في عيد الاتحاد الرابع والخمسين… الإمارات تعيش عصرها الذهبي

كتاب النهار 02-12-2025 | 06:00

في عيد الاتحاد الرابع والخمسين… الإمارات تعيش عصرها الذهبي

في عيد الاتحاد الرابع والخمسين، تبدو الإمارات في لحظة تَكثُّفٍ نادر لتجربتها؛ دولة بلغت من النضج ما يجعلها تعيش "عصرها الذهبي" تحت قيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد. عصرٌ يتجاور فيه التفوق التكنولوجي مع الاتزان السياسي، وتتحول فيه مكتسبات الرفاه الداخلي إلى التزام أوسع حيال الإقليم والعالم.
في عيد الاتحاد الرابع والخمسين… الإمارات تعيش عصرها الذهبي
صورة تعبيرية.
Smaller Bigger

في عيد الاتحاد الرابع والخمسين، تبدو الإمارات في لحظة تَكثُّفٍ نادر لتجربتها؛ دولة بلغت من النضج ما يجعلها تعيش "عصرها الذهبي" تحت قيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد. عصرٌ يتجاور فيه التفوق التكنولوجي مع الاتزان السياسي، وتتحول فيه مكتسبات الرفاه الداخلي إلى التزام أوسع حيال الإقليم والعالم.

 

في عالم تغلب عليه الحروب والانهيارات من غزة إلى السودان وأوكرانيا، اختارت الإمارات أن تكتب سرديتها الخاصة: دولة لا تهرب من واقع الجغرافيا السياسية، وترفض منطق الفوضى، وتتحول إلى "قوة معيارية" تُقاس عليها التجارب، لا مجرد حالة ناجحة.

 

يكفي أن نتوقف عند ما كشفته "أرقام الإمارات الموحدة" في الاجتماعات السنوية للحكومة: تصدّر 16 مؤشراً عالمياً في عام واحد، من الالتحاق بالتعليم العالي إلى تمكين المرأة والإلمام بالقراءة والكتابة وسياسات ريادة الأعمال، إلى جانب تقدم في مؤشرات التنافسية العالمية والتحول الرقمي وقلة النزاعات العمالية. خلف هذه الأرقام بنية اقتصادية أعادت تعريف موقع الدولة؛ قطاعات غير نفطية تساهم اليوم في أكثر من ثلاثة أرباع الناتج المحلي، ونمو يناهز 5% في عام يتباطأ فيه اقتصاد القوى الكبرى. ليست هذه زخارف إعلامية، بل حصيلة تخطيط واقتصاد يتدرج نحو ما بعد النفط.

 

غير أن جوهر "العصر الذهبي" لا يُختزل في الداخل. فالإمارات ليست دولة ناجحة فحسب، بل دولة مفيدة لغيرها. من أبوظبي التي استضافت اللقاء بين رئيس أذربيجان ورئيس وزراء أرمينيا، إلى دورها في اتفاقات تبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا، مروراً بالتحرك الديبلوماسي والإنساني لوقف النزيف في غزة، ومسارات الحل في السودان، والتعافي في سوريا… تتصرف الإمارات قوة سلام ثقيلة الوزن على طاولة القرار. وتحولت أبوظبي الى محطة لا يمكن تجاوزها لكل من يبحث عن مخرج من حافة الهاوية.

 

في الموازاة، تترسخ الإمارات كثالث أكبر مانح للمساعدات الإنسانية وفق نظام التتبع الأممي. وغزة تمثل العنوان الأوضح لهذا النهج: ما يقارب نصف المساعدات الدولية الموثقة للقطاع جاءت من الإمارات؛ من "الفارس الشهم 3" إلى المستشفيات الميدانية وخطوط المياه ومحطات الخبز والعمليات لنقل الجرحى والأطفال للعلاج في الدولة. هذا كله ترجمة لمبدأ راسخ في "المبادئ الخمسين": أن المساعدة لا ترتبط بالدين أو العرق أو الموقف السياسي، وأن التردد في الإغاثة خروج على جوهر المشروع الإماراتي نفسه.

 

على الضفة التكنولوجية من المشهد، ترسم الإمارات موقعها في خريطة الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي. دولة تتصدر العالم في اعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي، وتحجز موقعاً ضمن العشرة الأوائل في التنافسية الرقمية، وتستثمر في مراكز بيانات وحوسبة فائقة وشراكات مع أكبر الأسماء، لتكون شريكاً في صناعة الخوارزميات لا مجرد مستهلك لها. والأهم أن هذه القوة الرقمية لا تبني "جداراً معرفياً" جديداً بين الشمال والجنوب، بل تمتد إلى مبادرة بمليار دولار تحت عنوان "الذكاء الاصطناعي من أجل التنمية" موجهة إلى إفريقيا، تقول إن الحق في المستقبل الرقمي يجب ألا يتحول إلى امتياز مغلق للدول الغنية.

 

كل ذلك يتقاطع مع بعد ثالث يميز اللحظة الإماراتية؛ أن الدولة التي تتقدم في مؤشرات التنافسية والاقتصاد والابتكار، هي نفسها التي تكرس مؤسسات للتسامح والقوة الناعمة؛ وزارة للتسامح، مجالس ومنصات للحوار بين الأديان، جوائز للأخوة الإنسانية، وديبلوماسية ثقافية تعرف كيف تقدم الإمارات قصة وهوية متكاملة.

لذلك يبدو وصف ما نعيشه اليوم بأنه "عصر ذهبي" توصيفاً دقيقاً. عصر يقوم على معادلة بسيطة وعميقة: أن تكون قوياً من دون تغول، غنياً من دون تعالٍ، لاعباً دولياً من دون أن تفقد بوصلتك الأخلاقية.

 

في عيد الاتحاد الرابع والخمسين لا تحتفل الإمارات بما تحقق فحسب، بل تطرح على نفسها سؤالاً أصعب: كيف نحمي هذا المنجز في عالم لا ينتظر أحداً، وكيف نضمن أن تكون السنوات المقبلة امتداداً لهذه اللحظة لا فاصلاً زمنياً بين صعودين؟ هنا يكمن التحدي الحقيقي للعصر الذهبي، وهنا يتجلى سر تفوق النموذج الإماراتي.

 

*كاتب إماراتي

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

الخليج العربي 12/1/2025 12:53:00 PM
السعودية وروسيا توقعان اتفاقية إعفاء متبادل من التأشيرات لحملة جميع الجوازات
المشرق-العربي 11/30/2025 12:47:00 PM
وزارة النقل العراقية تحسم الجدل: لا وجود لطائرة مركونة في صحراء الوركاء، والصورة المتداولة لطائرة عابرة رصدها القمر الصناعي للحظة واحدة فقط.
المشرق-العربي 12/1/2025 11:51:00 AM
قائد المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي، رافي ميلو، يتفقد مواقع عسكرية على امتداد الحدود مع سوريا ولبنان، للاطلاع على تدريبات القوات وإجراء تقييمات ميدانية للجهوزية.
كتاب النهار 12/1/2025 9:21:00 AM
زيارة البابا يفترض أن تكون مناسبة للمصالحة، وكان ممكناً تخطي البروتوكول فيها، إذ يحق لصاحب الدعوة، كما للشاعر، ما لا يحقّ لغيره.