ما حقيقة موقف "حزب الله" من معادلة "ما بين النهرين"؟

كتاب النهار 25-12-2025 | 15:01

ما حقيقة موقف "حزب الله" من معادلة "ما بين النهرين"؟

يقيم الحزب على تعهدات ضمنية من الرئاسة الأولى قطعتها إبان فترة المفاوضات التي سبقت ظهور "تسوية" 5 أيلول...
ما حقيقة موقف "حزب الله" من معادلة "ما بين النهرين"؟
موقع إسرائيلي قُبالة الناقورة جنوبي لبنان (أ ف ب).
Smaller Bigger

مع اقتراب إصدار الحكومة بيانها المنتظر الذي يعلن انتهاء الجيش من تنفيذ المرحلة الأولى من خطته لحصر السلاح بيد الدولة في منطقة جنوب نهر الليطاني، بحيث تصبح خالية تماما من أي وجود عسكري لـ"حزب الله"، يدرك الحزب أن واقع الحال المستجد هذا سيضعه في مواجهة مزيد من الاستحقاقات والتحديات المتصلة بأمرين: مستقبل سلاحه، وحجم حضوره وتأثيره في معادلة الداخل والإقليم عموما.

 

وما يزيد في حراجة وضعه أن مناوئيه الداخليين والخارجيين على حد سواء يتلهفون للحظة هذا التطور الذي ينتظرون دنوه منذ زمن، ويتمثل في إخلاء جنوب الليطاني من أي سلاح غير ذلك الشرعي، ليستأنفوا رحلة الإطباق على الحزب.

 

لذا لم يكن مفاجئا له أن يسارع رئيس الحكومة نواف سلام إلى إعلان جهوزية الحكومة للشروع في تنفيذ المرحلة الثانية من خطة إنهاء سلاح الحزب بعيد ساعات من حديث قائد الجيش عن قرب إعلان جنوب النهر منطقة منزوعة من أي سلاح، كما لم يكن مستغربا أن يجاهر أعداء الحزب الداخليون بقرب زيادة آليات الضغط المالي على الحزب والتي كانت بدأت قبل أشهر، مقدمة لتجفيف مصادر تمويله وتفكيك مرتكزاته الاقتصادية التي هي إحدى دعائم القوة عنده وفق الاعتقاد الغربي.

 

بمعنى أخر، يعي الحزب تماما أن حسابات جبهة المناوئين له تقوم على أساس أن الحزب استنزف خلال العام الماضي الذي أعقب سريان اتفاق وقف النار نظريا، كل "قوة الممانعة والصمود" لديه التي مكنته من صد الهجمات الضارية التي تعرض لها بغية نزع سلاحه.

 

حيال هذا الوضع، يخطط الحزب لمواجهة الهجمات المتكررة عليه والرامية إلى نزع سلاحه في المنطقة الواقعة ما بين النهرين، الليطاني والأوّلي، والتي هي عمليا الجنوب الإداري برمته، وستكون نظريا جسر العبور للمرحلة الثالثة إلى مناطق أخرى في الضاحية الجنوبية والبقاع حيث آخر مخازن صواريخه وعتاده الثقيل. وهكذا يدرك الحزب أيضا أنه بات حكما أمام المواجهة الأخيرة والدفاع عن آخر معاقل سلاحه.

ويتوقف عند أمرين في هذا السياق: 
الأول أن الخصوم سيبذلون جهدا استثنائيا هذه المرة لكي لا يعطوه فرصة للمناورة من خلال إشهار دفاعه الدائم والقائم على أن حدود اتفاق وقف النار هي حدود جنوب الليطاني ولا تتعداه إلى ما هو أبعد، أي إلى منطقة شمال النهر، وأن هؤلاء عندما تبنوا في جلسة الحكومة في 5 أيلول الماضي مسألة التدرج بناء على تقارير الجيش، إنما تبنوا تسوية تحفظ للحزب "ماء الوجه" أمام بيئته المستنفرة والمستفزة. لكن هذا "التساهل" لن يتكرر في المرحلة التالية التي دنا موعدها. فالتزام المعنيين تجاه الخارج أساسي ومبدئي، فيما التزامهم تجاه الحزب هو التزام تكتي ظرفي، خصوصا أن الضغوط الأميركية والغربية أكبر من قدرة أي كان على الاحتمال.

 

والثاني: إذا كان الحكم لا يخفي توجهاته وضروراته في هذا الشأن، وهي صارت معروفة تماما، فماذا عن خيارات الحزب حيال هذا المستجد الضاغط؟ وإلى أي مدى يمكن أن يسمح له بالمناورة أمام الهجمات المتكررة عليه؟

 

لدى الحزب ما يراه مستمسكا قانونيا وحجة شرعية، وهو أنه هو من قدم للدولة كل التسهيلات لجبه الضغوط الإسرائيلية عليها، عندما أوفى بتعهداته وسحب كل حضوره العسكري من منطقة جنوب النهر وفتح في المقابل أبواب مخازنه للجيش في تلك البقعة، والتزم التزاما صارما عدم فتح أي مواجهة مع الإسرائيلي، لذا صار لزاما على الحكومة أن تصمد عند المطلب المنطقي الذي يدعو إسرائيل إلى إيقاف عدوانها اليومي على لبنان في إطار ضمانات دولية، ومن ثم انسحاب القوات الإسرائيلية من التلال الخمس الحاكمة التي أبقت السيطرة عليها، والسماح لسكان القرى الحدودية بالعودة الآمنة إليها وإطلاق الأسرى قبل أي التزام لمصادرة السلاح في منطقة شمال الليطاني.

 

مبدئيا، يقيم الحزب على تعهدات ضمنية من الرئاسة الأولى قطعتها إبان فترة المفاوضات التي سبقت ظهور "تسوية" 5 أيلول.

 

وفي هذا السياق، فإن الحزب لم يُفاجأ بمسارعة الرئيس سلام إلى المجاهرة بإعلانه الاستعداد للشروع فورا في المرحلة الثانية من خطة الجيش، لأنه أراد أن يقطع الطريق على جهة تريد معالجة الأمر بالتروي والحكمة، ولاسيما الرئاسة الأولى وقيادة الجيش، ويريد أيضا أن يوصل رسالة إلى الخارج تثبت أنه ماض في تنفيذ المهمة، وينتظر أداء مغايرا من الرئاسة الأولى بناء على "تفاهمات" وتجارب سابقة بين الجانبين.

 

وبناء عليه فإن الحزب يتمهل في إظهار الموقف الحاسم من هذا المسار رهانا منه على أداء عقلاني من قصر بعبدا الذي طالما جاهر بأنه لن يرتضي أي مسار يقود إلى صدام بين الجيش والمقاومة، ويبقى أيضا الضمان الآخر الدائم عند الحزب، وهو أن بيئته لن تقف مكتوفة حيال أي توجه يراد منه إذلال المقاومة.

الأكثر قراءة

العالم العربي 12/23/2025 10:17:00 PM
أحد أبرز القادة العسكريين الذين قادوا مساعي توحيد المؤسسة العسكرية الليبية وعززوا علاقاتها الإقليمية والدولية.
المشرق-العربي 12/24/2025 10:00:00 AM
أراد يسوع بيت لحم بدون حواجز ولا قيود. أرادها مدينة تصدّر السلام من هذه البقعة الجغرافية إلى كل العالم.
المشرق-العربي 12/24/2025 12:33:00 PM
القوة مؤلفة من سيارتين إحداهما من نوع هايلكس والأخرى هامر عسكرية
شمال إفريقيا 12/24/2025 10:42:00 AM
مضى الحداد، الذي ينحدر من مدينة مصراتة ذات الثقل في صنع قرار غرب ليبيا، خلال السنوات الأخيرة عكس التيار، متمسكاً بحلم "توحيد المؤسسة العسكرية".