المحامية داليدا حبشي 

ابتسم أنت في لبنان بلد الحرف والثقافة والمعرفة، بلد جبران وشارل مالك وسعيد عقل.

ابتسم انت في لبنان بلد الفن والجمال والإبداع، بلد فيروز والرحابنة وصباح ووديع الصافي.

هذا هو لبنان الذي ورثناه وعشقناه وعلّمناه لأولادنا وثابرنا لأجله وقدمنا التضحيات في سبيله. عهدنا حروب وأزمات وخضات عديدة، وفي كل مرة كنا نتأمل بتحقيق هذا الحلم الذي هو لبنان. 

سقط الرئيس بشير الجميل ولم يسقط الحلم، سقط رئيس الحكومة رفيق الحريري وشهداء ثورة الأرز ولم يسقط الحلم، سقط الصحافي والنائب جبران تويني وظل صدى شعار الوحدة بين المسيحيين والمسلمين  راسخاً في عقولنا وأذهاننا ولم يسقط الحلم. 

 بعد جولات وجولات من اليأس والبؤس أتى الرئيس جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام ووعدانا بخطابهما بتحقيق هذا الحلم وبحصرية السلاح بيد الدولة وتسليم سلاح المخيمات الفلسطينية وحل معضلة السلاح المتفلت، فتأملنا خيراً بتحقيق هذا الحلم وبناء دولة واحدة موحدة لجميع اللبنانيين نعيش فيها وأبنائنا بسلام.

 وبعد أشهر من العجز وعدم ظهور أي بوادر لتحقيق هذا الحلم يقتل شاب لبناني كل خطيئته أنه وأهله حلموا بهذا اللبنان وقاوموا ولم يتركوا هذا البلد وواجهوا كل أنواع الأزمات في سبيل هذا الحلم، فضل الولد الطريق في بلده لبنان لينتهي به الأمر مقتولاً بالرصاص الفلسطيني وذلك فقط لأنه لم يتوقف على حاجز أقامه فلسطنيون في عاصمة بلاده بيروت.

أين نحن في أي زمن وفي أي مكان؟ نحن في العام 1975 أم في العام 2025؟ في بيروت أم في فلسطين؟ ضللنا الطريق واختلطت علينا الأمور ولم نعد ندرك لا الزمان ولا المكان، فعاش الرئيس وعاش رئيس الحكومة وسقط الحلم. 

سقط الحلم وأدركنا أن هذا الحلم مستحيل، نحن عشنا ونعيش في وهم اسمه لبنان، حاولنا سنين طويلة رفض هذا الواقع المرير، قاومناه وحاولنا تغييره عبر فتح باب الحياة في لبنان من خلال العلم والفن والجمال، فعلمنا أولادنا وأيقظنا فيهم حب المعرفة والإبداع وعلمناهم ثقافة الحب والحياة، ولكن مع الأسف أدركنا أخيراً أنّ هناك بابين فقط في لبنان لا ثالث لهما، إما باب الموت والمقابر وإما باب الطائرة وعليكم السلام. 

ابتسم انت في لبنان!