اسحبوا ذريعة الدويلة من المقاومة… ببناء الدولة

ليليان خوري
تمَّ الاتفاق على وقف الأعمال العدوانية إلا أن إطلاق النار التام لم يتحقق بفعل استمرار الكيان الإسرائيلي بخرق بنود اتفاق القرار ١٧٠١.
كان اللبنانيون ينتظرون بحذر وترقّب كبيرين القرار ١٧٠١ الذي أملوا أن يضع حدّاً لحرب الإبادة التي أجبرتهم على النزوح القسري، لا سيّما أبناء الطائفة الشيعية التي دفعت الثمن الأكبر في هذا العدوان...
ومع الأيام القليلة على الاتفاق، بات لبنان يأمل في تطبيق هذا التفاهم كاملاً مع استمرار إسرائيل في تدمير القرى لمنع السكان من العودة.
المخزي في الأمر أن الحكومة اللبنانية تلوذ بالصمت، وإن اعترضت فصوتها خافت يكاد لا يُسمَع.
بالعودة إلى الاتفاق وبنوده، بدأت التحليلات تنشط، فقسمٌ يؤيد، وآخر يتحفّظ، غير أن المواطن الذي هو المعني الأول عبّر عن امتنانه لوقف إطلاق النار بغية إنقاذ ما تبقى من أرواح وممتلكات ومعهما بقايا دولة.
قد لا يجدي أيّ تفسير لبنود الاتفاق، بيدَ أن الأهم هو أن يكون الاتفاق مناسبة كي تبسط الدولة اللبنانية سيادتها على الأراضي اللبنانية كافة، وتعمل على تسليح الجيش بما يتلاءم مع المهمّات الملقاة على عاتقه، لتثبيت الأمن والاستقرار خصوصاً مع وجود عدو على الحدود.
فمهمة العسكر تضاعفت أكثر في حفظ الأمن داخلياً في الشمال والجنوب وجبل لبنان وغيرها.
والهّم الأعظم هو بردع أي اعتداء إسرائيلي والدفاع عن الشعب كافة، وليس عن فئة محدّدة.
الأمن والدفاع والردع هي صورة دولة حقيقية يحتاجها المواطن، وهذه فرصة للدولة لتحسين صورتها وفرض هيبتها على الحدود لمنع التهريب المادي والبشري الذي يعاني منه لبنان منذ الحرب السورية في العام ٢٠١١.
من يسعَ لرفع سطوة "دويلة" حزب الله" عليه أن يكون بديلاً قوياً من النواحي كافة تربوياً واقتصادياً ومالياً وطبياً.
حزب الله بنى لنفسه ترسانة عسكرية واجتماعية حرص من خلالها على تأمين بيئته، خصوصاً مع عجز الدولة منذ نشأتها عن أن تبني مؤسساتها على قاعدة العدالة والكفاية لشعبها، لا بل عملت على سرقة ودائعه بالتكافل والتضامن مع المصارف.
قد تكون المقاومة اخطأت في التقدير الاستراتيجي للحرب وبالغت في بناء نفسها بعيداً عن الدولة، أو على حسابها وفق ما يتّهمها به معارضوها.
لكن هل نجحت الدولة في حماية القسم الآخر من الشعب المختلف طائفياً أو سياسياً عن حزب الله؟
هل أمنت الدولة لمواطنيها البطاقة الصحية والاستشفائية كما أمّنت المقاومة لبيئتها؟
هل حرصت الدولة على حفظ مدخّرات شعبها من السرقة؟ هل ثبتت الأمن والاستقرار وحمت المعابر من تدفّق اللاجئين السوريين أو منعت التهريب؟
أسئلة يجب على الدولة بكافة مندرجاتها أن تجيب عنها عملياً لا إعلامياً. فالشعب أُنهك كفايةً كي يُختبر مرة جديدة في جبروته وصموده في أيّ حرب مستقبلية!
على الدولة أن تنتزع من المقاومة حجّة عدم قيام الدولة، فتثبت للشعب بأكمله أنّه ينضوي في كنف دولة قوية وسيادية بالمعنى والمضمون.
اسحبوا ذريعة الدويلة من المقاومة ببناء الدولة كما تسعون إلى سحب ذريعة المقاومة تجاه إسرائيل للجم عدوانها!