كتاب النهار
28-12-2025 | 21:09
إسرائيل إذ تفعّل "ترند" الانفصال والتقسيم
في جعبة رئيس الوزراء الإسرائيلي "معلومات استخبارية" لإقناع الرئيس الأميركي بمعاودة الحرب على إيران، والذريعة الكبرى أن هناك "فرصة" إقليمية قد لا تتكرّر للقضاء نهائياً على أي نفوذ إيراني.
خريطة تظهر جمهورية أرض الصومال الانفصالية المدعومة من إسرائيل
أثار الاعتراف الإسرائيلي بـ"جمهورية أرض الصومال" حفيظة الدول العربية وعدد من الدول الافريقية، وكأن تلك "الجمهورية" انفصلت بالأمس القريب عن جمهورية الصومال المعترف بها دولياً. الأكثر اثارة أن يقفز بنيامين نتنياهو ليجد موطئ قدم في منطقة القرن الأفريقي، ليس لنفي بضع مئات الآلاف من الفلسطينيين الغزّيين إليه فحسب، بل أيضاً لتأكيد أن لديه "منطقاً" في تأييد كل مشروع تقسيمي في أي بلد عربي، ما يمكن أن ينطبق على تقسيم قطاع غزّة الذي دمّره ليصبح منطقة غير قابلة للعيش فيها، وعلى الضفة الغربية التي يُراد تحويلها إلى كانتونات مقطّعة الأوصال "تحت السيادة الإسرائيلية". لكنه قد ينطبق أيضاً على سوريا حيث تشجع إسرائيل إقامة إقليم حكم ذاتي للدروز وآخر للكرد وثالث للعلويين، وربما يرغب في دعم مشاريع الانفصال في اليمن وغيرها من الدول.
بالنسبة إلى "أرض الصومال"، تحديداً، لم يخترع نتنياهو شيئاً، بل وجد أمامه وضعاً ناضجاً ينسجم مع شرق أوسطه الجديد. فهذه منطقة نأت بنفسها عن الحرب الأهلية الصومالية وانفصلت عن "الدولة الأم" منذ 1991، ولها أهمية استراتيجية بإطلالتها على خليج عدن وباب المندب وقربها من البحر الأحمر الذي ازدادت أهميته بفعل الحرب الحوثية (- الإيرانية) على الملاحة الدولية. أي أنها في موقع كان ولا يزال يُعتبر "منطقة أميركية". ومع أن الدول العربية، ولاسيما منها الخليجية، تدرك ميزات "أرض الصومال" هذه وحاولت التعامل معها في إطار القانون الدولي واحترام سيادة الدول، إلا أنها لم تستطع إعادة توحيد الدولة الصومالية التي كانت ولدت مجزّأة أصلاً بين بريطانيا وفرنسا وإيطاليا، ثم زادت تجزئة بأيدي جارتيها كينيا وأثيوبيا، وكانت الأخيرة تعاقدت مع "أرض الصومال" للحصول على "موقع تجاري" على خليج عدن فاستأجرت جزءاً في ميناء بربرة لتتولّى قواتها البحرية إدارته.
وعلى رغم أن الولايات المتحدة تحصل على أي خدمات لوجستية تحتاجها من "أرض الصومال"، إلا أنها لم تشأ الاعتراف بها بسبب الاعتبارات القانونية نفسها، لكن لدى الخارجية الأميركية ملف يبرر ذلك الاعتراف، إسوة بالاعتراف باستقلال كوسوفو (2008)، سواء بالمصالح الأميركية أم باحتدام التنافس مع الصين (وحتى مع إيران) على تلك المنطقة... قبيل لقائه المرتقب مع الرئيس دونالد ترامب في فلوريدا، صنع نتنياهو سابقة إقليمية ودولية، فلا مشكلة لديه في انتهاك القوانين الدولية، أو في التشبّه بصديقه / حليفه الذي لم يتخلَّّ عن مشاريع مخالفة لكل القوانين مثل احتلال كندا وامتلاك قناة بنما وجزيرة غرينلاند الدانماركية التي عيّن أخيراً مبعوثاً خاصاً لها كأنه بدأ عملياً فصلها عن الدانمارك. لا شك في أن هذه الطموحات الترامبية المعلنة شجّعت نتنياهو على الاعتراف بـ"أرض الصومال"، خصوصاً أنه وترامب يتشاركان الأفكار نفسها في شأن غزّة وسكانها وإعادة إعمارها.
في جعبة رئيس الوزراء الإسرائيلي "معلومات استخبارية" لإقناع الرئيس الأميركي بمعاودة الحرب على إيران، والذريعة الكبرى أن هناك "فرصة" إقليمية قد لا تتكرّر للقضاء نهائياً على أي نفوذ إيراني. لكن الأهم أن الحروب التي شهدتها وتشهدها المنطقة أسفرت عن "ترند" يروّج لـ"الانفصال و/أو التقسيم"، وهناك مصلحة لأميركا وإسرائيل في تفعيله... بدءاً من فلسطين حيث يمكن استدامة العمل الأميركي - الإسرائيلي طوال عقدين على إبقاء "التوافق" بين الفصيلين الرئيسيين ضرباً من المستحيل.
وقبل عقد ونصف عقد نجحت سابقة انفصال جنوب السودان، وحالياً تدفع الحرب الداخلية السودان إلى منعطف خطير يهدد وحدته، بعدما غدت الفجوة بين الطرفين المتقاتلين أكبر من أي خطة دولية تطمح إلى "هدنة إنسانية" متعثّرة، وأوسع من أن تُردم لاستعادة التعايش والاستقرار في "حلٍّ سياسيٍّ" يزداد تعقيداً وصعوبة.
وفي اليمن التي انقسمت عام 2014 إلى شطرين: حكومة شرعية متخذة من عدن مقراً في الجنوب، وعصابة حوثية مسيطرة على العاصمة صنعاء شمالاً، تحرّك أخيراً المشروع الانفصالي المعلن جنوباً ولم يتضح مغزى توقيته، لكنه عطّل فاعلية الحكومة الشرعية ووجودها على أرض اليمن وبات عملياً غير معنيٍّ بالصراع مع الحوثيين. ولهذا التحرّك الانفصالي تداعيات لم تتبلور بعد، لكن "التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن" مستمر بتنسيق معلن بين السعودية والإمارات.
أما في سوريا التي تمكّن حكمها الجديد، بفضل دعم عربي، من تفكيك حصار العقوبات الدولية، فإنه يواجه حالياً الرعاية الإسرائيلية لـ"تحالف المتضررين" من سقوط النظام السابق. غير أن الدعم الإسرائيلي العلني للأقليات كي تنشئ كياناتها المستقلة قد يشكّل غطاءً لتدخّلات دول أخرى، بينها إيران. ومع أن الولايات المتحدة أكدت مراراً بقاء الدولة والأراضي السورية موحدة، إلا أنها لم تعمل جدّياً على لجم الخطط الإسرائيلية، لا لدروز السويداء ولا لأكراد "قوات سوريا الديموقراطية" ولا للفلول في الساحل.
العلامات الدالة
الأكثر قراءة
المشرق-العربي
12/27/2025 12:32:00 AM
جريمة عائلية مروّعة في حماة حيث عُثر داخل أحد المنازل على جثث زوجين وأطفالهما الثلاثة، في حادثة هزّت المدينة.
المشرق-العربي
12/27/2025 12:53:00 AM
وحدات حرس الحدود تلقي القبض على 12 شخصا مرتبطين بالنظام السابق على الحدود السورية – اللبنانية، وسيُحالون إلى الجهات المختصة لاتخاذ الإجراءات اللازمة.
المشرق-العربي
12/27/2025 4:36:00 PM
صودرت المضبوطات وفق الأصول القانونية المعتمدة، فيما أحيل المقبوض عليه إلى القضاء المختص لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحقه.
المشرق-العربي
12/28/2025 9:46:00 AM
يواجه الفلسطينيون في غزة مأساة إنسانية
نبض