الاقتصاد الحربي: كيف يستفيد التحالف الأميركي-الإسرائيلي من حروب الشرق الأوسط؟
 
                                    د. خالد العزي*
يعد اقتصاد الحرب أحد المفاهيم الحديثة التي ارتبطت بنمو الرأسمالية الاحتكارية، بحيث يبرز هذا الاقتصاد من خلال الحروب والصراعات المستمرة في الشرق الأوسط، والتي تساهم في تعزيز هيمنة الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل على المنطقة.
منذ بداية القرن العشرين، شكل التحالف الأميركي-الإسرائيلي أحد الركائز الإستراتيجية التي ساهمت في صوغ السردية الغربية حول الشرق الأوسط وفلسطين. هذه السردية التي تستند إلى رؤية دينية وأيديولوجية، لم تكن فقط عن الأرض الموعودة أو ملكوت إسرائيل الكبير، بل كانت ولاتزال تلعب دوراً مهماً في تعزيز الهيمنة السياسية والاقتصادية الغربية.
في هذا السياق، يتكشف كيف أن الحروب والصراعات في المنطقة تساهم في تحقيق المصالح الاقتصادية لعدد من الأطراف، وأبرزها الولايات المتحدة، التي تجد في هذه الصراعات فرصة لتحقيق مكاسب ضخمة عبر صناعة السلاح واستراتيجيات الهيمنة العسكرية.
أصول التحالف الإستراتيجي الأميركي-الإسرائيلي وطبيعته
يعود التحالف الأميركي-الإسرائيلي إلى بدايات القرن العشرين، عندما كانت الهجرة اليهودية إلى فلسطين تتزايد، وكان الخطاب الصهيوني يلقى دعماً من القوى الغربية، ولاسيما منها بريطانيا وأميركا. هذا التحالف تطور بعد إنشاء إسرائيل في 1948 ليصبح تحالفاً إستراتيجياً على مختلف الصعد العسكرية والاقتصادية. وتُعتبر اتفاقية "سايكس-بيكو" والهيمنة على المنطقة العربية من أهم الركائز التي دعمها هذا التحالف. وكان اللوبي الصهيوني في أميركا وبريطانيا يلعب دوراً كبيراً في تسريع هذا التحول وتحقيق أهدافه.
التحول في مفهوم العدو: من الاتحاد السوفياتي إلى الشرق الأوسط
بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، بدأت الولايات المتحدة بإعادة صوغ مفهوم "العدو" في استراتيجياتها العالمية، ليصبح العالم العربي والإسلامي هو التهديد الجديد للغرب. هذا التحول لم يكن ناتجاً من تهديد حقيقي بقدر ما كانت له خلفية اقتصادية وسياسية، إذ كان الشرق الأوسط يمثل بوابة للموارد الطبيعية والطاقة، بما في ذلك النفط والغاز، التي كانت ضرورية للاقتصاد الأميركي.
الاقتصاد الحربي: الربح من الحروب والصراعات
تُعد الحروب في الشرق الأوسط مصدراً مهماً للربح بالنسبة للاقتصاد الأميركي، بحيث تساهم مبيعات الأسلحة والخدمات العسكرية في دعم الشركات الأميركية الكبرى مثل "لوكهيد مارتن" و"بوينغ". الحروب في المنطقة تشكل أرض اختبار للأسلحة الجديدة، ويستفيد منها الاقتصاد الأميركي بشكل كبير، خصوصاً مع ازدياد الطلب على الأسلحة والتكنولوجيا العسكرية.
الهيمنة العسكرية والإسرائيلية: شراكة استراتيجية
التحالف الأميركي-الإسرائيلي لم يكن محصوراً بالمجال العسكري فحسب، بل تعداه إلى المجال الاقتصادي. إسرائيل أصبحت شريكاً رئيسياً في الاقتصاد الحربي الأميركي، من خلال تصدير صناعاتها الدفاعية وتطوير تقنيات متقدمة. كما أن الحروب المستمرة في المنطقة قد زادت من قدرات إسرائيل العسكرية والاستخباراتية، مما جعلها لاعباً مهماً في الاستراتيجيات الأميركية.
تأثير اقتصاد الحرب على الاقتصادين الأميركي والإسرائيلي

الحروب في الشرق الأوسط ليست لها تأثيرات على المنطقة نفسها فحسب، بل تمتد تداعياتها إلى الاقتصاد العالمي. في الولايات المتحدة، تُعتبر صناعة السلاح مصدراً مهماً للإيرادات، في حين أن إسرائيل تستفيد من هذا التحالف لتعزيز قوتها العسكرية وتطوير تقنيات جديدة. ومع ذلك، يواجه الاقتصادان الأميركي والإسرائيلي تحديات طويلة الأمد جراء الأكلاف الباهظة لهذه الحروب، من الدمار الاقتصادي في الشرق الأوسط إلى الضغوط المالية التي قد تؤثر على الاستقرار الداخلي.
الاستدامة الحربية: أزمة اقتصادية ومالية محتملة
رغم المكاسب الاقتصادية على المدى القريب، يواجه النظام الأميركي والإسرائيلي أزمات مالية قد تؤثر على استدامة هذا الاقتصاد الحربي. تشير التحليلات الاقتصادية إلى أن زيادة الإنفاق العسكري يمكن أن تؤدي إلى أزمة مالية في المستقبل، خصوصاً مع الضغوط الداخلية المتزايدة على الميزانية الأميركية وتزايد ديون الولايات المتحدة.
نتائج الحروب وأثرها على العلاقات الدولية
يبدو أن الحروب المستمرة في الشرق الأوسط لا تساهم  في تعزيز الهيمنة الأميركية والإسرائيلية فحسب، بل قد تؤدي في النهاية إلى تصاعد التوترات العالمية. مع بداية تشكل نظام عالمي متعدد القطب وظهور تحولات في الوعي العربي والإسلامي، قد تؤثر هذه التحولات على مستقبل التحالفات الغربية في المنطقة. إضافة إلى ذلك، فإن استمرار الحرب قد يعرض إسرائيل والولايات المتحدة لأزمات اقتصادية قد تقوض استدامة هذا التحالف على المدى الطويل.
-المقاربة الواردة لا تعكس بالضرورة رأي مجموعة "النهار" الإعلامية.
 
     
                                                                             
                                                                             
                                                                             
                                                                             
                                                                             
                                                                             نبض
                                                                        نبض
                                                                     
                                                 
                                                 
                                                 
                                                 
                                                 
                                                 
                                                 
                                                