الحقيقة الراسخة

ريمون مرهج
أنت يا نجمتي في ظلمات الحياة، يا بلسماً لجراحي من سهام القدر، يا لحناً يعزف مشاعر الحنان في أعماقي المهجورة منذ ألاف السنين، يا تنهيدة تفتح باب سجون آهات الوجع فتطلق سراحها في فضاء عمري، يا لمسة إحساس ناعمة تسري في عروقي مع دمي فأشعر بوجودي وأدرك قيمة كياني.
مهما تغافل فكرك عن أحاسيسك، وسيطر الخوف على مشاعرك وغدوت تكرّرين دوماً : "أمرك لا يعنيني، وحديثك لا يهمني" ثم يصمت ثغرك ويسود السكون للهنيهة ثم تعصف رياح الصدق من أعماق روحك وتهب في وهاد قلبي فيصرخ صداها بين ضلوعي مردداً: "كما دوماً أنت في فؤادي وللأبد أنت معي، لا يبعدنا ظروف مجتمعنا ولا تقاليده ولا تطفئ وهج حبي لك أي خوف وقلق من سياط ألسنة هذا العالم ولا من أحكامه. ما بيننا رابط يتخطى مفاهيم البشر في هذه الأرض ويعلو فوق كل قوانينه لأنه أقرب إلى أدراج السماوات وأنبل وأطهر من أي علاقات عاشها العالم على مر العصور. مهما نطق الهلع من فمي بمفردات وعبارات في لحظة خاطفة لا تأبه فما يختلج في قلبي هو الحقيقة الناصعة التي تنصهر في عروقك وتسكب الإيمان بحبنا في فكرك وكيانك.
نعم يا ملاكي، تجري الأيام من جداول عمرنا ولا ينبض أبداً نهر حبنا الدافق، ولا يخفت سراج مبادئنا وأحلامنا مهما قست علينا الأقدار وأبعدت جسدينا عن بعضهما وغرّبت أعيننا عن اللقاء وحرمت قلبينا من همسات مشاعرنا الدافئة. مهما نطقت بقلم الجفاء وحجبت صورتك عني فكل هذه الحواجز عبثاً وغباراً ليس إلا أمام مذبح حبي الكبير المقدس ورقعة من ضباب في مسيرة رابط يتوهج بشعاع سماوي لا تغلبه أزمنة هذا العالم ولا مسافات أرضه. كل لحظة عشناها سوياً ترسخت في باطن صخور صنين وتغلغلت بين جذور أرز لبنان للأبد.