ريمون مرهج  

يسير قطار الزمن في هذه الدنيا ونحن نحيا على أمل اللقاء في إحدى محطات عمرنا. نحيا في عالم أقام حواجز بيننا وشيّد جدراناً وأبراجاً من التقاليد والأعراف القاسية الظالمة، فجعلنا أغراباً عن بعضنا، نتمنى اللقاء للحظات ونحيا على نبضات حبنا الطاهر ورابطنا المقدس. كم من المرات أغتنم فرصة المرور صدفة قرب مسكنك علني ألمح وجهك من البعيد في ثوان معدودة أو ألتقي بك من دون سابق تصميم في سياراتَينا عندما نجوب شوارع المدينة فيتصبر نظري في عينيك لهنيهة تحكي لك آلاف كلمات الشوق والحنين ويرتجف قلبي من رؤية عينيك تطلق سهاماً كالبرق في أعماقي وتنثر وروداً ورياحين على قلبي وكأننا اختصرنا غربة أشهر بتلك اللحظة وأفرغنا كل آهات الولع ومشاعر الحزن والفرح في تلك البرهة من الزمن فيسود الأمان في حنايا الروح بعد قلق واضطراب طويل.
وإن جمعنا القدر ونحن نتسوق في أحد المتاجر أو في مناسبات دينية ووطنية واستطعنا أن نلقي السلام ونتحدث بعضاً من الكلام لثوان قليلة، نجدد فيه الوعد والعيش على عهدنا ووصايا حبنا بأبجدية لغتنا التي لا يفقهها البشر فهي لغة روحنا الواحدة. تجعلنا لحظات اللقاء تلك أقوياء فنرتوي مجدداً من ينبوع رابطنا ونكتسب الأمل والثبات لمواجهة كل ما يضعفنا أو يبعث اليأس فينا، فمعاً نحيا بروح واحدة ومعاً لا مستحيل ما دام رابطنا هو من رحم الروح وليس من رغبات الجسد.
كما الياسمين ينمو ويتسلق فوق كل شريط وحبال تواجهه وينثر عطره ويفوح بعد غروب الشمس وفي ظلمات الليل الحالك هكذا أنت إبقِ ثابتة في مبادئك وارتفعي فوق قيود هذا المجتمع البائس والظالم في كثير من تقاليده وانشري شذى أفكارك وطيب أنوثتك ومسك أحلامك وإيمانك في ظلمة هذا العالم فينتشر جمال الإنسانية ونور الخير وروعة الخالق في هذا العالم.