الإقليمي، وأن الحلول السياسية هي السبيل الأمثل لتفادي المزيد من التوترات.

 

الاجتماع الثلاثي في طهران يؤكد أن الديبلوماسية الفعالة والوساطة الدولية يمكن أن تحققا نتائج ملموسة، حتى في منطقة معقدة مثل الشرق الأوسط. كما يُبرز دور الصين كلاعب عالمي يسعى لتعزيز السلام والاستقرار، مع التركيز على الحوار والتعاون بدل التصعيد والصراع. استمرار مثل هذه الاجتماعات يضمن للأطراف الإقليمية والمجتمع الدولي مساراً نحو سلام مستدام وأمن مشترك.

*رئيس الرابطة العربية الصينية للحوار والتواصل /رئيس معهد طريق الحرير للدراسات والأبحاث

-المقاربة الواردة لا تعكس بالضرورة رأي مجموعة "النهار" الإعلامية.

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 12/10/2025 6:25:00 AM
تحاول الولايات المتحدة تذويب الجليد في العلاقات بين إسرائيل والدول العربية من خلال "الديبلوماسية الاقتصادية"
المشرق-العربي 12/11/2025 6:15:00 AM
قذائف المزّة والعمليتان اللتان لم يفصل بينهما شهر تحمل رسائل تحذيرية إلى الشرع وحكومته، والرسالة الأبرز مفادها أن القصر الرئاسي تحت مرمى الصواريخ.
المشرق-العربي 12/11/2025 2:25:00 AM
إنّها المرة الأولى التي تتهم المنظمة "حماس" وفصائل أخرى بارتكاب جرائم ضد الانسانية.
المشرق-العربي 12/11/2025 2:10:00 PM
شدد على ضرورة منح المحافظة حكماً ذاتياً داخلياً أو نوعاً من الإدارة الذاتية ضمن سوريا كوسيلة لحماية الأقليات وحقوقها.