كتاب النهار
27-10-2025 | 05:04
إسرائيل تسدّ "اتفاق غزّة" وواشنطن تسترضيها
فانس ليس مناوئاً لإسرائيل، لكنه يمثل الجناح الأكثر شوفينية في تيار "ماغا" الترامبي ولا يحبذ الاستمرار في انفاق الأموال على المغامرات الإسرائيلية.
يتجمع النازحون الفلسطينيون حول شاحنة لتلقي إمدادات المساعدات التي دخلت غزة في الصباح في مخيم النصيرات للاجئين في وسط قطاع غزة. (أ ف ب)
"اتفاق غزة" في خطر، وسيبقى كذلك، ما دامت واشنطن لا تستطيع ضبط السلوك الإسرائيلي. لن تعود الحرب إلى وتيرتها السابقة، لكن إسرائيل توصّلت، عبر عشرات الانتهاكات، إلى فرض حالٍ من الاعتداءات الدائمة وتسعى إلى تثبيتها، وجمّدت عملياً تطبيق الاتفاق فلم ترسل وفداً إلى القاهرة للبدء بمفاوضات المرحلة التالية، كما لم تسمح بفتح معبر رفح الوحيد الذي يمكن أن يحدث انفراجاً حقيقياً في وصول المساعدات إلى سكان غزّة.
وعلى رغم صدور الرأي القانوني في دور الأمم المتحدة ووكالة "الأونروا"، وضرورة تسهيل مهمتهما في إدخال المساعدات بلا معوقات، فإن إسرائيل استمرت في استبعاد هذه الوكالة التي كان قطاع غزّة يعوّل على دورها الحيوي في مختلف المجالات الحياتية. حتى أن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو كرّر الاتهام الإسرائيلي لـ"الاونروا" بأنها "تابعة لـحماس، ولا دور لها في مستقبل غزّة"، بل تحدّث عن بدائل تتمثّل بعشر وكالات أخرى، ومن الواضح أنه لا يدرك حجم الأضرار المستقبلية التي تحملها اتهاماته.
بدأ الأسبوع الثاني لتطبيق "اتفاق غزّة" بحملة جوية تباهى بنيامين نتنياهو بأنها ألقت 153 طناً من القنابل فوق القطاع، تحديداً فوق رفح وشملت أيضاً مناطق عدّة، بعد حادث قُتل فيه ضابط وجندي إسرائيليان، وتبرّأت منه "حماس" و"كتائب القسّام"، وقد اتهمتهما إسرائيل ولم تتهمهما واشنطن، إذ بات لديها مركز لمراقبة وقف النار. كان ذلك نموذجاً مبكراً لوقائع ستأتي، لذا سارع المبعوثان الخاصّان ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر إلى مصدر المتاعب التي استشعرها البيت الأبيض، أي إلى إسرائيل التي لم تستوعب بعد أن الحرب انتهت، وبقرار ليس منها. ثم وصل نائب الرئيس جي دي فانس، وما أن غادر حتى حطّت طائرة روبيو. لم يكن ممكناً ترك نتنياهو وزمرته يعبثان بـ"خطة ترامب" ويعملان على إفشالها.
فانس ليس مناوئاً لإسرائيل، لكنه يمثل الجناح الأكثر شوفينية في تيار "ماغا" الترامبي ولا يحبذ الاستمرار في إنفاق الأموال على المغامرات الإسرائيلية. ومع أنه استُقبل بحفاوة وقابلها بدفق التهديدات والتحذيرات لـ"حماس"، إلا أن محادثاته مع الإسرائيليين ظلت عقيمة. ثم جاء التصويت التمهيدي في الكنيست على قانون لـ"فرض السيادة" على الضفة الغربية، أي لإعادة احتلالها وضمّ أراضيها، ودان فانس هذا التحرك "الغبي"، كما وصفه، واعتبره "إهانة شخصية"، بل أعلن أن "سياسة ترامب لا تسمح بضمّ الضفة". لا بدّ من أن فانس تذكّر أن إسرائيل وجّهت إهانة مماثلة إلى نائب رئيس أميركي آخر هو جو بايدن، الذي زارها عام 2010 وتوصل إلى تفاهم مع نتنياهو على وقف التوسّع الاستيطاني لإحياء المفاوضات مع الفلسطينيين، وما إن غادر حتى أعلن نتنياهو مشروعاً كبيراً لبناء مستوطنات.
في الأثناء نُشرت مقابلة لترامب مع مجلة "تايم"، وفيها يقول إن إسرائيل "ستخسر دعم الولايات المتحدة إذا ضمّت الضفة". لكن ترامب كان يراهن على براغماتية وزير خارجيته ونتائج مهمته، فكلمة السرّ في الإدارة حالياً هي "نجاح خطة ترامب". طوال مسيرته السياسية، حافظ روبيو على خط صهيوني واضح، فهو يدعم إسرائيل بتفانٍ شبه عقائدي. وفي المحادثات أبدى استياء واشنطن من "مفاجآت إسرائيل" وعدم تسامحها في تقويض الاتفاق، لكنه جاء لترميم التفاهم معها عارضاً تنازلات.
بعضٌ من هذه التنازلات اتضح، مثل إطاحة مشاركة تركيا في القوة الدولية رغم أنها إحدى الدول الضامنة والموقعة على الاتفاق، ومنح إسرائيل "حق النقض" ضد دول أخرى لا "ترتاح" اإليها، وقد تتضح أكثر في صيغة القرار الأممي الخاص بانتداب القوة الدولية إلى غزّة. أما البعض الآخر فكُتم لكنه سيظهر حتماً خلال تطبيق الاتفاق، وقد يكون أهمها تسويغ الانتهاكات الإسرائيلية (كما في لبنان) بمواصلة القتل اليومي، وكذلك تضييق الحصار وتقييد المساعدات الغذائية (لا لحوم ولا دجاج بل معلبات) وحتى المستلزمات الطبية ومواد الايواء الشتوية، وبالطبع اشتراط فرض وجودها على معبر رفح للسماح بفتحه... وكل ذلك بذريعة الضغط لاستعادة جثامين الرهائن الذين قتلتهم طائراتها.
إذا اتفقت واشنطن مع إسرائيل على التلاعب بطريقة تطبيق الاتفاق بمعزل عن الأطراف الأخرى، فهذا سيعني أنهما في صدد إدخال تعديلات على هذا الاتفاق. أكثر من ذلك، سيعني أن واشنطن ترتضي إفساد الاتفاق ليصبح ملائماً لإسرائيل. لكن الأخيرة لن تكتفي بما تحصّله من تنازلات، وستفرض شروط احتلالٍ يُفترض أن الاتفاق يحرمها منه. فبعدما وضعت "فيتو" على تركيا قد تبتزّ "قوة الاستقرار الدولية" وتتدخّل في مهمتها، لأنها تعارض أصلاً أي وجود دولي على أرضٍ تحت سيطرتها. ولديها كل الذرائع التي لا تستطيع واشنطن ممانعتها: جثامين قد لا يُعثر عليها، ضرورة استخدام القوة في نزع سلاح "حماس"، إغلاق الأنفاق بإشرافها، التحكم بالمعابر والمماطلة بسحب قواتها...
العلامات الدالة
الأكثر قراءة
لبنان
10/25/2025 8:33:00 PM
وُلد حمدان في 19 كانون الثاني (يناير) عام 1944، في قرية عين عنوب، قضاء الشوف في لبنان.
لبنان
10/26/2025 5:22:00 PM
اعتداء إسرائيلي جديد في جنوب لبنان...
ايران
10/26/2025 6:06:00 PM
المسؤول هو سردار عمار، القيادي البارز في الحرس الثوري الإيراني ورئيس "الفيلق 11 ألف" التابع لفيلق القدس بقيادة إسماعيل قاآني
العالم
10/26/2025 5:00:00 PM
إليكم 5 أخبار بارزة حتى الساعة الخامسة بتوقيت بيروت...
نبض