تريليونات الرياض مقابل نيو كوينسي، هل ستنجح؟

آراء 26-11-2025 | 00:38

تريليونات الرياض مقابل نيو كوينسي، هل ستنجح؟

مرة جديدة استطاعت دول الخليج العربي وضع حدّ لعنجهية إسرائيل في المنطقة، ورسمت أطر التحالفات الجديدة مع الراعي الأميركي لإعادة القضايا العربية إلى الساحة الدولية، فهل من نيو كوينسي لتأسيس مصالح عربية جديدة؟
تريليونات الرياض مقابل نيو كوينسي، هل ستنجح؟
مشهدية الاستقبال لولي العهد تؤكد الترحيب الحار بالضيف (أ ف ب)
Smaller Bigger

قال ترامب: "نلتقي اليوم صديقاً رائعاً وأكن احتراماً كبيراً للملك سلمان، وأشكر السعودية على استثماراتها في الولايات المتحدة". وأكد أن الأمير يريد أن تحظى سوريا بفرصة للبناء، وأشار إلى "أن طائرات إف -35 ستباع للسعودية مماثلة للطائرات التي لدى إسرائيل".

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، قد استقبل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في البيت الأبيض، الثلاثاء 18 تشرين الثاني، حيث أقيمت له مراسم رسمية.

في الفكر "البراغماتي" الأميركي، لا صديق إلا المال، ولا عدو إلا من يعرقل الوصول إليه، هذا ما فهمه ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، لهذا أراد أن يتوج اللقاء بين الزعيمين بعقد مجلس الأعمال السعودي- الأميركي في ضوء إجراء مؤتمر للاستثمار وطرح المشاريع الاقتصادية بتريليونات الدولارات.

تحتاج واشنطن إلى تلك الزيارة، بعد القطيعة التي فرضتها إدارة الرئيس الأسبق جو بايدن وكادت أن تهدد الاتفاقية التاريخية "كوينسي" التي تمّ التوقيع عليها في 14 شباط/ فبراير 1945، على متن طراد أميركي "كوينسي" بين الملك الراحل عبد العزيز آل سعود والرئيس الأميركي روزفلت. اتفق فيه على أن تحصل الولايات المتحدة على حقوق حصرية لاستغلال النفط السعودي في مقابل أن تقدم الحماية العسكرية الى السعودية، مما أسس للعلاقات الاستراتيجية بين البلدين.

مشهدية الاستقبال لولي العهد والتي تضمنت عرضاً للطائرات الحربية، تؤكد على الترحيب الحار بالضيف، وعلى إعادة تثبيت بنود كوينسي عبر تكريس "معادلة الأمن الأميركي في مقابل النفط السعودي".

 

 

ما من شك في أن للمملكة العربية السعودية دوراً في تحديد أسعار النفط على الصعيد العالمي، هي التي اصطفت إلى جانب روسيا، في مجموعة "أوبك بلاس"، رافضة طلب ادارة الرئيس بايدن زيادة إنتاجها عام 2022، الأمر الذي دفع الولايات المتحدة إلى خيارات منها سحب أكثر من 200 مليون برميل من الاحتياط النفطي الاستراتيجي لتعويم السوق بهدف خفض اسعار النفط.

استراتيجية النفط جزء من أهداف التقارب الأميركي- السعودي، إذ تؤمن إدارة ترامب بأن الحرب الأوكرانية لا يمكن أن تستمر إن قطع الطريق على التصدير الروسي الذي يلعب دوراً في تمويل الموازنة، بعدما رفض كل من بكين ونيودلهي التعاون مع واشنطن في هذا الخصوص. فعلى سبيل المثال، لعبت الصين دوراً حاسماً في انعاش الاقتصاد الروسي عبر استيعاب نحو 35% من صادرات النفط والغاز الروسي، أي بما يعادل 83 مليار دولار أميركي.

على خطى اتفاق "طراد كوينسي"، يسعى الرئيس الأميركي اليوم الى السير به. لكنّ ما يشتهيه الأميركي ليس من الضروري أن يتطابق مع ما يبتغيه السعودي. إذ إن طريقة "المظلة الأمنية الأميركية" لم تعد مناسبة للخيارات العسكرية للرياض التي تريد تعزيز قدراتها القتالية، وليس وضع حماية. لهذا أتت صفقة طائرات "أف-35" أولوية تفاوضية لنجاح اللقاء. هذا الأمر كسر المعادلة التاريخية لواشنطن في الشرق الأوسط، التي بنيت على أساس التفوق العسكري لربيبتها إسرائيل، وليس هذا وحسب، بل أبعدت طموح إسرائيل في تقريب موضوع التطبيع الذي طالب ترامب بأن يكون شرطه لإتمام الصفقة العسكرية.

لم يعد العمل باتفاق كوينسي يتناسب مع تغيير الظروف الدولية الحاصلة، للولايات الأميركية. فالحرب التي افتتحها الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، فتحت للمملكة مروحة واسعة في مسار العلاقات الدولية، وساعد ذلك الصعود الصيني واندفاعته نحو تغيير النظام. هذا ما أحبط ممارسة ضغوط الإدارة الأميركية من بوابة مقتل الصحافي خاشقجي، وسحبها البطاريات الدفاعية باتريوت من المملكة في عزّ حاجتها إليها لمواجهة صواريخ الحوثيين الباليستية. لقد وجد بن سلمان أن باستطاعة بلاده المناورة مع فتح التقارب إلى جانب الصين وروسيا، لا بل فتح باب التقارب مع إيران التي شكلت مدى عقود خطراً على النظام ودول الخليج وتدخلت في الشأن العربي عبر وكلائها.

فهم بن سلمان حاجة واشنطن إلى المال، وهذا ما عبّر عنه ترامب بقوله على هامش المؤتمر الصحافي أن ما يهمه هو "إدخال المال لبلادنا"، وما يفسر انفعاله أمام مراسلة شبكة "ABC News" ماري بروس، بعد سؤالها بن سلمان عن "قضية جمال خاشقجي". فمع الحاجة الترامبية إلى إنقاذ عهده الذي يتخبط في الأزمات الداخلية، أتى اللقاء السعودي ليعيد، هذه المرة، ترميم كوينسي ولكن ليس على متن طراد، بل على وقع "رنين" الدولارات من خلال الوعود الاستثمارية، وإن بن سلمان اليوم، ليس أنور السادات الأمس، الذي سحبت منه ورقة فلسطين في كامب ديفيد عام 1978. إذ تشير التقارير الى أن هذا اللقاء ما كان ليتمّ لو لم تتضمن خطة ترامب في مجلس الأمن بند الاعتراف بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم.

"لقاء" تعادل فيه الطرفان، ومرة جديدة استطاعت دول الخليج العربي من المملكة إلى قطر وضع حدّ لعنجهية إسرائيل في المنطقة، ورسمت أطر التحالفات الجديدة مع الراعي الأميركي لإعادة القضايا العربية إلى الساحة الدولية، فهل من نيو كوينسي لتأسيس مصالح عربية جديدة؟

 

-المقاربة الواردة لا تعكس بالضرورة رأي مجموعة "النهار" الإعلامية.

الأكثر قراءة

العالم 11/25/2025 5:00:00 PM
مرحباً من "النهار"، إليكم خمسة أخبار بارزة حتى الساعة الخامسة عصراً بتوقيت بيروت...
لبنان 11/24/2025 8:28:00 PM
دير مار يوسف في جربتا يوضح أن النور الملاحظ قرب قبر القدّيسة رفقا ناجم عن بروجيكتور ولا يرتبط بأي ظاهرة استثنائية.