صفعة الحقيقة

ريمون مرهج
نحيا في سباق مستمر لأجل مستقبل أفضل في مسيرة حياتنا وتمرّ السنون من عمرنا متسارعة فنجد أنفسنا في لحظة يقظة وتأمل أن رحلتنا في هذه الحياة قد شارفت على نهايتها. نستعرض أحداث ماضينا وإنجازاتنا الحالية وما حققناه منذ طفولتنا في هذا العالم وكم قدمنا من تضحيات جسام لأبنائنا وأحبابنا وكم حاولنا الوصول لأهداف رسمناها لأنفسنا منذ صبانا، لكن عند اقتراب موعد رحيلنا عن هذه الدنيا تجتاحنا رياح اليقظة والوعي ويسودنا القلق والخوف من مصيرنا المحتم والقريب، ونبدأ بالتفكير في قدوم لحظة الموت ونهاية حياتنا: إلى أين سنذهب؟ هل ستكون الروح في مكان آمن؟ هل ما حققناه هو كفيل لنيل رضى الله وعدم هلاك النفس؟. كما تضرب في أعماق الإنسان الملحد أمواج من الجزع والهلع وييدأ في طرح أسيلة على ذاته: هل عليّ أن أؤمن؟ هل يجب أن أتوب وأعترف بوجود الخالق؟ جميع البشر عند إقتراب موعد المنية يرتابون ويخافون من مصيرهم المجهول في العالم الآخر ويبدأون في الاهتمام بروحهم واتباع الإرشادات التي تنقي روحهم من كل الخطايا والذنوب التي ارتكبوها واعتادوا عليها، فيندمون على اهتمامهم بحاجاتهم الجسدية فقط وإهمالهم للأمور الروحية وواجباتهم تجاه الخالق وكم يدرك الكثير منا أن الوقت قد فات ولن ينفع الندم، لذلك علينا أن نبالي لأرواحنا ونكترث لمن خلقنا وما وهبه فينا من كنوز أعمق وأثمن من الماديات الفانية في هذا العالم فنكون شذاً طيباً للإنسان ونوراً جميلاً للحياة في هذه الأرض عندها نكمل رحلة العمر بهدوء وسلام غير آبهين بالموت وضمائرنا مرتاحة وأفئدتنا يغمرها الفرح السماوي.
حينما ننمو بالقيم والأخلاق ، بأعمال الخير والإيمان الثابت بالخالق وحينما نكون رسل العلم والثقافة وسراج المحبة والعطاء لأخوتنا في الإنسانية عندها نكون قد بنينا وأنجزنا ما هو أبدي وليس مرحلي مؤقّت لعدد من السنين في هذه الأرض.