"ٱلإنسان ٱلجَديدَ ٱلَّذي يَتَجَدَّدُ لِلمَعرِفَةِ"

منبر 21-01-2025 | 12:39

"ٱلإنسان ٱلجَديدَ ٱلَّذي يَتَجَدَّدُ لِلمَعرِفَةِ"

الإنسان كائن ديناميكيّ، يتحرّك، يتقدَّم، يتطوَّر، يتحسَّن، مستقبليّ. لديه طاقات ينبغي أن يبلورها ويفعّلها. كما لا يمكنه البقاء في عالمه القديم أو التعريج بين القديم والجديد. بل تجده يعمل دَومًا لاستِكشاف عالم جديد يلبّي تطلُّعاته وانتظاراته التي لا تقف عند حدّ: "إن كان أحد في المسيح فهو خَلقٌ جديد"، ذلك أنّ يسوع هو القطب الذي يَسعى صوبه ويَدور في فلكه (2 قور 5: 17). 
"ٱلإنسان ٱلجَديدَ ٱلَّذي يَتَجَدَّدُ لِلمَعرِفَةِ"
الإنسان كائن ديناميكيّ، يتحرّك، يتقدَّم، يتطوَّر، يتحسَّن، مستقبليّ
Smaller Bigger

الاب ايلي قنبر 

 

1. نحن في زمن ... إيه؟
الإنسان كائن ديناميكيّ، يتحرّك، يتقدَّم، يتطوَّر، يتحسَّن، مستقبليّ. لديه طاقات ينبغي أن يبلورها ويفعّلها. كما لا يمكنه البقاء في عالمه القديم أو التعريج بين القديم والجديد. بل تجده يعمل دَومًا لاستِكشاف عالم جديد يلبّي تطلُّعاته وانتظاراته التي لا تقف عند حدّ: "إن كان أحد في المسيح فهو خَلقٌ جديد"، ذلك أنّ يسوع هو القطب الذي يَسعى صوبه ويَدور في فلكه (2 قور 5: 17). فهو فتح لنا أبواباً كثيرة ودعانا إلى ارتياد فضاءات جديدة من دون توقٌّف أو كلَل وملَل، بقَوله: "قيل لكم، أمّا انا قأقول"(متّى 5: 38-48). لقد تحدَّى الشريعة الموسَويّة لأجل الإنسان المُستَضعَف والمظلوم والمنبوذ (لوقا 17: 12-19). الشيء الوحيد الباقي في العالم هو التجدُّد. ولكن أي تجدُّد يخدم الإنسان؟ وهل نحن في زمنِ تجدُّد؟
نحن نعيش في زمن اجتياح الصوت والصورة لنا آنِياً وبِلَا قُدرة على هضم ما "يُغذِّياننا" به. 
بعد استقرارٍ دام طويلًا، بِتنا في زمن تعصف به المُتغيِّرات التي تفوق سرعتها سرعة الصَوت، بحيث لا يُمكننا أن نفكّ شيفرتها لنسَتَوعبها. 
تكنولوجيَا تتَولِّد جديداً في أقلّ من ثانية، جديد لسنا نحتاجه دوماً لأنَّا نستهلك كلّ شيء دون أن نتوقّف لفَهم ما نستعمله ومدى حاجتنا إليه وفائدته لنا. تكنولوجيَا، بالرغم من فوائدها في مجالاتٍ تخدم الإنسان، غير أنّها تُنتج إنسانا - مٍسخًا تُسيطر عليه الآلة، الآلة التي اخترعها لتكون بتصرُّفه وفي خدمته. 
الذكاء الاصطناعيّ صار قابلًا لاستبدال الإنسان، لا بل التفوُّق عليه وإخضاعه. 
في عصرنا، يكثر إنتاج الأسلحة، الجرثوميّ والبيولوجيّ منها  إلى القنابل "الذكيّة" جداً والطائرات "الشبَح" القادرة أن تُبيد وتفني البشر والحجر والطبيعة، والمُسيَّرات الفتّاكة والحشرات التِكنو والنانوميتريّة لمُراقبة المرء وأذيّته وللقضاء عليه... 
والإعلام المُضَلَّل والمُضلِّل. والانقلابات المُدبَّرة من خلال الاستخبارات -"العدوّة" للإنسان- التي تستبيح كلّ شيء لإحداثها، مهما  كانت كلفتها إن لم تخضع لاستعمار "الرجُل الأبيَض". 
اللَّائحة تطول ولا تنتهي هنا...
هذا كلُّه لماذا يحصل؟ ومَن وراءه؟
قلت سابقًا وأُكرِّر أنّ صمت الذين يدَّعون "الآدَميّة" خطيرٌ جداً، ومُخَطّطات الأشرار -خصوصًا- هي وراء خراب البصرة!
2. يحكون عن إنسان جديد ؟!
جاء في مُعجَم "المعاني" تعريف المعرفة كالآتي: المعرفة هي "إدراك الأشياء على ما هي عليه". أمّا معرفة الذات فتكمُن في "تفهُّم الشخص لطبيعته أو قدُراته أو حُدوده، ووَعيه بالميزات والخصائص المُكوِّنة" لشخصيّته. هل وصَل كلُّ الناس إلى هذا المقدار من معرفة الذات ومعرفة ما يحدث لهُم أو من حَولِهم بحيث يكونون فاعلين لا مفعولًا بهِم؟
يعيش الناس، عُموماً، على أساس: "إنتَ  لا تفكِّر، نحنا منفكِّر عنَّك. إنتَ لا تتدخَّل، نحنا منتدخَّل عنَّك"؛ والحلّ المفروض عليه: "اشرَب، وكُل، ونام، وطنِّش، طنِّش، طنِّش"[  كما جاء في اسكتش البُوسطجي للأخوَين رحباني.]. هذا ما أكّده  برتراند راسل، حيث قال: "مشكلة البشرية برمَّتها تكمن في أن الأغبياء والمتعصّبين واثقون بأنفسهم دائماً، أما الحكماء فتَملؤهم الشكوك".
يليق بنا أن نحيَا من"المعرفة (التي) تُحرِّر"كما اعلَن أحدُ فنّانينا، التشكيليّ حليم جرداق. أمّا التحرُّر المعرِفيّ فنَصِل إليه إذا اعتَمدنا ما أشار إليه غسّان علي عُثمان: "وظيفة المعرفة أن تُجدِّد فيك السؤال لا أن تمنحك إحساساً باليَقين". وهذا ما اعتمده سُقراط في فلسفته وبوذا في تعليمه. وهذا مابرَع فيه يسوع الناصريّ في علائقه وفكره ورؤيته للحياة وللسُلوكيّات المُوائمة لها.
إن لم نستزد معرفةً[  للحصول على المعرفة اليوم، نجد مصادر عديدة غير الكتاب ("هو الوثبة البطيئة بثقلها المعرفي، مقابل الخفة المعرفية المتاحة للجميع") والمقالة والبحث العِلميّ(صحيفة؛ مجلّة): تجربة ما لأحد الأصدقاء؛ تراكُم الخُبرات المعرفيّة؛ قطعة موسيقيّة؛ لوحة فنِّيَّة؛ الحواسّ؛ الخيال؛ فيلم ما؛ الانترنت؛ السوشِل ميديَا؛ ...] وعِلماً، نتراجع ونسقُط: "لم يتقدّم فرد أو مجتمع أو دولة بالعقيدة، أو المال أو القوّة العسكريّة إلَّا وانهارت تالياً. ومَن سيَبقى هو مَن... سيَستمرّ في الإيمان بأنّه بحاجة مستمرّة لِأن يَعلم"[  أحمد الصرّاف، كلّ ما أعرفه هو .. أنَني لا أعرف شيئًا (سقراط)، جريدة "القَبَس الكويتيّة".]! 

كيف نعرف "الإنسان الجديد" فينا؟ هناك دائماً شيئٌ جديدٌ نتعلّمه في الحياة. وقد أوضح أحمد الصرّاف[  المرجع أعلاه.] أن "نحن نُدرك ما هي «الخطوة التالية» عندما نبدأ في التعلّم وأداء أفعال جديدة، وعندما نتّخذ هذه الخطوة التالية، غالباً ما نشعر بالضياع ...[  "وكأننا في حلقة لا نهاية لها من عدم المعرفة، وهذا شعور يتسبّب (لأوّل وهلة) في إصابتنا بالإرهاق (والدُوار)".]، لكنه ضروري لنمو الشخصية والعقل".الإنسان الجديد يتحلَّى بشخصيّةٍ تعترف بـِ"الإنسان" بحَدّ ذاته، أو كما رسمه بولس في رسالته إلى كنيسة قولُسِّي (3: 11) بأن "لَيسَ يونانِيٌّ وَلا يَهودِيٌّ، وَلا خِتانٌ وَلا قَلَفٌ، وَلا أَعجَمِيٌّ وَلا إِسكوتِيٌّ، وَلا عَبدٌ وَلا حُرٌّ، بَلِ ٱلمَسيحُ هُوَ كُلُّ شَيءٍ وَفي ٱلجَميع". "الإنسان الجديد" يتمتّع بصفات طبيعيّة، منها: أمينُ للشريك(ة)، نقيّ القلب، يعرف ماذا يُريد، مُدرِكٌ طريقه، حسنُ الشهوات، يقنع بِما هو فيه وبِما لدَيه، هادؿ، صادقٌ وكلامه حلو المذاق ... ومن أجمل ما فيه وفاؤه لصانع المعروف معه، كالأبرص السامريّ-"الأجنبيّ" الذي رجع وحده -من بين عشرة بُرص- لشُكر يسوع الذي أبرأه من علَّته ومَوته البطيء. لِمَ يكون كذلك؟ لأنّه "في المسيح (هو)  خليقة جديدة"(2 قورنتس 5: 17)، يسعى للمعرفة على "يَتَجَدَّدُ لِلمَعرِفَةِ عَلى صورَةِ خالِقِهِ" أو اعتمادًا على مصدَر كلّ عِلم ومعرفة وتجدُد مستمرّ. 

هل أودّ أن أتحرَّر عبر المعرفة؟

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

شمال إفريقيا 10/24/2025 6:56:00 AM
أثار الفيديو المتداول موجة من الغضب بين رواد مواقع التواصل
اسرائيليات 10/24/2025 1:25:00 AM
لفت إلى أن "نتنياهو يسير على حبل رفيع مع ترامب".
سياسة 10/22/2025 8:06:00 PM
تحليل تقني يحذّر من إمكانات الدرونات التي تُحلّق فوق بيروت