لبنان والفوضى الخلاقة

رنا فرح
لبنان والفوضى الخلاقة: نهوض أم سقوط؟ يبدو المشهد اللبناني في حالة ترقّب حذر، محاطاً بحالة من الغموض للمرحلة القادمة. يتساءل المراقبون إن كنا في خضّم مرحلة انتقالية، تبشر بالتغيير أو اننا أمام نظام يعيد إنتاج نفسه. كذلك يتساءل المتفرّجون إن كنا أمام فوضى خلاّقة أو ما يعرف بالـ creative chaos ، وهو مصطلح سياسي يقصد به تكوّن حالة سياسية بعد مرحلة فوضى متعمّدة الأحداث يقوم بها أشخاص معينون من دون الكشف عن هويتهم، بهدف تعديل الأمور لصالحهم، أو تكون حالة انسانية مريحة بعد مرحلة فوضى متعمدة من أشخاص معروفين من أجل مساعدة الآخرين في الاعتماد على أنفسهم.
وإذ بنا أمام البعض الذين ينادون بتغيير النظام، كي لا يعيد النظام إنتاج أقليات تتصارع على التمثيل الأقوى في الحكومة، خدمة لتوازن القوى بين اللاعبين السياسيين. بالتالي، هناك تساؤلات حول ما إذا ما كان لبنان يشهد تحولاً نحو نظام جديد، أم أن القوى الحاكمة تسعى الى إعادة إنتاج نفسها من خلال إعادة تدويرالزوايا.
وعليه، إن لم يجتمع اللبنانيون على لبنان وطناً نهائياً لجميع أبنائه، فنكون قد انتقلنا من مرحلة العبور إلى الدولة، إلى الضربة القاضية. وبالتالي، لا نكون في مجرّد حالة سقوط حرّ chute libre تستدعي "خطط إنقاذ" شاملة، بل في حالة سقوط تامّ، لا يمكن استنهاض المجتمعات من بعدها. وكلما تناحرت القوى السياسية في ما بينها، كلما ازداد الوضع سوءاً، و تعزّز الانتقال من ديناميكية التصارع إلى الضربة القاضية أو ما يعرف بالـ knock out في فنون القتال، بحيث يصبح النهوض بالوطن شبه مستحيل.