خطّة ترامب تترنّح مع تآكل هدنة غزة... والمرحلة الثّانية معلّقة على قوّة الاستقرار
توشك إسرائيل على إفراغ اتفاق وقف النار في غزة من مضمونه. وليس أدلّ على ذلك من الهجمات اليومية التي يتعرّض لها الفلسطينيون في مناطق مختلفة من القطاع، منذ الضربات الواسعة التي أودت بحياة 100 فلسطيني في 28 تشرين الأول/كتوبر، بذريعة الرد على كمين في رفح داخل الخط الأصفر أدى إلى مقتل جندي.
العنوان الجديد لانتهاكات إسرائيل لم يعد مقتصراً على تنفيذ هجمات ضد قواتها، إذ هناك مسألة التأخير في استعادة ما تبقّى من جثث أسرى إسرائيليين. تمت استعادة 17 جثة من أصل 28. وبعدما تبيّن أن ثلاث جثث سلّمتها "حماس" الجمعة، لا تعود لإسرائيليين، شنّت المقاتلات الإسرائيلية غارات جوية على محيط خان يونس، وتوعّدت بالمزيد، متهمة الحركة بمماطلة مقصودة في إعادة الجثث.
وترفق إسرائيل الضربات بتضييق جديد على صعيد إدخال المساعدات الإنسانية، وهذا واضح في تقارير الأمم المتحدة التي تتحدث عن نقص كبير في تلبية حاجات 2.1 مليون فلسطيني في القطاع.

ليست أزمة الجثث وحدها ما يهدّد بانهيار كامل لوقف النار، فهناك الجدل الدائر حيال مسألتين: لجنة التكنوقراط الفلسطينية المستقلة التي ستتولى إدارة الشؤون المدنية لسكان غزة، وإنشاء قوة الاستقرار الدولية. وبينما هناك خلاف بين مصر وإسرائيل على الأسماء المقترحة للجنة التكنوقراط، فإن أي دولة لم تُبدِ استعداداً واضحاً للمشاركة في قوة الاستقرار.
ويلتقي في إسطنبول اليوم وزراء الخارجية للمجموعة العربية – الإسلامية الذين التقوا الرئيس الأميركي دونالد ترامب في نيويورك في أيلول/سبتمبر، ما مهّد للإعلان عن الخطة الأميركية التي تضمّنت 20 بنداً لـ"اليوم التالي" في غزة.
وبحسب وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، فإن الاجتماع سيركّز على "الانتقال إلى المرحلة الثانية من الخطة الأميركية، وتشكيل قوة الاستقرار".
وسبق لأنقرة أن أبدت استعداداً للمساهمة في القوة، لكن إسرائيل رفضت رفضاً مطلقاً نشر أي قوات تركية في غزة، في ظلّ تدهور العلاقات التركية – الإسرائيلية في العامين الأخيرين بسبب الحرب الإسرائيلية على غزة. وتتهم تل أبيب أنقرة بالوقوف إلى جانب "حماس".
ولا تمانع إسرائيل في مشاركة أذربيجان في قوة الاستقرار، نظراً إلى العلاقات الاستراتيجية بين الجانبين. وتزوّد باكو إسرائيل بحاجاتها من النفط، بينما تزوّد الأخيرة أذربيجان بالأسلحة.
كذلك، ترحّب إسرائيل بمساهمة محتملة من إندونيسيا في قوة الاستقرار. وعلى الرغم من عدم وجود علاقات ديبلوماسية، فإن الرئيس الإندونيسي برابوا سوبيانتو على اتصال بالإسرائيليين منذ سنوات، وكان يعتزم القيام بزيارة سرية لإسرائيل في 13 تشرين الأول الماضي، ليعدِل عنها في اللحظة الأخيرة بعدما كشفت وسائل إعلام إسرائيلية أمرها.
الجهود المبذولة من قبل واشنطن والدول الموقّعة على وثيقة وقف الحرب لتسريع إنشاء قوة الاستقرار، تُعدّ خطوة ضرورية لتدعيم وقف النار والمضيّ في وضع الخطة الأميركية موضع التنفيذ، وبينها إعادة الإعمار، بما يفتح الآفاق نحو تلبية طموحات ترامب لإبرام اتفاقات سلام إقليمية.
في هذه الأثناء، تجدر الإشارة إلى خطورة التأييد الأميركي للتبريرات التي تسوقها إسرائيل لإقدامها على انتهاك وقف النار. وعندما يمنح ترامب نفسه ووزير خارجيته ماركو روبيو "حق الرد" لإسرائيل، على غرار ما حصل في 28 تشرين الأول، بقتل مئة فلسطيني في مقابل مقتل جندي إسرائيلي، وبإغلاق المعابر أمام المساعدات، تصبح الخطة الأميركية على المحكّ وليس وقف النار الذي لا يُعتبر وقفاً للنار إذا كان من جانب واحد فقط.
نبض