لم أؤمن يوماً بأنّ المرأة "ضحية"... بل قوية!

منبر 10-03-2025 | 10:12

لم أؤمن يوماً بأنّ المرأة "ضحية"... بل قوية!

"ما هو مجال عملك في الإعلام؟ وما هي المؤسسة الإعلامية التي تعملين لمصلحتها؟"، سؤال طرحه عليّ أحد الأشخاص في جلسة عشاء. فأجبته عن عملي في الإعلام المرئي والمسموع والرقمي والمكتوب
لم أؤمن يوماً بأنّ المرأة "ضحية"... بل قوية!
أنا تربيت أن أكون "حرة، مستقلة، قوية
Smaller Bigger

كاتيا سعد – الامارات

 

 

"ما هو مجال عملك في الإعلام؟ وما هي المؤسسة الإعلامية التي تعملين لمصلحتها؟"، سؤال طرحه عليّ أحد الأشخاص في جلسة عشاء. فأجبته عن عملي في الإعلام المرئي والمسموع والرقمي والمكتوب، واستوقفه بالتحديد عملي في الصحافة المكتوبة، فقال: "بالتأكيد من مناصري المرأة وحقوقها، المساواة ودورها في المجتمع، والعنف الزوجي، ودائماً هي ضحية...". استفزّتني قليلاً طريقة كلامه، لكنني لم أشأ أن أكون "هجومية" في جوابي احتراماً لنفسي، لشخصه ولمنصبه أيضاً، واكتفيت بالقول: "أنت مخطئ... فأنا لا أؤمن بالتعميم، وأنا أكتب عن النساء والرجال وفقاً للموضوع والشخصية... وأنا أعتبر أن المرأة قوية كما الرجل، ويمكن للرجل أن يقع هو ضحية كما المرأة... فلا فرق!".
لم أكن أدرك أنّ هذا السؤال البسيط و"البديهي" بين شخصين اجتمعا مع الأصدقاء، سيفتح الباب أمام نقاش "جدلي" عمره من تاريخ ولادة الرجل والمرأة. ومنذ أن كبرت ونضجت، وبدأت أطّلع على المفاهيم التي تعنى بموضوع المرأة والرجل، وعملت في مجال الإعلام الذي بطبيعة الحال يخصص مساحة كبرى له، وأنا أؤمن بأنّ أساس هذه الإشكالية يعود إلى التربية قبل أي شيء، وأنّ حالات الاستثناء ليست القاعدة، وأنه لا يجوز التعميم إطلاقاً.
حتى اليوم، ترافقني جملة أبي وأنا طفلة، يتحدّث إلى إخوتي "الصبيان": "كاتيا أختكم... يعني متلك متلها، ما في فرق". هذه العبارة هي الحجر الأساس التي، عندما كبرت، فهمت أنه ما مرّ عليّ يوماً وشعرت بأي تفرقة، وامتدّ معي هذا الأمر في الجامعة والعمل وحتى في حياتي الخاصة وعلاقاتي مع أصدقائي أوحتى "الحبيب". لم أكن يوماً من مناصري "أسطوانة" أن المرأة ضحية بل على العكس لطالما آمنت بأن المرأة قوية، خصوصاً أنّ أمي امرأة قوية ومستقلة وهي أيضاً ساهمت في رسم هذه الصورة في ذهني.
أنا تربيت أن أكون "حرة، مستقلة، قوية، أتّكل على نفسي، الرجل ليس أداة للتحرّر بل شريك، لديّ الكثير من الحقوق، غير مهمشة..."، وأعيش حياتي متمسكة بهذه السِمات، وأتعامل مع النساء من حولي على هذا الأساس. لم أؤمن يوماً بوجود امرأة "ضحية"، وانا متمرّدة دوماً على "تضعيف" المرأة، لأنني أريد الاقتناع بأن كل امرأة قوية، ولا يجوز أن نذكر كلمة ضحية كي لا نعزز هذه النزعة لديها أو حتى في ذهنية الرجل. فرفض هذه التسمية هو الطريق من أجل محو هذه الحقيقة، لأنه في الواقع بالتأكيد هناك نساء "ضحايا" ولكن هل الرجل هو دائما المسؤول؟ بالتأكيد لا.. فتربية الأهل قد تكون هي البداية، لجعلهم يسيرون في طريق "الضحية".
تعبير "ضحية" يأخذني إلى مفاهيم متكررة، لدرجة تشبه "الأسطوانة". ما هي؟ مثل حقوق المرأة مهدورة، أين المساواة بين المرأة والرجل؟ التعنيف المنزلي للنساء، المرأة مُلزمة مِهناً محددة وغيرها من المفاهيم التي آن الأوان للتوقف عندها خصوصاً عام 2025.
هل المرأة التي اختارت أن تكون عازبة وتعمل وتكون سنداً لنفسها، ضحية؟ هل المرأة التي تزوجت وتبني عائلة متكاتفة مع زوجها وأولادها، ضحية؟ هل المرأة التي ترفض أن تصدق أكذوبة الرجل بأنه سيطلق زوجته وهو يطمح فقط الى أن تكون عشيقته، ضحية؟ هل المرأة التي أسست عملها الخاص او أصبحت في منصب الإدارة، ضحية؟ هل المرأة التي تمارس العمل السياسي، ضحية؟ هل المرأة التي حققت جوائز في مختلف المجالات، ضحية؟ هل المرأة المطلقة، التي لم تكترث لأحد ونجحت في إعادة بناء حياتها، ضحية؟  هل الطالبة المغتربة ثم التي استقرت وحدها في الخارج، ضحية؟
هذه النماذج وغيرها، هي للبعض أقلية والبعض الآخر أكثرية، ذلك لأن المرأة أولاً وكل شخص سواها ثانياً، سينظران إلى الصورة كل من منظاره، وما هي حال الشخص، ستعكس نظرته إلى الأمر.
اليوم يجب أن نركّز أكثرعلى صورة المرأة الناجحة والقوية، لا يجوز أن نسمح لما أصبح "استثناء" أن يتحوّل إلى "قاعدة". لا أنكر أن هذه المفاهيم لاتزال صالحة لتسليط الضوء عليها، لكن إن كنا في السابق نتحدث عن "فجوات"، فاليوم يمكن القول أننا نواجه "ثغرات" على أمل أن يُمحى أثرها. وهذا يعود إلى تربية الفتاة والفتى، تطور ذهنية المجتمع، دور الإعلام، الأصوات النسائية سواء في مجالات العمل أو حتى السياسة والجمعيات، وكذلك المرأة نفسها التي ترفض أن تنظر إلى نفسها على أنها "ضحية"، والتي تؤمن بأنّها يمكن أن تضع نفسها في المكانة التي تستحقها.

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

العالم 11/25/2025 5:00:00 PM
مرحباً من "النهار"، إليكم خمسة أخبار بارزة حتى الساعة الخامسة عصراً بتوقيت بيروت...
لبنان 11/24/2025 8:28:00 PM
دير مار يوسف في جربتا يوضح أن النور الملاحظ قرب قبر القدّيسة رفقا ناجم عن بروجيكتور ولا يرتبط بأي ظاهرة استثنائية.