"مستقبل الاستثمار"... ديبلوماسيّة سعوديّة بأدوات اقتصاديّة!

كتاب النهار 27-10-2025 | 05:07

"مستقبل الاستثمار"... ديبلوماسيّة سعوديّة بأدوات اقتصاديّة!

المبادرة التي باتت وجهة سنوية، لم تعد تجمع المستثمرين بحثاً عن فرص مالية وحسب، بل أصبحت منصة للنقاشات الحيوية أيضاً،
"مستقبل الاستثمار"... ديبلوماسيّة سعوديّة بأدوات اقتصاديّة!
من المنتدى السابق
Smaller Bigger

تستضيف الرياض النسخة التاسعة من "مبادرة مستقبل الاستثمار" بين 27 تشرين الأول/أكتوبر الجاري و30 منه، في لحظة تتجاوز الطابع الاقتصادي التقليدي إلى فضاء تتقاطع فيه السياسة بالمال والشراكات العابرة للحدود في الصناعات المتقدمة وتكنولوجيا المستقبل. 
المبادرة التي باتت وجهة سنوية، لم تعد تجمع المستثمرين بحثاً عن فرص مالية وحسب، بل أصبحت منصة للنقاشات الحيوية أيضاً، ولإعادة تعريف العلاقة بين رأس المال والديبلوماسية الفاعلة والمتعددة الأبعاد في عالم تتغيرُ فيه موازين التأثير من السلاح الكلاسيكي إلى الذكاء الاصطناعي، ومن القوة الصلبة إلى النفوذ الناعم القائم على العلم، والاستفادة من كل ذلك في التأثير الأوسع على الدول والشعوب!
منذ انطلاقها عام 2017 تطورت "المبادرة" من مؤتمر استثماري أرادت من خلاله السعودية تعريف العالم بـ"رؤية المملكة 2030" إلى ساحة يتفاعل فيها صانعو القرار ورؤساء الحكومات ومديرو الصناديق السيادية، مع المفكرين والخبراء والإعلاميين؛ تناقش فيها القضايا الراهنة، وتعقد الصفقات الكبرى. فخلال ثماني سنوات قارب حجم الاستثمارات نحو 200 مليار دولار، وهو مبلغ يشير إلى ثقة المستثمرين، وحجم المشاركين في "المبادرة".
 السعودية اليوم بالتأكيد يهمها أن تجذب المزيد من الاستثمارات لتشارك في بناء المشاريع الضخمة، في "نيوم" و"القدية" و"البحر الأحمر" و"الدرعية" وسواها؛ ولكنها في الوقت ذاته  تنظر إلى هذا الحدث بوصفه نقطة التقاء بين القوى الاقتصادية والسياسية الأكثر تأثيراً، بغية أن تصنع تكاملاً بين التنمية والديبلوماسية والأمن، لتشكل واقعاً أكثر استقراراً في الشرق الأوسط، وتحد من الآثار السلبية للنزاعات والحروب.
هذه الديناميكية تعكس جوهر "الرؤية" التي لا تنظر إلى الاقتصاد كغاية تنموية فقط، بل كأداة سيادية لتثبيت موقع المملكة في المشهد الدولي والإقليمي، وكأداة مهمة للتعاون بين الدول، والدفع بأن يكون حجر زاوية في شراكات عملية تستبدل بالصراع التنافس الإيجابي والتفاهمات المبنية على المصالح المشتركة.
النسخة التاسعة من "مبادرة منتدى الاستثمار" تُعقد تحت شعار "مفتاح الازدهار"، وبحسب الرئيس التنفيذي لـ"المبادرة" ريتشارد أتياس، سيشارك أكثر من عشرين قائداً دولياً في المؤتمر، وهو حضور له رسائله في هذا التوقيت، وتحديداً تزامنه مع بدء تطبيق مبادرة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لوقف الحرب في قطاع غزة، والنقاشات حول المرحلة التالية وإعادة الإعمار.
في هذا الإطار تقدم "المبادرة" نموذجاً عملياً لما يمكن تسميته "الديبلوماسية الاقتصادية السعودية" التي تعمل على  استخدام رأس المال لخلق مصالح متداخلة تقلل احتمالات الصدام، وتعزز منطق التعاون بدل الاستقطابات الحادة التي عانتها المنطقة ولا تزال منذ عقود.
بهذا المعنى، لا تمثل المبادرة احتفالاً بـ"الثروة" أو تجمعاً لنخبة من أصحاب رؤوس الأموال الضخمة يسعون من خلالها إلى مراكمة أرباحهم، بل اختباراً لنموذج جديد من القوة غير الخشنة. نموذج يرى أن النفوذ الحقيقي يُقاس بقدرة الدول على جمع المختلفين حول طاولة واحدة، لا بفرض إرادتها عليهم، ودفع الجميع نحو التفكير في المصالح البينية ونقاط الالتقاء، وتجاوز الخلافات الهامشية التي استنزفت الحكومات في خصومات ومواجهات كلفت المليارات من الدولارات، كان بالإمكان الاستفادة منها في مشاريع التنمية وتحقيق ما تطمح له الشعوب من رفاه اقتصادي وتقدم علمي!
 أيضاً، هنالك جانب محلي لا يمكن إغفاله، فمن خلال هذا المسار تسعى السعودية إلى الدفع بالجيل الجديد من الشباب، والكفاءات الصاعدة، إلى لقاء أصحاب الخبرات، والاستماع إلى التجارب المتعددة، بما يفيدهم في إتقان المشاريع التي يعملون عليها، لأن تجارب الشعوب عندما يتمعن فيها الجيل الجديد، تشكل لهم مصدراً للتحفيز، وتخرجهم من التفكير المحدود، وهذا ما تريده الرياض!


الأكثر قراءة

لبنان 10/25/2025 8:33:00 PM
وُلد حمدان في 19 كانون الثاني (يناير) عام 1944، في قرية عين عنوب، قضاء الشوف في لبنان.
لبنان 10/26/2025 5:22:00 PM
اعتداء إسرائيلي جديد في جنوب لبنان...
ايران 10/26/2025 6:06:00 PM
 المسؤول هو سردار عمار، القيادي البارز في الحرس الثوري الإيراني ورئيس "الفيلق 11 ألف" التابع لفيلق القدس بقيادة إسماعيل قاآني