منبر 16-01-2025 | 10:09

من يوسف بك كرم إلى جوزاف عون بلا تجعّد

لقد عبرت هذه الأرض اللبنانية آلاف السنين من الغزو والاحتلال دون أن تتعب من التأقلم مراراً والترحيب أو رؤية ولادة الرجال والنساء الباحثين عن حياة سلمية ومريحة للجميع فيها. يتم ذلك دون إنكار لمبادئهم وثقافتهم وأصولهم وقيمهم لمن أحب هذه الأرض وأهلها وشاءت الظروف أن يستقروا فيها.
من يوسف بك كرم إلى جوزاف عون بلا تجعّد
لقد عبرت هذه الأرض اللبنانية آلاف السنين من الغزو والاحتلال دون أن تتعب من التأقلم مراراً والترحيب أو رؤية ولادة الرجال والنساء الباحثين عن حياة سلمية ومريحة للجميع فيها.
Smaller Bigger

سامي أبي خليل

 

لقد عبرت هذه الأرض اللبنانية آلاف السنين من الغزو والاحتلال دون أن تتعب من التأقلم مراراً والترحيب أو رؤية ولادة الرجال والنساء الباحثين عن حياة سلمية ومريحة للجميع فيها. يتم ذلك دون إنكار لمبادئهم وثقافتهم وأصولهم وقيمهم لمن أحب هذه الأرض وأهلها وشاءت الظروف أن يستقروا فيها. ولكن مع الموافقة على القياس في هذا العالم وفي ملاذ السلام هذا، وفي مساحة الحرية هذه، للمساحة الضرورية لأنفسهم دون إزعاج أو إيذاء الآخرين أو السابقين على هذه الأرض الجامعة والمثمرة للجميع.
ولكن المثير للاهتمام الآن هو أن نلاحظ أن الأجيال الجديدة استهلكت هذا التكامل للتمسك وإعادة إنتاج هذا الجو وهذه العقلية الكونية والإنسانية التي تعيش في هذا الجزء الساحلي من الشرق، المسمى لبنان، بثقافته وأفكاره وطريقة حياته وحدوده.
هل هذا جديد؟
لقد تأقلم كثيرون مع هذه الحياة الكريمة والحرة وبدأوا يقبلون ويثقون بتعليم أبنائهم بحيث يتجاوز إطار انتمائهم السابق إلى بلدان بعيدة، أو إلى عرقية، او ديانة أخرى، للمشاركة الكاملة في هذه المغامرة الجميلة المتمثلة في الانتماء إلى لبنان، هذا البلد الحبيب الذي يتحمل الكثير بفضل تجارب الجميع مع الآخرين وصمود فكرة التعايش اللبناني وغيره من العقلية الراسخة اليوم عند الجميع.  
وإذا ما قارنا فكرة التعايش الاجتماعي باستنتاجات الأبحاث التي أجراها علماء الآثار المعاصرون في مختلف أنحاء منطقة البحر الأبيض المتوسط ​​ونشرت علمياً في الأوساط الجامعية وأحياناً في المجلات المتخصصة مثل، (لو موند دو لا بيبل)، 
فإن أسلوب الحياة هذا، المكتشفة في المهجر الفينيقي، يشبه بشكل غريب عالم لبنان اليوم. كان الفينيقيون يتاجرون بطريقة مقبولة لدى جميع الشعوب، وبسلام ودون غزو، وكانوا يمارسون مهناً مختلفة كالتدريس، وكانوا شعراء أو علماء أو تجاراً، وفي البداية يتاجرون بالمقايضة عندما لم تكن العلاقة ودية بعد مع هذا الشاطئ أو ذاك. كان يستورد التاجر أو المهاجر مكوناته المفضلة من لبنان أو يزرعها محلياً وقد وافق على أن يستمر كل شخص، الزوجة أو الزوج، في نظامه الغذائي، ودينه، وأصله وطرقهم التقليدية في الدفن والأعراس في هذا المهجر المؤقت بالمبدأ، حتى لو قضى عمره فيه، فيظل يحلم بالعودة يوماً. وتم نشر اللغة الفينيقية للجميع حتى يبقى التواصل مع البلد الأم، فينيقيا. مع العلم أن الديانات آنذاك كانت فلكية، أو حجرية أو شمسية أو إنسانية الآلهة، ولكل شخص شفيعه.
دعونا نلقي نظرة على بعض مراحل التاريخ المهمة لهذه الأرض. 
في نهاية الألفية الثالثة قبل الميلاد على الأقل تم تأسيس مدينة فينيقية مزدهرة، بعلبك، للاحتفال بعبادة البعل بين الفينيقيين والكنعانيين. وخلال الفترة الهلنستية والرومانية كانت المدينة تسمى هليوبوليس، "مدينة الشمس". وعلى الأرجح كانوا يعبدون ويحتفلون ربما بإله الشمس.
في يناير 332 قبل الميلاد، بدأ حصار صور على يد الإسكندر الأكبر عندما كانت صور تحت الحكم الفارسي واستمرت لمدة ثمانية أشهر قبل أن يستكمل مسيرته نحو يهودا ومصر. بعدها خضعت المنطقة في البداية لسيطرة البطالمة المصريين، ثم سلالة السلوقيين وحدث الغزو الروماني في القرن الأول قبل الميلاد.
وصلت القبائل العربية بعد الفتح الإسلامي إلى سوريا في القرن السابع واستقرت بين السكان بشكل رئيسي على الساحل اللبناني. 
الحملات الصليبية بدأت في 1095 بعد رفض الأتراك السلاجقة في عام 1078 الاستمرار في السماح بالمرور الحر إلى القدس، بموجب العهدة العمرية، للحجاج من الغرب وانتهت في 1291 بسقوط عكا.
في عام 1516، تم دمج لبنان في الإمبراطورية العثمانية، ولكن الإدارة التركية لم تمارس إلا في الموانئ والمدن الساحلية. وتعاقبت سلالات مختلفة على الحكم باسم السلطان.
ثورة الفلاحين والموارنة في جبل لبنان بقيادة طانيوس شاهين ضد النظام الإقطاعي، حدثت بين عامي 1758 و 1861
وقاد يوسف بك كرم ثورته ضدً الإقطاعيين والمحتل العثماني منذ 1861 ورفض المساومة معهم رغم المناصب التي كانوا يعرضونها على داوود باشا، الذي كان أول حاكم عثماني مسيحي لمحافظة جبل لبنان، والإقطاعيين الموارنة والدروز. 
شاءت الظروف أن نزاهته جعلته يفضل قبول المنفى في أوروبا، بدلاً من قبول المناصب المشبوهة كبداية استبداد واستعباد لأفكاره ولشعبه، حيث بقي في عزلة سياسية في نابولي ومات فيها عام 1889.
من أبرز ضحايا بداية الحرب السورية-الفلسطينية الممنهجة ضد رموز الهوية اللبنانية ومثقفيها ومفكريها الفيلسوف الأستاذ كمال الحاج الذي كان أستاذ جامعة وفيلسوفاً وقائد نظرية القومية اللبنانية الفكرية. لقد تم اغتياله بطريقة وحشية بالفأس سنة 1976 على يد معروفة بطريقتها لكن لم تعلن أي جهة مسؤوليتها، كما هي العادة في ظل الاختباء وراء الاحتلال السوري للبنان وجبن الإرهابيين وزعمائهم المحليين.
يعتبر من كبار فلاسفة لبنان وبالأخص فلاسفة القومية اللبنانية. لم يمت بل هو حي بأفكاره وعظمته وكتبه. 
الرئيس جوزاف عون، يراهن ملايين اللبنانيين والمغتربين بكل آمالهم وتمنياتهم بالنجاح في إنهاء المعاناة المتعددة لهذا الشعب الشهيد الذي يطمح ويأمل في العيش بسلام أخيراً.

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

شمال إفريقيا 10/6/2025 7:23:00 AM
فرض طوق أمني بالمنطقة ونقل الجثتين إلى المشرحة.
النهار تتحقق 10/6/2025 11:04:00 AM
ابتسامات عريضة أضاءت القسمات. فيديو للشيخ أحمد الأسير والمغني فضل شاكر انتشر في وسائل التواصل خلال الساعات الماضية، وتقصّت "النّهار" صحّته. 
لبنان 10/6/2025 9:32:00 AM
طقس الأيام المقبلة في لبنان