إدارة الخلافات.. معادلة توازن بين إيران والخليج

كتاب النهار 08-12-2025 | 05:07

إدارة الخلافات.. معادلة توازن بين إيران والخليج

طهران لا تزال تستثمر في الأزمات، مثل حاجة تركيا إليها في سوريا، أو مناكفتها دول الخليج في اليمن، أو استغلالها للخلافات الأوروبية-الأميركية حول إدارة الرئيس ترامب للأزمة الأوكرانية.
إدارة الخلافات.. معادلة توازن بين إيران والخليج
علاقات نحو التوازن؟
Smaller Bigger

وصلتْ لعبة الشطرنج السياسية في المنطقة إلى مرحلة تتسم بالواقعية والتوازن؛ إذ تعكس تحركات إيران رغبتها في الحفاظ على مسار الديبلوماسية لحل أزماتها، بالتجاوب مع الجهود المصرية الهادفة إلى استمرار التعاون بينها وبين وكالة الطاقة الذرية الدولية التي تعد تقاريرها مفتاح حل أزمتها النووية مع القوى الغربية. وكذلك استمرار تواصلها مع الرسائل الأميركية ومحاولتها الدخول من البوابة الأوروبية، وهو ما برز في رسالة طهران إلى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، قبل توجهه إلى واشنطن، تلتها زيارة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي لباريس، ثم مشاورات بين مدير الوكالة الذرية رافائيل غروسي، ومنسقة الخارجية الأوروبية كايا كالاس، بشأن الملف النووي الإيراني.
هذه الخطوات تدل على إدراك طهران حقائق محيطها، فبينما كانت تستمر في الدفاع عن نموذج نظامها، وجدتْ أن دول الخليج قد وضعت قدماً راسخة في عالم القوى الاقتصادية الكبرى، وتمضي بثبات نحو تحقيق رؤاها التنموية، في وقت عجزت إيران عن بلوغ رؤيتها 2025 بسبب استمرار التوتر مع الغرب.
ومن ثم، لم يعد صحيحاً تصوير التنافس الخليجي - الإيراني علاقة تجاذب أو تنافر بين قطبين؛ فقد وصلت إلى حالة توازن، أساسها نجاح دول الخليج العربي في تحقيق تنوع في علاقاتها مع الشرق والغرب وفق مبدأ المصلحة المشتركة، بينما بقيت إيران، رغم شعارها "لا شرقية ولا غربية"، عالقة في صراع المعسكرات، وتعرّضت لعقوبات أوروبية بسبب تورطها في الحرب الأوكرانية.
ولا يعني هذا وجود انسجام كامل، بل حالة توازن، فطهران لا تزال تستثمر في الأزمات، مثل حاجة تركيا إليها في سوريا، أو مناكفتها دول الخليج في اليمن، أو استغلالها للخلافات الأوروبية-الأميركية حول إدارة الرئيس ترامب للأزمة الأوكرانية. وكذلك تستغل ضغوط الإدارة الأميركية التي تسعى إلى استقرار الشرق الأوسط، وتضغط على إسرائيل لتجنب حرب جديدة مع طهران قد تنسف حالة التهدئة بعد اتفاق غزة، إضافة إلى الاتفاقات الاستراتيجية الأميركية مع الإمارات والسعودية.


إعادة التوازن عبر الديبلوماسية
وفي إشارة واقعية إلى حالة التوازن التي تشكلت بين إيران ودول الخليج، هنّأت وزيرة الطرق الإيرانية فرزانه صادق دولة الإمارات بعيد تأسيسها، مؤكدة متانة الروابط بين البلدين، رغم قضية الجزر الإماراتية الثلاث. ومن أبوظبي، قال تركي الفيصل في قمة معهد ميلكن إن "إسرائيل هي التهديد الحقيقي للاستقرار الإقليمي وليست إيران". وهذه التصريحات امتداد لسياسة التوازن التي بدأت مع المصالحة الإيرانية-السعودية عام 2023، وكذلك الانفتاح بين طهران وأبوظبي ضمن نهج يفضل إدارة الخلافات على تأجيجها، مع إدراك مشترك لخطورة الصدام على أمن الطاقة وسلاسل الإمداد والممرات البحرية.
وتقود دول الخليج جهوداً ديبلوماسية تمتد إلى مناطق بعيدة مثل أوكرانيا وباكستان، فقد أكد محمد بن سلمان في واشنطن استعداده لبذل الجهود للتوسط بين الولايات المتحدة وإيران، ما يعكس أن الدافع الأساسي لهذه الدول هو الأمن الاقتصادي الداعم لخطط التنمية، وستكون إيران الخاسر الأكبر إذا لم تواكب هذه الجهود، لأن سياستها القديمة لم تثمر شيئاً بينما دول الخليج تقدمت عنها.
والمحصلة، أن الجغرافيا والتشابكات الاقتصادية وضرورات الأمن الإقليمي تفرض على السعودية والإمارات وإيران البحث الدائم عن نقطة توازن تمنع انفجار الأزمات وتُبقي باب التفاهمات مفتوحاً، بخاصة أن إيران لا تواجه منافسة عسكرية فحسب، بل أيضاً منافسة اقتصادية متصاعدة لا مكان لها فيها إذا واصلت مسارات غير عقلانية. ومن ثم فإن الوصول إلى نقطة توازن بات ضرورة تتيح للمنطقة تجنب أزمات أعمق وتمهد لتعاون تدريجي قد يعيد رسم ملامح الشرق الأوسط في السنوات المقبلة.


العلامات الدالة

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 12/8/2025 6:32:00 AM
تلقّى اتصالاً من قيادته الإيرانيّة في الخامس من كانون الأول/ديسمبر 2024، أي قبل ثلاثة أيام من سقوط الحكم السابق، طلبت منه فيه التوجّه إلى مقرّ العمليات في حيّ المزة فيلات شرقية في العاصمة صباح الجمعة في السادس من كانون الأول/ديسمبر 2024 بسبب "أمر هام".
المشرق-العربي 12/8/2025 7:07:00 AM
ألقى الشرع كلمة قصيرة بعد الصلاة قال فيها: "سنعيد بناء سوريا بطاعة الله عز وجل، وبنصرة المستضعفين، والعدالة بين الناس"
سياسة 12/7/2025 9:18:00 AM
"يديعوت أحرونوت": منذ مؤتمر مدريد في أوائل التسعينيات، لم يتواصل الدبلوماسيون الإسرائيليون واللبنانيون مباشرةً