عدم الانتقال إلى المرحلة الثانية من خطة ترامب يحوّل "الخط الأصفر" في غزة حدوداً دائمة لإسرائيل
بعد أكثر من 15 يوماً على دخول وقف النار في غزة حيّز التنفيذ، بموجب الخطة الأميركية لـ"اليوم التالي"، ثمة خشية من تراجع زخم الجهود الدولية الرامية إلى الانتقال إلى المرحلة الثانية من الخطة، التي من دونها قد يتحوّل خط وقف النار الحالي إلى حدود دائمة.
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي وافق على وقف النار تحت ضغط من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لا يُبدي حماساً للانتقال إلى المرحلة الثانية، ويجعل من مسألة إعادة جثث الأسرى الإسرائيليين المتبقّين في غزة سيفاً مصلَتاً على الهدنة الموقتة، ويقيم منها الذريعة بأن "حماس" قد أخلّت بالتزاماتها، وعليه يتعيّن العودة إلى القتال، ولو تدريجياً. وينعكس ذلك في مقتل 20 فلسطينياً على الأقل يومياً بنيران الجيش الإسرائيلي، بحجّة تجاوزهم "الخط الأصفر"، الذي لا تزال إسرائيل تحتل ضمن حدوده 53 في المئة من القطاع.
التملّص التدريجي من وقف النار ومن الضغط الأميركي، يتبدّى أيضاً في مسعى نتنياهو إلى التأكيد بأن إسرائيل لا تزال "دولة مستقلة"، وبأنها هي صاحبة قرارها الأمني، وبأنها هي التي تقرّر من سيشارك في قوة الاستقرار الدولية التي يُفترض أن تتولى الأمن في القطاع بعد تخلّي "حماس" عن سلاحها وانسحاب إسرائيل أكثر إلى مناطق محاذية للحدود. يشدّد نتنياهو على ذلك، كي يردّ عنه الاتهامات التي يوجّهها إليه معارضوه وبعض وسائل الإعلام الخارجة عن سيطرته، بأنه حوّل إسرائيل إلى الولاية الأميركية الـ51.
ومن جهة ثانية، يضغط الوزيران المتشدّدان إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش على نتنياهو كي لا ينفّذ انسحابات أخرى من غزة، مما يعني تحوّل "الخط الأصفر" إلى حدود جديدة لإسرائيل، ومنع 2.1 مليون فلسطيني يعيشون في ظروف كارثية في مساحة تقلّ عن نصف القطاع.

وكتبت صحيفة "الغارديان" البريطانية أن المراسل العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية يوآف زيتون توقّع أن يتحوّل "الخط الأصفر" إلى "حاجز مرتفع ومعقّد من شأنه تقليص مساحة غزة، وتكبير مساحة النقب الغربي، بما يتيح بناء مستوطنات إسرائيلية هناك".
ووصف رئيس المجموعة الدولية للاجئين جيريمي كونينديك هذا الوضع بأنه عبارة "عن ضمّ زاحف بالأمر الواقع لغزة".
ويناور نتنياهو في مساحة الغموض التي تكتنف بعض بنود الخطة الأميركية في مرحلتها الثانية، ويراهن في الوقت نفسه على أن إدارة ترامب لا بدّ أن تفقد في وقت ما اهتمامها بملف غزة. وعندها سيكون في متسع إسرائيل التحكّم بوقف النار بالطريقة التي تناسبها، هذا إذا لم تُستأنف الحرب.
لكن الطريقة التي تعامل بها ترامب إزاء نتنياهو في الأسابيع الأخيرة، تدلّ على أن الأيام التي كان الإسرائيليون يعتقدون أن الرئيس الأميركي يعمل لديهم، قد فقدت صدقيتها إلى حدّ كبير.
هذا ما يُستشفّ من قول جاريد كوشنر، صهر ترامب، في مقابلة تلفزيونية في 20 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، إنّ الرئيس الأميركي "شعر وكأن الإسرائيليين قد فقدوا السيطرة على أنفسهم من خلال أفعالهم... وأن الوقت حان لوقفهم عن الإقدام على أمور لا تصبّ في مصلحتهم على المدى الطويل".
نبض