قصف على الجنوب اللبناني.
بيار جبّور
باحث في شؤون مكافحة الإرهاب
في ظل سيناريو يختار فيه "حزب الله" العودة إلى وسائل اتصال منخفضة التقنية، وإلى لامركزية العمليات ضد إسرائيل، تتغيّر قواعد اللعبة الاستخبارية، ما يفقدها الاعتماد على اعتراض الاتصالات لتُعوَّض بطرق أخرى. ولكن الطريق أمام "الحزب" محفوفةبالتحديات السياسية والبشرية واللوجستية، ولا سيما من ناحية طريقة استجابة إسرائيل، على المستويين الاستراتيجي والعملي.
تعديل النمط الاستخباراتي
مع تقلّص إشارات الاتصالات بعد عودة "حزب الله" إلى تكنولوجيا العصر الحجري (حظر هواتف، استخدام الرسل البدائيين)، فقدت قدرات اعتراض الرسائل جزءاً كبيراً من ميزتها. لذلك، سيشمل الرد الإسرائيلي إعادة توجيه الموارد نحو الاستخبارات البشرية والاستخبارات الميدانية؛ على سبيل المثال، تجنيد مصادر محلية، مراقبة بشرية مستمرّة، وزيادة الاعتماد على الأدلة المخبرية (forensics) لاستخلاص دلائل من ساحات القتال والمعدات المصادرة، حيث التوازن بين الاستخبارات البشرية (HUMINT) والتقنيات المتاحة سيصبح محورياً لتجميع صورة استخبارية قابلة للاعتماد. توازياً، من المتوقع أن نشهد زيادة في عمليات الاستخراج والاغتيال الاستهدافي، وهو مزيج دقيق وتحت سقف التهدئة.
أما بالنسبة إلى الرد التكتيكي فسيبقى متعدّد الوسائط، كالضربات الدقيقة بطائرات مسيّرة، والعمليات الخاصة، واستهداف بنى قيادية ولوجستية محدّدة. لكنها ستبقى ضمن الخطوط الحمراء، لأن هناك حساباً دقيقاً لمخاطر التصعيد الشامل. والهدف هنا هو تقويض الثقة الداخلية لدى "حزب الله"، والتي هي اليوم في أضعف حالاتها رغم الخطاب التصعيدي.
ثانياً، ضرب نقاط حيوية في سلسلة الإمداد، واستعادة قدر من المبادرة الاستخبارية، من دون دفع الوضع إلى مواجهة واسعة.
ثالثاً، توسيع الرصد الفني والتركيز على الأنماط السلوكية. فحتى مع إعادة "حزب الله" لطرق التواصل التقليدية، تبقى القدرات البصرية والاعتراضات الفنية (أقمار اصطناعية، طائرات ISR الاستخباراتية، المراقبة، والاستطلاع) فعّالة في كشف تجمعات ونقل ذخيرة أو سلوكيات لوجستية تكشف عن نشاط الخلايا القتالية.
وهنا يمكن إدراك أنّ التحول نحو استخراج "نماذج حركة" وسلوكيات لوجستية بدل الاعتماد على محتوى الاتصالات هو مفتاح لمتابعة وحدات متنقلة ولامركزية.
رابعاً، الهجوم على سلاسل الإمداد واللوجستيات عبر استهداف شبكات التوريد من الموانىء وطرق التهريب عبر الوسطاء.
خامساً، تعطيل قطع الغيار، مصادرة مخازن الذخيرة، واعتراض مواد لوجستية، مما يُضعف قدرة الخلايا اللامركزية على تنفيذ هجمات متسلسلة ويزيد من تكاليف التشغيل لديها.
سادساً، تضييق الميدان الأمني في لبنان مع ضغط استخباراتي وديبلوماسي. هذه الاستراتيجية ستتجاوز العمل العسكري المباشر إلى فضاءات ديبلوماسية واستخباراتية، واستغلال القنوات الدولية والضغط على جهات إقليمية لقطع الدعم المادي والتقني، وتوسيع التعاون مع شركاء إقليميين ودوليين لتعقب التمويل والتوريد؛ وهذا الفعل قد يساهم في تقليص قدرات الدعم الخلفيّ للخلايا الميدانية.
أما في ما يخص التدابير التكتيكية المتوقعة على الأرض فنلحظها في خمس فرضيات على الشكل الآتي:
- عمليات خاصة وقوات نخبوية وفق هجمات سريعة ومدروسة على تجمعات قيادية ومنصات إطلاق تهدف إلى تحجيم المبادرة لدى خلايا "حزب الله" مع إدراك أن القواعد اللامركزية قد تسمح ببقاء نشاط متقطع.
- حملات تجسّس ميداني مُكثفة (HUMINT/CHIS) مصادر استخباراتية بشرية سرية، واستقطاب مخبرين محليين، وجمع معلومات من السكان، ومراقبة بشرية مكثفة لتعويض فجوة الاعتراض الرقميّ.
- عمليات إلكترونية وسيبرانية عكسية، كمحاولة تعطيل قنوات بثّ منخفضة التقنية أو نقاط تصنيع/توريد الأجهزة البديلة (مثل البيجر التي كشفت) إلى جانب ضرب بنيات تحتية داعمة، ضمن إطار يوازن ما بين الفاعلية ودرجة التصعيد.
- استخدام طائرات صغيرة ومسيّرة للاستطلاع والضرب الدقيق ضد وحدات مشتبه بها أو شبكات نقل متنقلة؛ وهذا ما نشهده حالياً، بما يتناسب مع بيئات حضرية وريفيّة معقّدة.
- إجراءات أمنية داخلية وإدارة المخاطر، وتشمل قيوداً حدودية موقتة في الشمال الإسرائيلي، ووضع خطوط إخلاء وخطط استجابة مدنية لتقليل آثار هجمات استنزافية.
ووفقاً لما أوردته آنفًا، فإن نقاط القوة الإسرائيلية وقيودها في هذا السيناريو على الشكل الآتي:
نقاط القوة:
تفوق تقني واستخباراتي طويل الأمد في مجالات OSINT /SIGINT استخبارات الإشارة واستخبارات المصادر المفتوحة واستخدام منصات ISR.
قدرة معقدة على دمج HUMINT مع البيانات التقنية بسرعة نسبية.
أما في ما يخص القيود والتحديات الإسرئيلية فنلحظ الآتي:
- الخلايا اللامركزية الصغيرة قد تكون صعبة الاكتشاف والاحتواء قبل التنفيذ.
- ملاحقتها داخل بيئات مدنية كثيفة تكبّد تكلفة زمنية وبشرية عالية، وتحمل تبعات سياسية ومدنية.
إذا اختار "حزب الله" أو أي فاعل مسلح العودة إلى "تكنولوجيا العصر الحجري" واللامركزية مع تطبيق صارم، والحدّ من الاتصالات الرقمية، فإن الاستجابة الإسرائيلية ستتمحور حول تحويل التركيز من اعتراض الاتصالات إلى تعزيز الاستخبارات البشرية، ضرب سلاسل الإمداد، تنفيذ ضربات استخباراتية خاصة دقيقة، وتوسيع المراقبة البصرية وتحليل الأنماط السلوكية. ومن المتوقع أن يترتب على هذا التوازن تصاعد في عمليات تكتيكية متقطعة واشتباكات محلية وهجمات محدودة مع احتمال بقاء حالة توتر طويلة الأمد بدلاً من حسم سريع، في النهاية يظل احتمال التصعيد مسألة محكومة بالعودة المتبادلة للحسابات السياسية والميدانية لدى الطرفين.
باحث في شؤون مكافحة الإرهاب
في ظل سيناريو يختار فيه "حزب الله" العودة إلى وسائل اتصال منخفضة التقنية، وإلى لامركزية العمليات ضد إسرائيل، تتغيّر قواعد اللعبة الاستخبارية، ما يفقدها الاعتماد على اعتراض الاتصالات لتُعوَّض بطرق أخرى. ولكن الطريق أمام "الحزب" محفوفةبالتحديات السياسية والبشرية واللوجستية، ولا سيما من ناحية طريقة استجابة إسرائيل، على المستويين الاستراتيجي والعملي.
تعديل النمط الاستخباراتي
مع تقلّص إشارات الاتصالات بعد عودة "حزب الله" إلى تكنولوجيا العصر الحجري (حظر هواتف، استخدام الرسل البدائيين)، فقدت قدرات اعتراض الرسائل جزءاً كبيراً من ميزتها. لذلك، سيشمل الرد الإسرائيلي إعادة توجيه الموارد نحو الاستخبارات البشرية والاستخبارات الميدانية؛ على سبيل المثال، تجنيد مصادر محلية، مراقبة بشرية مستمرّة، وزيادة الاعتماد على الأدلة المخبرية (forensics) لاستخلاص دلائل من ساحات القتال والمعدات المصادرة، حيث التوازن بين الاستخبارات البشرية (HUMINT) والتقنيات المتاحة سيصبح محورياً لتجميع صورة استخبارية قابلة للاعتماد. توازياً، من المتوقع أن نشهد زيادة في عمليات الاستخراج والاغتيال الاستهدافي، وهو مزيج دقيق وتحت سقف التهدئة.
أما بالنسبة إلى الرد التكتيكي فسيبقى متعدّد الوسائط، كالضربات الدقيقة بطائرات مسيّرة، والعمليات الخاصة، واستهداف بنى قيادية ولوجستية محدّدة. لكنها ستبقى ضمن الخطوط الحمراء، لأن هناك حساباً دقيقاً لمخاطر التصعيد الشامل. والهدف هنا هو تقويض الثقة الداخلية لدى "حزب الله"، والتي هي اليوم في أضعف حالاتها رغم الخطاب التصعيدي.
ثانياً، ضرب نقاط حيوية في سلسلة الإمداد، واستعادة قدر من المبادرة الاستخبارية، من دون دفع الوضع إلى مواجهة واسعة.
ثالثاً، توسيع الرصد الفني والتركيز على الأنماط السلوكية. فحتى مع إعادة "حزب الله" لطرق التواصل التقليدية، تبقى القدرات البصرية والاعتراضات الفنية (أقمار اصطناعية، طائرات ISR الاستخباراتية، المراقبة، والاستطلاع) فعّالة في كشف تجمعات ونقل ذخيرة أو سلوكيات لوجستية تكشف عن نشاط الخلايا القتالية.
وهنا يمكن إدراك أنّ التحول نحو استخراج "نماذج حركة" وسلوكيات لوجستية بدل الاعتماد على محتوى الاتصالات هو مفتاح لمتابعة وحدات متنقلة ولامركزية.
رابعاً، الهجوم على سلاسل الإمداد واللوجستيات عبر استهداف شبكات التوريد من الموانىء وطرق التهريب عبر الوسطاء.
خامساً، تعطيل قطع الغيار، مصادرة مخازن الذخيرة، واعتراض مواد لوجستية، مما يُضعف قدرة الخلايا اللامركزية على تنفيذ هجمات متسلسلة ويزيد من تكاليف التشغيل لديها.
سادساً، تضييق الميدان الأمني في لبنان مع ضغط استخباراتي وديبلوماسي. هذه الاستراتيجية ستتجاوز العمل العسكري المباشر إلى فضاءات ديبلوماسية واستخباراتية، واستغلال القنوات الدولية والضغط على جهات إقليمية لقطع الدعم المادي والتقني، وتوسيع التعاون مع شركاء إقليميين ودوليين لتعقب التمويل والتوريد؛ وهذا الفعل قد يساهم في تقليص قدرات الدعم الخلفيّ للخلايا الميدانية.
أما في ما يخص التدابير التكتيكية المتوقعة على الأرض فنلحظها في خمس فرضيات على الشكل الآتي:
- عمليات خاصة وقوات نخبوية وفق هجمات سريعة ومدروسة على تجمعات قيادية ومنصات إطلاق تهدف إلى تحجيم المبادرة لدى خلايا "حزب الله" مع إدراك أن القواعد اللامركزية قد تسمح ببقاء نشاط متقطع.
- حملات تجسّس ميداني مُكثفة (HUMINT/CHIS) مصادر استخباراتية بشرية سرية، واستقطاب مخبرين محليين، وجمع معلومات من السكان، ومراقبة بشرية مكثفة لتعويض فجوة الاعتراض الرقميّ.
- عمليات إلكترونية وسيبرانية عكسية، كمحاولة تعطيل قنوات بثّ منخفضة التقنية أو نقاط تصنيع/توريد الأجهزة البديلة (مثل البيجر التي كشفت) إلى جانب ضرب بنيات تحتية داعمة، ضمن إطار يوازن ما بين الفاعلية ودرجة التصعيد.
- استخدام طائرات صغيرة ومسيّرة للاستطلاع والضرب الدقيق ضد وحدات مشتبه بها أو شبكات نقل متنقلة؛ وهذا ما نشهده حالياً، بما يتناسب مع بيئات حضرية وريفيّة معقّدة.
- إجراءات أمنية داخلية وإدارة المخاطر، وتشمل قيوداً حدودية موقتة في الشمال الإسرائيلي، ووضع خطوط إخلاء وخطط استجابة مدنية لتقليل آثار هجمات استنزافية.
ووفقاً لما أوردته آنفًا، فإن نقاط القوة الإسرائيلية وقيودها في هذا السيناريو على الشكل الآتي:
نقاط القوة:
تفوق تقني واستخباراتي طويل الأمد في مجالات OSINT /SIGINT استخبارات الإشارة واستخبارات المصادر المفتوحة واستخدام منصات ISR.
قدرة معقدة على دمج HUMINT مع البيانات التقنية بسرعة نسبية.
أما في ما يخص القيود والتحديات الإسرئيلية فنلحظ الآتي:
- الخلايا اللامركزية الصغيرة قد تكون صعبة الاكتشاف والاحتواء قبل التنفيذ.
- ملاحقتها داخل بيئات مدنية كثيفة تكبّد تكلفة زمنية وبشرية عالية، وتحمل تبعات سياسية ومدنية.
إذا اختار "حزب الله" أو أي فاعل مسلح العودة إلى "تكنولوجيا العصر الحجري" واللامركزية مع تطبيق صارم، والحدّ من الاتصالات الرقمية، فإن الاستجابة الإسرائيلية ستتمحور حول تحويل التركيز من اعتراض الاتصالات إلى تعزيز الاستخبارات البشرية، ضرب سلاسل الإمداد، تنفيذ ضربات استخباراتية خاصة دقيقة، وتوسيع المراقبة البصرية وتحليل الأنماط السلوكية. ومن المتوقع أن يترتب على هذا التوازن تصاعد في عمليات تكتيكية متقطعة واشتباكات محلية وهجمات محدودة مع احتمال بقاء حالة توتر طويلة الأمد بدلاً من حسم سريع، في النهاية يظل احتمال التصعيد مسألة محكومة بالعودة المتبادلة للحسابات السياسية والميدانية لدى الطرفين.
الأكثر قراءة
المشرق-العربي
11/2/2025 7:34:00 PM
أفادت شبكة "سي أن أن" الأميركية، استناداً إلى مصادر استخباراتية أوروبية، بأن هناك دلائل إضافية على جهود الجمهورية الإسلامية لإعادة تأهيل قدرات وكلائها، وعلى رأسهم "حزب الله"
ثقافة
11/1/2025 8:45:00 PM
بصمة لبنانية في مصر تمثّلت بتصميم طارق عتريسي للهوية البصرية للمتحف المصري الكبير.
ثقافة
11/2/2025 10:46:00 AM
"والدي هو السبب في اكتشاف المقبرة، وكان عمره وقتها 12 عاماً فقط سنة 1922."
مجتمع
11/1/2025 8:08:00 PM
قاصر ضحية اعتداء جنسي في حارة الناعمة...
نبض