خطة ترامب لأوكرانيا... أوروبا بين الضغوط الأميركية وواقع الحرب

آراء 25-11-2025 | 00:14

خطة ترامب لأوكرانيا... أوروبا بين الضغوط الأميركية وواقع الحرب

يبدو أن القارة الأوروبية، رغم ترحيبها الديبلوماسي، بعيدة كل البعد عن قبول الخطة الأميركية للحرب في أوكرانيا كما هي. فسلامٌ يكتب في واشنطن، أو يفرض في موسكو، لن يجد طريقه إلى بروكسل. 
خطة ترامب لأوكرانيا... أوروبا بين الضغوط الأميركية وواقع الحرب
الرئيس الأوكراني ورئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا. (أ ف ب)
Smaller Bigger

لم يمر البيان المشترك الذي صدر عن زعماء الاتحاد الأوروبي وأصدقاء أوكرانيا في 22 تشرين الثاني/ نوفمبر 2025 مرور الكرام؛ فبين الترحيب الحذر بالمبادرة الأميركية للسلام، وبين التأكيد الصارم على المبادئ الأوروبية، بدا واضحاً أن القارة الأوروبية تتعامل مع خطة ترامب للسلام في أوكرانيا باعتبارها وثيقة "قيد العمل"، لا مشروعاً جاهزاً لإنهاء أكبر حرب تشهدها أوروبا منذ عقود.

 

البيان الأوروبي، الصادر على هامش قمة العشرين في جوهانسبرغ، رحّب بالجهود الأميركية لتسوية النزاع، ولم ينفِ أهمية المسوّدة المؤلّفة من 28 بنداً، لكنه شدّد على أن هذه المسوّدة ليست قابلة للتطبيق قبل إدخال تعديلات جوهرية عليها. بذلك، أراد الأوروبيون تجنّب كسر الجسور مع واشنطن من جهة، ومن جهة أخرى إرسال رسالة واضحة بأن أوروبا لن تقبل تسوية تُفرض عليها أو على أوكرانيا.

 

وزير الخارجية الأميركية ماركو روبيو (أ ف ب)
وزير الخارجية الأميركية ماركو روبيو (أ ف ب)

 

اللافت في البيان ليس ما ورد فيه، بل ما حاول تجنبه؛ فالقادة الأوروبيون لم يرفضوا الخطة شكلاً، لكنهم ركّزوا على ثلاثة خطوط حمراء: أن الحدود لا تغير بالقوة، وهي إشارة واضحة إلى بند الاعتراف بالسيادة الروسية على القرم ودونباس. ورفض فرض قيود على القدرات العسكرية الأوكرانية، لأن ذلك من شأنه أن يترك كييف عرضة لهجوم جديد في المستقبل.

 

أما الخط الأحمر فهو تأكيد أن أي بنود تخص الاتحاد الأوروبي أو "الناتو" تحتاج موافقة كافة الأعضاء، في رسالة مفادها أن واشنطن لن تستطيع تمرير اتفاق يتجاوز بروكسل.

 

ومع توسّع التسريبات بشأن تفاصيل "خطة ترامب"، ازداد القلق الأوروبي؛ فالخطة، وفق ما تسرّب، تتضمن اشتراطات شديدة الحساسية، مثل خفض عدد القوات المسلحة الأوكرانية، ومنع كييف من الانضمام إلى "الناتو" دستورياً، وإنشاء مناطق منزوعة السلاح، واعتراف ضمني بالأمر الواقع الروسي. هذه البنود تعد، بمنطق الأمن الأوروبي، وصفة لعدم الاستقرار على المدى الطويل، لا لتحقيق سلام دائم.

 

إن الموقف الأوروبي قابل للقراءة بوضوح: أوروبا لن تقبل أي خطة تشرعن مكاسب روسيا الإقليمية أو تضعف قدرة أوكرانيا على الدفاع عن نفسها. لذلك يبدو الرفض الأوروبي، حتى وإن جاء بصيغة ديبلوماسية ناعمة، هو السيناريو الأكثر ترجيحاً.

 

على الجانب الأوكراني، الاحتمالات ليست أكثر تعقيداً؛ فكييف لا تستطيع سياسياً أو شعبياً قبول اتفاق يفرض عليها التنازل عن أراضٍ محتلة، أو خفض جيشها، أو التخلي دستورياً عن خيار الانضمام إلى الناتو. يذكر أن القيادة الأوكرانية تدرك أن قبول مثل هذه الخطة سينظر إليه داخلياً كاستسلام سياسي، وخارجياً كترسيخ طويل الأمد للنفوذ الروسي.

 

النتيجة لكل ذلك هي أن الحرب ستستمر على الأرجح، ولو بوتيرة متغيرة، وأن الدعم الأوروبي لأوكرانيا لن يتراجع في المدى المنظور. وما ستفعله أوروبا هو التعامل مع خطة ترامب باعتبارها إطاراً تفاوضياً يمكن البناء عليه، وليست مشروع سلام نهائي.

 

فالبيان الأوروبي يمكن فهمه: التفاوض ممكن، لكن ليس بأي ثمن. ويبدو أن القارة الأوروبية، رغم ترحيبها الديبلوماسي، بعيدة كل البعد عن قبول الخطة الأميركية كما هي. فسلام يكتب في واشنطن أو يفرض في موسكو لن يجد طريقه إلى بروكسل. أوروبا تريد سلاماً دائماً، لا صفقة سريعة، وهذه هي العقدة الأساسية التي تجعل "خطة ترامب" حتى الآن مجرد مسوّدة لا تلامس الواقع.

 

-المقاربة الواردة لا تعكس بالضرورة رأي مجموعة "النهار" الإعلامية.

الأكثر قراءة

سياسة 11/24/2025 8:20:00 AM
مصدر إسرائيلي: "حكومة لبنان لن تقوم بمهمة إضعاف حزب الله ولن ننتظر"...
النهار تتحقق 11/24/2025 2:09:00 PM
ستشاهدون روائع. سبائك ذهب وتماثيل ذهبية وصناديق أثرية. ما القصة؟
لبنان 11/24/2025 12:40:00 PM
وكالة الصحافة الفرنسية: مصدر قريب من "حزب الله" يقول إن الحزب منقسم بين رأيين حالياً يفضّل أحدهما الرد على اغتيال الطبطبائي ويدعو الآخر للامتناع عن ذلك
لبنان 11/24/2025 2:26:00 PM
على رأسهم الأمين العام للحزب، الشيخ نعيم قاسم، يليه النائب محمد رعد