هل أتى البابا لاوون بدبابات الفاتيكان إلى... لبنان؟!

آراء 08-12-2025 | 12:24

هل أتى البابا لاوون بدبابات الفاتيكان إلى... لبنان؟!

هناك إجماع بأنّ للفاتيكان رصيداً معنوياً بالإمكان توظيفه لدى العديد من قادة الدول كي يتم إطلاق سراح لبنان من سجن وأسوار المقايضات والتوترات الإقليمية
هل أتى البابا لاوون بدبابات الفاتيكان إلى... لبنان؟!
البابا لاوون الرابع عشر (نبيل إسماعيل)
Smaller Bigger

عبد الرحمن عبد المولى الصلح

أوّل زيارة فاتيكانية الى لبنان قام بها الراحل البابا بولس السادس 1964 في طريقه الى الهند، حيث توقف في مطار بيروت. يومها، قال جملته الشهيرة "لبنان – وكم يُسعدني أن أقول هذا هنا – يأخذ مكانه المُشرّف بين الأمم". سقى الله ذلك الزمن حين كان مكان لبنان مُشرّفاً ! يومها حين قدم البابا بولس السادس إلى بيروت، كان الوضع في غاية الاستقرار مقارنةً بزياراتٍ لاحقة لأقرانه. وكيف لا يكون مستقراً وكان على رأس البلاد يومذاك الراحل الكبير الرئيس الأمير فؤاد شهاب – الرئيس الذي لا مثيل له في حكمته، حوكمته، وطنيته، نزاهته ونظافة كفّه!

 

حين أبلغ رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل ستالين في مؤتمر يالطا 1945 – كما جاء في مذكرات تشرشل – بأنّ بابا الفاتيكان أعلن الحرب على الزعيم النازي أدولف هتلر... كان جواب ستالين ساخراً: كم دبابة عند بابا الفاتيكان! سخرية ستالين وهو الشيوعي نبعت من إيمانه بأنّ القوة المادية تشكل الركن الأساس للسياسة... حيث السلاح أهم ركائزها. لكن ستالين لم يكن صائباً في استنتاجه ولو بعد زمن (!!) كما بيّن البابا يوحنا بولس الثاني، بدليل الدعم المعنوي الساحق الذي قدّمه وهو البولندي الأصل إلى حركة التضامن في بولندا والتي أيّدها ملايين البولنديين وأثمرت زعزعة الحكم الشيوعي في وارسو وشكّلت، بالتالي فكفّكة دول حلف وارسو!

 

 

زيارة قداسة البابا لاوون الرابع عشر الى لبنان وهي أولى زياراته إلى الخارج ذكرتني برد ستالين وانتفاضة البولنديين... فليس المقصود بعنوان المقال الدبابات بالمعنى الحرفي للكلمة بل بما تتضمنه من معانِ ودلالات بالمعنى المجازي علّها تخفف من آلام اللبنانيين والذي وصفهم قداسته بأنّهم "شعب لا يستسلم" مشيراً الى صمودهم في وجه الصعاب. تُرى، هل ستؤدي زيارة قداسته الذي أُُجل وأحترم أن يلتقط بلاد الأرز أنفاسه ويتم إنزاله من على صليب التوترات والمصالح الإقليمية ويتوقف جلده؟! راجع نبيل بو منصف "نقسم بالله العلي العظيم أنّنا مستباحون" ("النهار" 1/12/2025). يُجمع المراقبون أنّ زيارة قداسته للأيّام الثلاثة ساهمت في "تأجيل" عدوان اسرائيلي مرتقب. وإذا كان الامر كذلك فيا ليت قداسته عمل على تمديد زيارته أشهراً بدلاً من أيامٍ معدودة!

 

هناك إجماع بأنّ للفاتيكان رصيداً معنوياً بالإمكان توظيفه لدى العديد من قادة الدول كي يتم إطلاق سراح لبنان من سجن وأسوار المقايضات والتوترات الإقليمية (واشنطن/طهران/تل أبيب) والتي أضحى التحدث عنها وحتى الإشارة إليها مملّاً حتى ... الثمالة!! في هذا الصدّد يحضرني قولٌ فرنسي مأثور: "ما أصعب الهروب من سجنٍ لا جدران فيه". ومن المؤسف أنّ لبنان أسير سجنٍ مماثل، لكنّ السجّان ليس فقط إقليمي الهوية والتوجه ذلك أنّ هنالك سجاناً محلياَ هو الوجه الآخر لمنظومة سياسية تحكمت بالبلاد والعباد!! فمتى ينتفض اللبنانيون كما فعل البولندييون وأسقطوا النظام الشيوعي 1989؟! ليس من اللياقة أن نُحمّل البابا لاوون كلّ مشاكلنا وهمومنا، لكنّ تكفي الإشارة الى انفجار المرفاً 2020 والذي يُعد أكبر إنفجار غير نووي يشهده العالم وأنّه لحينه نتيجة عراقيل جمّة لم يتمكن المحقق العدلي من إصدار تقريره، علماً أنّ الجهة التي استقدمت اليورانيوم أضحت معروفة بعد أن أرسلت اليورانيوم الى نظام بشار الأسد. عسى أن تشفع الصلاة التي أقامها قداسته في مرفأ بيروت بأولياء الضحايا وإحقاق الحق! وإشارة اخرى الى الظلم الكاسح الذي لحق بمليون مودع حُرموا من حلالهم وجنى أعمارهم منذ سنوات خمس جراء تعسّف وقهر المنظومة.

لا شك أنّ الكل كان سعيداً ومغتبطاً لزيارة البابا لاوون. كان الكل بحاجة اليها. كيف لا وهي زيارة مباركة ومقدسة. مشكورٌ قداسة البابا لاوون الرابع عشر لدعوة رؤساء الطوائف المسيحية والإسلامية الى التغلب على العنف ورفض الأقصاء. هي دعوة للبنان الواحد الموحد. لبنان الرسالة. فهل من يتعظ؟!

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 12/8/2025 6:32:00 AM
تلقّى اتصالاً من قيادته الإيرانيّة في الخامس من كانون الأول/ديسمبر 2024، أي قبل ثلاثة أيام من سقوط الحكم السابق، طلبت منه فيه التوجّه إلى مقرّ العمليات في حيّ المزة فيلات شرقية في العاصمة صباح الجمعة في السادس من كانون الأول/ديسمبر 2024 بسبب "أمر هام".
المشرق-العربي 12/8/2025 7:07:00 AM
ألقى الشرع كلمة قصيرة بعد الصلاة قال فيها: "سنعيد بناء سوريا بطاعة الله عز وجل، وبنصرة المستضعفين، والعدالة بين الناس"
سياسة 12/7/2025 9:18:00 AM
"يديعوت أحرونوت": منذ مؤتمر مدريد في أوائل التسعينيات، لم يتواصل الدبلوماسيون الإسرائيليون واللبنانيون مباشرةً