ممرات جنوب القوقاز… سباق النفوذ يشتعل بعد حرب أوكرانيا

كتاب النهار 22-12-2025 | 05:06

ممرات جنوب القوقاز… سباق النفوذ يشتعل بعد حرب أوكرانيا

منطقة جنوب القوقاز وآسيا الوسطى لن تعود إلى مرحلة ما قبل الحرب التي استقطبت أنظار القوى الغربية إلى الفناءين الروسي والصيني.
ممرات جنوب القوقاز… سباق النفوذ يشتعل بعد حرب أوكرانيا
خريطة آسيا الوسطى والقوقاز...ماذا يريد ترامب؟
Smaller Bigger

 
 بالنهاية المحتملة للحرب في أوكرانيا، ستقع تحولات جيوسياسية واسعة في منطقة جنوب القوقاز وآسيا الوسطى وما حولهما نتيجة تغيّر العلاقات التي ترسخت على أساس هذه الحرب، وعلى رأسها العلاقات بين تركيا وروسيا. فأنقرة، في إطارها الأطلسي، قدمتْ دعماً عسكرياً إلى كييف لمواجهة الغزو الروسي. لكن رغم ذلك، شهدنا تقارباً كبيراً بين موسكو وأنقرة عزّز العلاقات بين البلدين على مستويات عدة، حتى وجدنا بوتين يقدّم الكثير لأردوغان بسبب العقوبات الغربية الخانقة على موسكو، الأمر الذي جعل روسيا المنشغلة بالحرب تصمت أمام التمدد التركي في فنائها الجنوبي. وقد بلغ ذلك حدّ بروز محور أنقرة–باكو الذي نجح في هزيمة أرمينيا وأضعف الدور الروسي، بما جعل تركيا تبدو قوة إقليمية تطمح إلى تحقيق مشاريعها القومية العابرة للحدود، مثل تشكيل وحدة بين الأمة الطورانية من حدود الصين إلى أوروبا. فقد تم الإعلان، خلال قمة منظمة الدول الناطقة بالتركية الأخيرة، عن مشروع "الأبجدية التركية الموحَدة" المعتمدة على الخط اللاتيني بدل السيريلي الروسي، بما يربط أتراك آسيا بثقافة تركيا وهويتها.
إن منطقة جنوب القوقاز وآسيا الوسطى لن تعود إلى مرحلة ما قبل الحرب التي استقطبت أنظار القوى الغربية إلى الفناءين الروسي والصيني، كما أن دول تلك المنطقة بدأت تنخرط في سياسة "تعدد الشركاء" بما يدعم استقلالها الذاتي، فلم تعد تحصر علاقاتها الاقتصادية والعسكرية والأمنية بفكرةِ "المظلة الواحدة"، مثل منظمة معاهدة الأمن الجماعي التي تقودها روسيا، بل اتجهت إلى شراكات متعددة تمنحها قدرة أكبر على المناورة أمام القوى الإقليمية المنافسة. ويتجلى ذلك في توجه أرمينيا لتعزيز علاقاتها الدفاعية مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، بعد مخاوفها من تنامي الدور التركي وتقاعس روسيا عن دعمها في حربها أمام أذربيجان.
وحسبما تأتي سيناريوهات نهاية حرب أوكرانيا، قد تسعى موسكو إلى إعادة تثبيت نفوذها، ولكن بقدرات ومرونة تتناسب مع التحولات التي أجريت على حدودها الجنوبية، والتي باتت ساحة مفتوحة أمام القوى الغربية، بخاصة أن الحرب منحت السياسة الخارجية الروسية زخماً مختلفاً عن الماضي.
كذلك ستطرأ تحولات على معادلة التنافس بين القوى الإقليمية، ولا سيما منها إيران، التي تسعى إلى تحقيق توازن بين القوى المنافسة لها، سواء تركيا أم إسرائيل أم حتى الدول العربية والغربية. فقد انعكست الحرب الأوكرانية، رغم بُعدها الجغرافي، على جوارها الشمالي وفرضت عليها ديناميكيات جديدة للعلاقات وتوازنات القوة، بشكل يدفعها إلى نهج سياسة جديدة.


ممرات سياسية أم تشاركية؟
تشير تصريحات مدير الإدارة الرابعة لرابطة الدول المستقلة في الخارجية الروسية ميخائيل كالوغين، حول استعداد بلاده للتشاور مع يريفان بشأن معايير مبادرة "طريق ترامب" (TRIPP) الذي يمر عبر أرمينيا للربط بين الشرق والغرب، إلى عودة روسية حذرة لدورها، وعدم تجاهلها للتحركات الأميركية والتركية في مناطق نفوذها. 
ويبدو أن الصراع على رسم خريطة الممرات سيكون السمة الأبرز للمرحلة المقبلة، بخاصة أن ممر ترامب لا يزال غير محدد الملامح، ما يفتح المجال للمناورة والمشاركة. في هذا السياق، بدأت جورجيا تبدي قلقها من التحركات التركية والأذرية التي تهدد موقعها كممر تجاري على البحر الأسود، ما دفع تبليسي إلى تعزيز تقاربها مع روسيا وإيران والهند بدل الناتو، بهدف المشاركة في رسم خريطة الممرات. كما تحركت إيران لتفعيل ممرها مع كازاخستان وتركمانستان ضمن ممر شمال-جنوب، بما يمنحها دوراً تشاركياً أيضاً في هذه الممرات، بخاصة أن تركيا، وإن حصلت على ممر عبر جنوب القوقاز، لن تتمكن من الوصول براً إلى آسيا الوسطى من دون المرور عبر إيران.


العلامات الدالة

الأكثر قراءة

لبنان 12/20/2025 11:49:00 PM
 برز كلام رئيس الحكومة نواف سلام امس عقب استقباله في منزله في قريطم رئيس الوفد المفاوض في لجنة الميكانيزم السفير سيمون كرم.
سياسة 12/21/2025 4:36:00 PM
أكد أنه ليس بحاجة لشهادة حسن سلوك من أي كان
سياسة 12/22/2025 12:03:00 AM
هل نحن فعلاً في عهد سينجح في محاربة الفساد والفاسدين مهما علا شأنهم؟