نوح زعيتر: إمبراطوريّة كرتون عندما تحزم الدولة أمرها
سَقَطَ نوح زعيتر في يدِ الجيش. قبلَه سقط كثيرون أيضاً. الجيش اكتشف مصانع الكبتاغون وغيرها من المواد السّامة في لبنان ودخل إليها. في فترةٍ زمنية لا تتعدّى الأشهُر السّتة، اقتربت امبراطوريّة الممنوعات من الانهيار. بقدرِ ما تُفرحني هذه الحقائق وتُطَمئنُني إلى مستقبل أولادِ العائلات اللُّبنانيّة، يُحزِنُني هذا الموضوع ويُثيرُ اشمئزازي. السّبب في ذلكَ يعود إلى أنّني أسألُ نفسي هذا السّؤال: "إذا كان الجيشُ قادِراً على تغيير لعبة الكبتاغون وغيرها في أشهُرٍ ستّة، فلماذا لم تُعطِهِ السُّلطة السّياسيّة حريّة الحركة واتّخاذِ القرار قبلاً؟ من هو المسؤول عن ضحايا تعاطي المخدّرات على أنواعها المُسمِّة والمسمومة في السّنوات الماضية؟ مَن حمى نوح زعيتر ومَن يشبهه في الزّمن الّذي مضى؟".
لا أعتقد أنَّ السُّلطات الأمنيّة هي المسؤولة عن التأخيرِ في وضعِ حدٍّ لامبراطوريّة الكبتاغون. أَوَليست للسلطة السّياسيّة اليد الطولى في صنع القرار؟ لماذا تأخّر الموضوع؟ هل كان القرار بالحماية يأتي من خارج الحدود؟ إذا كان كذلك، فلماذا لم تفضحه الدولة الّلبنانيّة آنذاك؟ لا أدري. لكنّي أدري أمراً واحِداً أن شبّاناً وشابّاتٍ لبنانيّين ولبنانيّات كانوا ضحايا التّعاطي على امتداد سنواتٍ عديدة موتاً أو دماراً لأجسادهم و"نفسيّاتهم". بعضهم من انتهى بالـ overdose، ومنهم من انتهى بالاكتئاب، ومنهم مَن تدمّر طموحه وخسر تحقيق الأهداف. مع هؤلاء الشُّبان والشّابات انتهت عائلاتٌ لبنانيّة كثيرة، بَكَت في صمتِها خوفاً من الفضيحة. من المسؤول عن هذه الكارثة الّتي أَلَمَّت بنا؟ الجيش كان قادراً على وضعِ حدٍّ لِكُلِّ هذه الأمور لو أُعطِيَ الضّوء الأخضر لفعلِ ذلك. مُحزِن، مُخزٍ، مُعيب، وغير مفهوم.
نبض