ماذا بقي من الخطّة الأميركيّة لغزّة مع تثبيت "الخطّ الأصفر" وتغيير معالم الضفّة؟
قبل اللقاء المتوقع بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في فلوريدا الأسبوع المقبل، يكتنف الغموض مصير المرحلة الثانية من الخطة الأميركية لغزة، إلى حدّ يبعث على الشك في أن هذه المرحلة يمكن أن تُبصر النور.
تتعزّز هذه المخاوف مع مضيّ إسرائيل في الانتهاكات المتكرّرة لوقف النار في غزة، واتخاذ مزيد من الإجراءات التي تفترض أن "الخط الأصفر" سيتحوّل حدوداً دائمة في المدى المنظور، مع تعزيز الميليشيات المناهضة لـ"حماس" خلف هذا الخط. ويترافق ذلك مع الحديث عن أن أيّة مشاريع لإعادة الإعمار ستقتصر على الجزء المحتلّ من القطاع، حيث يوجد أقلّ من واحد في المئة من سكان غزة، بينما يقيم مليونا فلسطيني في النصف الآخر من غزة، وسط ظروف إنسانية كارثية.
ومحاولة تحويل الوضع الموقت إلى وضع دائم لا تقتصر على غزة. فما تفعله إسرائيل في الضفة الغربية، وما تفرضه من تغييرات جغرافية وديموغرافية هناك، لا ينفصل عن الهدف الأساسي لإسرائيل، وهو الحؤول عملياً دون أي إمكانية لقيام دولة فلسطينية في المستقبل. وقد صرّح بذلك علناً وزير المال الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، عقب مصادقة "الكابينيت" على إقامة 19 مستوطنة إسرائيلية جديدة في الضفة، الأحد. وتؤكد أعمال التجريف في المخيمات، وإرغام سكانها على النزوح منها، والاقتحامات المتواصلة للجيش الإسرائيلي والمستوطنين قرى الفلسطينيين، وتخريب ممتلكاتهم، ومصادرة المزيد من أراضيهم، أن مناخات التهدئة بعيدة.

ويؤكد تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، الأحد، أن "العنف (في الضفة) لا يقتصر على مصادرة الأراضي، بل يشمل عمليات قتل ومضايقات واعتداءات جسدية، إضافة إلى إغلاق القرى، ونصب الحواجز، وهدم المنازل، والمحاسبة وفق القانون العسكري، في واقع من الخوف الدائم وانعدام العدالة".
ويصل التقرير إلى خلاصة مفادها أن "الوجود الفلسطيني الحرّ في الضفة الغربية بات مهدّداً بشكل غير مسبوق، وأن التغييرات الجارية على الأرض قد تكون غير قابلة للتراجع، ما يضع مستقبل الدولة الفلسطينية والسلام المنشود في مهبّ الريح".
وفي توقيت يُحكى عن توتر في العلاقة بين ترامب ونتنياهو بسبب سياسات الأخير، يحضر السناتور الأميركي ليندسي غراهام إلى إسرائيل، ليدعو إلى الحرب على غزة ولبنان، ويدور حديث عن اعتزام رئيس الوزراء الإسرائيلي أن يحمل معه سيناريوات لتوجيه ضربة إلى إيران، بسبب تقارير تتحدث عن ترميم قدراتها الصاروخية.
ويقف السفير الأميركي لدى إسرائيل مايك هوكابي ضد الأصوات داخل حركة "ماغا" اليمينية المتطرفة، التي تحذّر من أن سياسة نتنياهو تُعرّض مصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط للخطر.
هذه المناخات المتشددة قبل قمّة فلوريدا تقوّي عزيمة نتنياهو، الذي يشترط للانتقال إلى المرحلة الثانية من الخطة الأميركية أن يُعهد إلى قوة الاستقرار الدولية المزمع تشكيلها بموجب هذه المرحلة نزع سلاح "حماس"، قبل التطرّق إلى البنود الأخرى مثل الانسحاب الإسرائيلي أو إعادة الإعمار. وهذا ما يعقّد مهمة الوسطاء، مصر وقطر وتركيا، ويُرجئ الانتقال إلى المرحلة الثانية، على رغم وعود ترامب بالإعلان عن "مجلس السلام" وإنشاء القوة الدولية مع مطلع العام المقبل. وبين هذه الوعود وما يجري على الأرض بون شاسع.
نبض