سنة 2024

منبر 07-01-2025 | 09:24

سنة 2024

لم تكن سنة 2024 كسابقاتها من السنوات على مستويات عدّة، محدّدة، فارقة وخاصة مؤذنة بتحولات عميقة وخرائط جديدة قد ترتسم على مجالات واسعة.فتنامي الصراعات وأفول بعض القادة وخروح قوى أخرى للعلن قد يجعل من هذه السنة مقدّمة لصفحات جديدة من تاريخ الإنسانية لم تعرفها من قبل.
سنة 2024
لم تكن سنة 2024 كسابقاتها من السنوات على مستويات عدّة، محدّدة، فارقة وخاصة مؤذنة بتحولات عميقة وخرائط جديدة قد ترتسم على مجالات واسعة.
Smaller Bigger
صبري الرابحي - تونس 


لم تكن سنة 2024 كسابقاتها من السنوات على مستويات عدّة، محدّدة، فارقة وخاصة مؤذنة بتحولات عميقة وخرائط جديدة قد ترتسم على مجالات واسعة.
فتنامي الصراعات وأفول بعض القادة وخروح قوى أخرى للعلن قد يجعل من هذه السنة مقدّمة لصفحات جديدة من تاريخ الإنسانية لم تعرفها من قبل.
-تواصل الحرب على غزة: 
عرفت سنة 2024 على امتداد أيامها الـ365 تواصل المجازر الصهيونية بدون هوادة، نتحدث عن استشهاد أكثر من 45 ألف فلسطيني و108 آلاف جريح وغيرهم من المفقودين.
في غزة نتحدث عن القتل بدم بارد واستهداف الملاجئ والمستشفيات، نتحدث عن خيام اللاجئين وقتل الطفولة فيما اعتبرت اليونيسيف سنة 2024 كأسوأ عام على الأطفال في مناطق النزاع وبالتالي يمكننا القول بدون مبالغة أن سنة 2024 هي سنة السقوط المدوي لبروبغندا العدالة الإنسانية وحق الشعوب في تقرير مصيرها. وغير بعيد عن ذلك فإن سنة 2024 كانت بامتياز سنة اختلال موازين العدل الدولية عندما يتساوى الضحية مع الجلاد.
لكن بالرغم من كل ذلك نتحدث في حصيلة هذه السنة عن صحوة الضمير الجمعي في عواصم عدّة وبروز بريق الأمل في أجيالٍ تنتصر للحق الفلسطيني خاصة عندما نتذكر مظاهرات الطلبة في عدد من العواصم وخاصة أهمها في عقر دار الإمبريالية العالمية ووكلائها.
نتحدث أيضاً عن انتصارات المقاومة التي دكت تل أبيب بالصواريخ ونجحت في زعزعة أمنها وأثبتت أنه لا قبة في سماء الأراضي التاريخية لفلسطيين سوى قباب الجبن الصهيوني وقباب معاونيه والمطبعين معه والأنظمة الرجعية التي التعامل معه.
لا يمكننا أن نمر دون الحديث عن سياسة الإغتيالات والتي عرفت ذروتها في النصف الثاني من سنة 2024 بداية باغتيال اسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس في طهران بالذات مطلع شهر جويلية ونحن نعمل وزن اسماعيل هنية في الحركة وأدواره المهمة خاصة في حشد الدعم وكسر الحصار المفروض على حماس.
أيضا تميزت هذه السنة بحادثة اغتيال يحي السنوار في 16 أكتوبر 2024 وهو خليفة هنية على رأس حركة حماس ومهندس عملية طوفان الأقصى وهو القائد التاريخي العمليات العسكرية النوعية على جيش الكيان والرجل الذي اعتبر الكيان الإفراج عنه في صفقة تبادل الأسرى خطأ استراتيجياً لا يغتفر.
لكن المهم في كل ذلك أنه رغم انتهاج الكيان لسياسة الإغتيالات إلا أنه لم ينجح في القضاء على المقاومة ولا زعزعة بنائها التنظيمي.
-توسع الصراع في لبنان وايران:
إلى حدود منتصف السنة تقريباً كان من المستبعد أن يتوسع الصراع في المنطقة لاعتبارات عدّة، أهمها أن الكيان الصهيوني لا يريد أن يفتح الحرب في أكثر من واجهة إضافة إلى المخاوف الدولية من أن يتحول النزاع في الشرق الأوسط إلى حرب عالمية ثالثة تعصف بالإنسانية.
كانت أولى مؤشرات تنامي هذا الخطر باستهداف قيادات تابعة للحرس الثوري الإيراني في سوريا ولبنان وهو ما جعل إيران تردّ بليلة المسيرات في منتصف شهر نيسان (إبريل) تقريباً ومن جديد في أوائل شهر أكتوبر ردها كان ينبني أساساً على إغتيال اسماعيل هنية على أراضيها وحسن نصر الله في بيروت وهي تقريباً من أكبر المواجهات غير المباشرة بين الطرفين والتي كسرت توازن الرعب القائم بينهما لسنوات.
أمّا بالنسبة إلى الحرب على لبنان فقد تميزت بتشابهها من حيث الظروف والأداء مع حرب تموز حتى أنها أفضت إلى انتهائها بالشروط نفسها تقريباً وما زالت إلى اليوم تحتكم إلى الهدوء الحذر وهو السمة الأبرز في اتفاق وقف إطلاق النار الذي فضلاً عن هشاشته فإنه لا يعدو إلا أن يكون استعداداً من الجانبين لجولة أو جولات أخرى من الصراع.
الانتخابات الرئاسية الأميركية وسقوط نظام بشار الأسد:
تميز الربع الأخير من سنة 2024 بمفاجأتي عودة دونالد ترامب إلى الرئاسة الأميركية وهروب بشار الأسد إلى روسيا.
فبالنسبة إلى عودة ترامب كانت متوقعة جداً خاصة بعد ازاحة بايدن من ترشيح الديمقراطيين للانتخابات الرئاسية واستبداله بكامالا هاريس ودفعها للسباق الرئاسي بذهنية إستمالة الأقليات وترشيح امرأة على أسس الجندرة.
هذا الاختيار فشل أمام تيار الشعبوية الجارف الذي نجح فيه ترامب مرة أولى في سنة 2016 أمام هيلاري كلينتون وأعاد الكرة أمام كامالا هاريس ليجد نفسه في طريق مفتوح نحو البيت الأبيض وبالتالي فرصةً لإدارته وحزبه لاستكمال مشروعها الشرق الأوسط والعالم.
شكّل سقوط نظام بشار الأسد مفاجئة غير متوقعة خاصة عندما نرى صموده لسنوات عديدة خلال الحرب الأهلية السورية، أيضا نجاح بشار الأسد في حشد الدعم الروسي والايراني لسنوات، إلا أنه تمّت الاطاحة به بعد 12 يوماً تقريباً من بداية الهجوم الذي قادته هيئة تحرير الشام والذي توّج بفرار بشار الأسد إلى روسيا وفتح سوريا لصفحة جديدة من تاريخها ما زلنا لا نعلم تفاصيلها وملامحها بعد خاصة في علاقة بدور سوريا التاريخي في الصراع العربي الصهيوني وعقيدة الممانعة وتعاطيها مع محور المقاومة.
سوريا اليوم تخرج للعالم بتحوّل عميق لم تشهده لأكثر من نصف قرن يكتنفه الغموض حول أجندات القوى الحاكمة اليوم ومطامع دول الجوار ونفوذ اللاعبين الكبار على مجالها في آن واحد وهو ما قد ينبأ بسيناريوات مختلفة.
نهاية سوف يُؤرخ لسنة 2024 كواحدة من أكثر صفائح التاريخ اضطراباً وسوف تكون لأحداث أيامها الخمس وستون بعد الثلاث مئة ارتدادات وهزّات كبرى لسنوات أخرى قادمة في مكابرة من عنف التاريخ أمام افاعيل الجيولوجيا أحياناً.
 
العلامات الدالة

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 10/19/2025 7:20:00 PM
 برز اسم عشائر غزة  كأحد السيناريوهات المحتملة لإدارة الشؤون المدنية، خاصةً في ظل رفض عودة حكم حركة حماس، وغموض دور السلطة الفلسطينية.
المشرق-العربي 10/20/2025 8:26:00 AM
اعتبر ويتكوف أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "قاد بلاده في ظروف صعبة".
اقتصاد وأعمال 10/17/2025 6:25:00 AM
لماذا ترتفع الأسعار؟ تتضافر الأسباب بين طقسٍ متقلّب في بلدان المنشأ، ومخزوناتٍ محدودة، وتوازنٍ دقيق بين العرض والطلب.