إسرائيل تطور أنماط عملياتها العسكرية والأمنية

كتاب النهار 27-12-2025 | 11:21

إسرائيل تطور أنماط عملياتها العسكرية والأمنية

وفق آخر الإحصاءات والتقديرات، بلغ عدد الذين اغتالتهم إسرائيل منذ 13 شهراً نحو 420 شخصاً
إسرائيل تطور أنماط عملياتها العسكرية والأمنية
غارة جوية إسرائيلية بالقرب من قرية مزرعة القنيطرة جنوب لبنان. (أ ف ب)
Smaller Bigger

بناء على معطيات ميدانية ظهرت أخيرا، أطلقت إسرائيل وقائع متعددة تثبت أنها بدأت رفع وتيرة حربها على "حزب الله" وبيئته الحاضنة، عبر اعتمادها أنماطاً وأشكالاً تصعيدية جديدة تضاف إلى الأساليب المعهودة التي تتبعها منذ زمن بعيد، أكثر تركيزاً وإلحاقاً للأذى والضرر وترهيبا للجهة المستهدفة، وتتخطى الأساليب والطرق المعروفة منذ سريان اتفاق وقف النار قبل نحو ثلاثة عشر شهراً.

 

وبما أن الحزب مستمر في التزام قراره وقف المواجهات العسكرية، فبات يتعين عليه أن يبذل مزيداً من الجهود الاستثنائية لمواجهات مضبوطة ومحدودة تحت عناوين الحيلولة دون:

 

- تيئيس الأهالي وخصوصاً سكان بلدات الحافة الأمامية بما يبقيهم في حال عدم استقرار ولا يقين بالمستقبل.

- العمل على توثيق ارتباطهم اليومي بتلك البلدات وعدم هجرانهم لها وابتعادهم عنها، من خلال دعم القاطنين هناك وتيسير عودة الراغبين لإقامة محدودة وإحياء الشعائر الدينية هناك.

 

وبناء عليه، يعتبر الحزب أنه بهذا الفعل يخوض صراع إرادة على مدار الساعة مع الإسرائيلي الساعي إلى "إعدام" كل مظاهر الحياة والعيش الطبيعي في تلك البلدات، وخصوصاً بلدات الناقورة والضهيرة ويارون ومارون الراس وعيترون وميس الجبل وعديسة وكفركلا وبليدا وحولا، وصولاً إلى الخيام في القطاع الشرقي، وهي بلدات يتجاوز تعداد سكانها المئة والعشرين ألف نسمة.

 

وبحسب معطيات تجمعت أخيرا، فإن تعامل الإسرائيلي مع هذه البلدات التي كانت تضج بالحياة، يوحي كأنه يرصد كل حركة ونشاط فيها يعزز دورة الحياة بين جنباتها، لذا كانت الحرب الطويلة نسبيا على الغرف الجاهزة التي أريد أن تكون بديلاً موقتاً من المدارس ومقار البلديات ومركز الرعاية وبعض البيوت المدمرة وغير الصالحة للسكن.

 

والمعروف أيضاً أن الحزب أسهم في الدفع بأكثر من مئة غرفة جاهزة إلى بعض هذه البلدات بعيد فترة قصيرة على سريان وقف النار، لكن المسيرات الإسرائيلية كانت تلاحقها وتغير عليها، فدمرت القسم الأكبر منها وأوقفت تكرار هذه التجربة.

 

وفي الأسابيع الأخيرة أطلقت إسرائيل حربا حقيقية ضد الجرافات والحفارات وجبالات الباطون وورش البناء والترميم الجزئي، إذ تعمد طيرانها الإغارة عليها وتدميرها، وفي أحسن الأحوال إنذارها بالإخلاء والخروج من المنطقة. وتظهر تقارير ميدانية أن إسرائيل نجحت في إلحاق الضرر بأكثر من 80 جرافة وحفارة وجبالة باطون وورشة بناء، فحولت الأمر إلى مخاطرة ومغامرة كبرى وفرضت شل أعمال الورش.

 

وفي الآونة الأخيرة، أضافت إسرائيل نمطاً تصعيدياً آخر من خلال تسلل وحدات من جيشها إلى بلدات حدودية وتدمير منازل ثم الانسحاب منها، أو إعطاء الأوامر لمسيراتها بإلقاء القنابل على منازل أخرى، ليتحول هذا النوع من العمليات إلى فعل يومي تريد القيادة العسكرية من خلاله إفهام المعنيين وخصوصاً سكان تلك البلدات أنهم في عين الخطر الدائم ولا مجال أمامهم للاستقرار في بيوتهم وأرزاقهم في القرى الأمامية، وأن العين الإسرائيلية ترصد بدقة متناهية حركاتهم، وتالياً عليهم أن ينتظروا الأخطر والأسوأ.

 

وإذا كان واضحاً أن إسرائيل ماضية قدما في حربها على البشر والحجر في الجنوب، فإنها أضافت أخيراً إلى سجلها الحربي أنماطا متطورة في عمليات اغتيال كوادر الحزب التي بدأتها منذ زمن ولم توقفها إطلاقا، وقد كثفت تلك العمليات يومياً، بحيث اغتالت مرات عدة أكثر من 5 كوادر في يوم واحد.

 

واللافت في هذا السياق أنها تلجأ إلى الكشف عن هوية الشخص المستهدف بعد أقل من نصف ساعة، وتوزع نبذات عن مهماته الحالية والسابقة. وهذا الأمر في نظر خبراء عسكريين، أسلوب متطور يظهر قدرة الاستخبارات الإسرائيلية وحجم اختراقها الأمني للعدو، بقصد ترهيبه، فضلاً عن أن عملها هذا يتعدى أحياناً كثيرة نطاق الجنوب ليبلغ أقاصي الهرمل والبقاع وإقليم الخروب في الشوف، ليظهر أيضًا أن اليد الأمنية الإسرائيلية طويلة جداً وتضرب حيث لا يحتسب الآخرون.

 

ووفق آخر الإحصاءات والتقديرات، بلغ عدد الذين اغتالتهم إسرائيل منذ 13 شهراً نحو 420 شخصاً.

 

وإذا صحت المعلومات التي ذكرت أن الضابط المتقاعد في الأمن العام اللبناني أحمد شكر الذي ذُكر أن المخابرات الإسرائيلية قد نجحت في استدراجه وخطفه من البقاع لعلاقة ما له بقضية اختفاء الملاح الإسرائيلي رون أراد في لبنان قبل أكثر من ثلاثين عاماً، فمن دلالات ذلك أن تل أبيب قررت أخيراً نهجاً جديداً في الخرق الأمني يقوم على مفاجأة الخصم في عقر داره، علماً أن إسرائيل سبق لها أن استخدمت هذا الأسلوب سابقاً عندما خطفت "أبو علي" الديراني من بلدته في البقاع والشيخ عبدالكريم عبيد من بلدته في الجنوب، وأخيراً القبطان البحري عماد أمهز من البترون.

 

قبل وقت قصير خرج النائب حسن فضل الله ليؤكد أن الحزب تلقى معلومات تفيد أن إسرائيل في وارد التصعيد ضده وضد إيران، ويبدو واضحاً أن ترجمة ذلك ما لبثت أن تبدت ميدانياً، وهو ما يوحي بجولة عنف جديدة ستطلقها إسرائيل خصوصاً مع اقتراب موعد لقاء رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب.

 

 

 

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 12/26/2025 4:54:00 PM
تضمنت رسائل الجماعة في البداية "تهديدات للعلويين بغض النظر عن جنسهم وأعمارهم"
كتاب النهار 12/26/2025 5:20:00 AM
ظل التعايش قائماً على وسائل التواصل الاجتماعي حتى نشر أحد المعلمين في مدرسة طرابلسية فيديو لطفلة من عائلة مسلمة، تقول فيه إنها لا تحتفل بـ"الكريسماس"، لأنه عيد للكفار، فانقلب التعايش فجأة إلى حرب استخدمت فيها كل مفردات التكفير والشيطنة.
اقتصاد وأعمال 12/26/2025 5:12:00 AM
أسعار الذهب عند مستوى قياسيّ جديد!
اقتصاد وأعمال 12/26/2025 4:10:00 PM
تبدو المصارف اللبنانية، وكأنها تنتقل قسراً من نموذج الانتشار الواسع والاعتماد على الرساميل المتدفقة، إلى نموذج مصغر يعتمد على تقليص التكلفة وتقديم خدمات محدودة