هل يُترك الرئيس عون وحيداً في مواجهة حملات "ظالمة"؟

كتاب النهار 04-12-2025 | 17:53

هل يُترك الرئيس عون وحيداً في مواجهة حملات "ظالمة"؟

 "حزب الله" الذي ارتضى بإخلاء كل مواقعه في منطقة جنوب الليطاني، أي القرى المتاخمة للحدود، والأقرب إلى إسرائيل، لا يمكنه الدفاع عن السلاح في المناطق الداخلية
هل يُترك الرئيس عون وحيداً في مواجهة حملات "ظالمة"؟
الرئيس جوزف عون.
Smaller Bigger

انطلقت منذ الأربعاء، حملة "شيعية" لم توفّر حتى الرئيس نبيه بري، وتطاولت على رئيس الجمهورية جوزف عون، بعد إعلانه تكليف السفير السابق سيمون كرم عضواً مدنياً في لجنة "الميكانيزم" بالتنسيق مع رئيسي مجلسي النواب والوزراء، ما يعني حكماً أن القرار يحظى بغطاء سياسي - طائفي، ولم يتخذه رئيس الجمهورية منفرداً. صحيح أن حجم الاعتراض، عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو في الشارع (مساء الأربعاء)، لا يعطل القرار ولا يبدّله ولا يؤثر فيه كثيراً ما لم يعلن الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم موقفاً تصعيدياً مساء الجمعة، إلا أن المواقف تعبّر عن سوء فهم وسوء إدارة وتقدير في التعامل مع الملفات الوطنية الحساسة، وتنمّ أيضاً عن جهل كبير يحرّك الشارع، بل عن استغلال لهذا الشارع لأهداف تصبح الشكوك فيها مشروعة، للأسباب الآتية:

 

إن رئيس الجمهورية كان واضحاً في خطاب القسم عندما أشار إلى "زلزال شرق أوسطي تصدّعت فيه تحالفات وسقطت أنظمة وقد تتغيّر حدود"، مضيفاً "نحن في أزمة حكم يفترض فيها تغيير الأداء السياسي في رؤيتنا لحفظ أمننا وحدودنا".

 

وأطلق عهده "أن أمارس دوري كقائد أعلى للقوات المسلّحة وكرئيس للمجلس الأعلى للدفاع بحيث أعمل من خلالهما على تأكيد حق الدولة في احتكار حمل السلاح، دولة تستثمر في جيشها ليضبط الحدود ويساهم في تثبيتها جنوباً وترسيمها شرقاً وشمالاً وبحراً ويمنع التهريب ويحارب الإرهاب ويحفظ وحدة الأراضي اللبنانية ويطبق القرارات الدولية ويحترم اتفاق الهدنة ويمنع الاعتداءات الاسرائيلية على الأراضي اللبنانية".

 

وبالعودة إلى هذه العبارات، يتأكد أن دور الرئيس اتخاذ الخطوات الضرورية والقرارات المصيرية لحفظ أمن البلاد وعيش المواطنين، بعيداً من كل الرهانات الخاطئة والحسابات والمصالح الخارجية. وربما هذا ما يفعله في محاولة لتجنيب البلاد حرباً إسرائيلية جديدة يصبح معها الإعمار وإعادة البناء عملية معقدة ومكلفة أكثر. وهو لم يبدّل في مواقفه ولم يتراجع عن وعوده، ولا انقلب على اتفاقات تحت الطاولة، إذ إن البيان الوزاري جاء منسجماً مع خطاب القسم، ما يؤكد ثبات الموقف والرؤية والتطلع.

 

إن بعض الحملات غير الشيعية، والتي تنطلق من البيئة المسيحية - المارونية تحديداً- لا تراعي الواقع أيضاً، إذ تطلب المستحيل في بلد معقد التركيبة، ومحاصر بدول لا تكن للبنان كل الودّ. وهي تضعف موقع الرئاسة الأولى، وتدفع الرئيس، كما حصل في العهد السابق، إلى الاحتماء بمكونات ربما لا تعبّر عنه وعن توجهاته، حتى لا يُعزل ويُحاصر. وهذه الحملات تخدم "الخصوم" في حشر الرئيس ربما من باب تصفية حسابات صغيرة. 

 

إن معادلة توازن الرعب سقطت في الحرب الأخيرة، ووعود السيد حسن نصرالله باجتياح الأراضي الإسرائيلية المحاذية للحدود، وضرب المنشآت الاقتصادية والعسكرية، لم تتحقق، بل إن الأمين العام السابق للحزب ذهب ضحيتها، مع خلفه السيد هاشم صفي الدين وعدد كبير من القادة العسكريين.

 

بناء عليه، يجب الاعتراف بخسارة الحرب، والعمل على تعويضها ما أمكن، بدل دفن الرؤوس في الرمال، والتغاضي عن النتائج، واعتماد خطاب غير واقعي، بل الإعلان الضار عن إعادة الحزب تكوين قدراته في تحدي للمجتمع الدولي وقرارات الأمم المتحدة. والاعتراف لا يعني الاستسلام، بل التعامل بواقعية لتفادي حرب جديدة ومحاولة التعويض باعتماد سياسة جديدة تعيده إلى حالة الاحتضان الوطني بدل التباعد مع سائر المكونات. 

 

إن "حزب الله" الذي ارتضى بإخلاء كل مواقعه في منطقة جنوب الليطاني، أي القرى المتاخمة للحدود، والأقرب إلى إسرائيل، لا يمكنه الدفاع عن السلاح في المناطق الداخلية حيث يُشعر شركاءه في الوطن بتهديد وبفائض قوة يمكن أن يستعمل ضدهم. 

 

إن التفاوض عملية مشروعة بين المتخاصمين والأعداء، وهو أمر ملح لبلوغ التسويات الممكنة، ورفض التفاوض يعني الدخول في الحرب مجدداً، وهذا أمر خطِر لا يمكن توقع نتائجه، بل كوارثه.

 

إن للتفاوض شروطا وأسسا وظروفا تحكمه، وعليه فإن الإسراع فيه حالياً بدل إضاعة الفرصة هو القرار الصائب، اذ لا يزال في إمكان لبنان محاكاة المجتمع الدولي، وتحقيق بعض المطالب – ولا اقول الشروط – قبل أن تتبدل المعطيات الدولية والإقليمية، فيتعرض البلد لحرب جديدة، ويعاني حصارا دوليا وإقليميا أكثر شدّة، وتسبقه سوريا إلى اتفاقات ومعاهدات، فيصير وحيداً ويذهب مرغماً إلى تفاوض لا تنفع معه مطالب ولا شروط، في ما يشبه الاستسلام. 

 

أخيراً، في علم المنطق، إن على المنتقد، لا الاكتفاء بالنقد، بل تقديم اقتراحات لحلول بديلة تكون قابلة للتطبيق. وهنا المشكلة في لبنان، أن حالات الانتقاد والاعتراض تدور في الصالونات وعبر الشاشات، وتغيب عن أرض الواقع، وكل أصحاب النظريات المعترضة لا يقدمون حلولاً، أو يقترحون ما ليس منطقياً. 

 

امام هذا الكم الهائل من الاعتراضات، وضعف حلقة الدفاع، هل يترك الرئيس وحيداً؟ 

الأكثر قراءة

العالم العربي 12/3/2025 12:22:00 PM
لا بد من تفكيك شبكات التمكين الإسلامية داخل الجيش السوداني، وعزل قادته الموالين للإخوان... فهذا شرط أساسي لأي دعم دولي لعملية السلام.
المشرق-العربي 12/3/2025 12:18:00 PM
ياكواف كاتس، وهو أحد مؤسسي منتدى السياسة MEAD، والباحث البارز في JPPI، ورئيس تحرير السابق لصحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية، يجيب عن هذه الأسئلة في مقال له، ويشير إلى الفوارق بين الماضي والحاضر.
المشرق-العربي 12/3/2025 2:17:00 AM
يطالب القرار إسرائيل بالانسحاب الكامل من الجولان
سياسة 12/4/2025 10:43:00 AM
أمرت الحكومة العراقية بتجميد جميع أموالهم وأصولهم...