فانس في مواجهة تعقيدات وقف النار في غزة والعبور إلى المرحلة الثانية من خطة ترامب

لا يعرف عن نائب الرئيس الأميركي جي. دي. فانس شغفه بالقضايا الدولية، وهو يعتبر قائد تيار الانعزال في الولايات المتحدة، إلى درجة اعتباره الحرب الروسية - الأوكرانية شأناً أوروبياً، وتالياً لا يتعين على أميركا الاستمرار في توفير الحماية للقارة مما تراها تهديدات روسية.
الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بإيفاده فانس إلى الشرق الأوسط، يزج به في خضم أعقد صراعات العالم وأقدمها. تجربة فانس مع المنطقة لم تكن مشجعة، عندما شارك في حرب العراق جندياً، وعارضها بقوة عندما صار سياسياً.
يضم فانس جهوده إلى جهود جاريد كوشنر، صهر ترامب، والمبعوث الخاص ستيف ويتكوف، لتثبيت وقف نار هش في غزة، وتلمس السبل الكفيلة الانتقال إلى المرحلة الثانية من الخطة الأميركية، التي من شأنها وحدها أن تضمن الهدوء في غزة وتشكل نهاية فعلية للحرب.
وانطلاقاً من الإدراك الأميركي أن وقف النار سيبقى عرضة للانتهاكات من هنا وهناك، فإن الذهاب مباشرة إلى المرحلة الثانية من الخطة الأميركية وحده الضامن للهدوء المستدام.
وتشكل هذه المرحلة اختباراً حقيقياً لمدى النجاح الذي سيحرزه ترامب في تحقيق "السلام الأبدي" الذي تحدث عنه عشية جولته في الشرق الأوسط في 13 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري.
ثمة نقاط في المرحلة الثانية لا تقبل بها إسرائيل وكذلك "حماس". إسرائيل تريد بموجبها أن تلقي الحركة سلاحها وألا تكون جزءاً من السلطة الانتقالية التي ستدير القطاع، بدعم من قوة استقرار دولية وبإشراف "مجلس السلام" برئاسة ترامب. والحركة التي وافقت على الخطة الأميركية تتحفظ عن البنود المتعلقة بإلقاء سلاحها، وتطالب بأن يقود فلسطينيون السلطة الانتقالية. وهذا ما يبحثه وفد "حماس" برئاسة خليل الحية في القاهرة هذه الأيام.
وأخذاً في الاعتبار هذه التعقيدات، لا يلزم ترامب "حماس" جدولاً زمنياً محدداً كي تتخلى عن السلاح، وإن كرر دائماً التهديد باللجوء إلى القوة لإرغامها على فعل ذلك.
بعد 12 يوماً على وقف النار، لا شيء يوحي البتة أن الطريق ممهد أمام الانتقال إلى المرحلة الثانية. فلا مؤشرات إلى أن السلطة الانتقالية في طريقها إلى التشكل قريباً، وكذلك الأمر بالنسبة إلى قوة الاستقرار الدولية، التي يفترض أن تتولى الأمن في القطاع بديلاً من إسرائيل و"حماس".
مهمة فانس وكوشنر وويتكوف تقف أمام هذا التحدي، بينما لا يجد التفهم الأميركي للظروف الصعبة أمام تثبيت وقف النار تجاوباً دائماً من الجانب الإسرائيلي.
والاثنين، كرر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام الكنيست أن الحرب لم تنته بعد، ليس في غزة فحسب وإنما على "الجبهات السبع". ومع ذلك، فهو يقول إنه متفق مع ترامب على إبرام اتفاقات سلام مع مزيد من الدول العربية.
قد لا يكون من مصلحة إسرائيل أو "حماس" الذهاب الى خطوات تهدد بنسف كامل لوقف النار والعودة إلى الحرب. الحركة فقدت ورقة الأسرى الإسرائيليين، التي يمكن أن تستخدمها رافعة لمنع اندلاع جولة جديدة من القتال، بينما نتنياهو لا يريد أن يظهر بمظهر المتحدي لترامب وخطته.
بين هذا وذاك، لن تكون هناك عودة إلى حرب شاملة ولا تحقيق لـ"السلام الأبدي"، وفق ما خلصت مجلة "الإيكونوميست" البريطانية.